توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستباحة عنوان المنطقة

  مصر اليوم -

الاستباحة عنوان المنطقة

بقلم - سامح فوزي

واحدة من أبرز نتائج ما أطلق عليه «الربيع العربى» هو ارتفاع وتيرة التدخلات الخارجية فى المنطقة العربية. بالطبع لم يحدث يوما أن كانت هذه المنطقة المنكوبة فى العالم بعيدة عن التدخلات الخارجية، فهى ذات موقع استراتيجى وثروات ومطامع استعمارية، ولكن فى السنوات السبع الأخيرة جرى استباحة هذه المنطقة على نحو غير مسبوق، ليس هذا فحسب، بل إن مفهوم التدخل الخارجى لم يعد موضع إجماع من جانب الدول العربية، والتدخلات التى كان يتم الترحيب بها فى السابق على استحياء، أصبحت مرحب بها علنيا فى مشهد غريب.

تقدم ليبيا وسوريا والعراق نماذج للتدخل الخارجى الذى اختلف شكله ومساراته، لكن نتائجه واحدة هى تمزيق المجتمعات، ولم يتحقق أى هدف من الأهداف التى استخدمت لتبرير أو تسويغ التدخل الخارجى، وفى مقدمتها الديمقراطية.

هناك نماذج أخرى لدول تدخلت قوى إقليمية فى شئونها، وخاضت حروبا على أرضيها بصورة سافرة أو أقل سفورا مثل اليمن وسوريا ولبنان.

هناك نموذج دولة «قطر» الذى تريد أن تنفض عن كاهلها محدوديتها الجغرافية والسياسية، وتسعى إلى التدخل فى الشئون الداخلية لدول المنطقة شرقا وغربا مستندة إلى فقط فوائض مالية دون أن تكون لديها أى من مقومات القوة سواء الخشنة أو الناعمة فى الشئون الخارجية.

نحن نعيش فى منطقة أصبحت «مستباحة»، بمعنى من المعانى، سواء بفعل قوى داخلية أو خارجية، وهناك بالتأكيد أسباب أدت إلى ما نحن عليه، لا أختزلها فقط فى «المؤامرة الخارجية»، التى هى بالفعل حاضرة، ولكن أيضا إلى الاستبداد الداخلى، وغياب المشاركة والديمقراطية، وعدم وعى القوى السياسية، وانتهازية بعضها، وتحولها إلى أدوات فى أيدى القوى التى تريد أن تعبث بهذه المنطقة، وتعيد تشكلها تبعا لمصالحها.

حالة مؤسفة أن يتحول قرار المنطقة برمتها إلى خارجها، حدث ذلك فى السابق، ولكن ليس بهذه الدرجة من السفور والتدخل الفج والتبريرات التى تصاحبه.

ما يحدث فى سوريا الآن يلخص مأساة هذه المنطقة برمتها. نظام بالتأكيد لا يتمتع بشرعية ديمقراطية يواجه قوى مسلحة اختلفت أشكالها، وتدخلت دول كثيرة فى دعمها، شرقا وغربا، وأصبح هذا البلد المهم فى المحيط العربى أرضا مستباحة من قوى دولية وإقليمية، ولم يعد لديها مقومات البقاء بهذه الصورة. كل طرف يشجب التدخل الذى لا يأتى على هواه، رغم أن ما يحدث منذ سنوات يصنف تحت بند التدخل الخارجى. هناك من رحب بالتدخل الروسى وشجب الأمريكى، وهناك من انتقد التدخل الخليجى وغض الطرف عن الإيرانى والتركى، إلخ.

غياب الاتفاق على المفاهيم أدى إلى فوضى متعددة الأرجاء فى المنطقة، وغاية ما تحلم به شعوب هذه الدول هو أن تحافظ على أوطانها غير ممزق، وحدودها غير منتهكة، وبنيتها الداخلية غير ممزقة، هذه أهداف سامية فى وقت صارت الاستباحة هى عنوان أساسى فى المنطقة، ولكن مرة أخرى لن يتحقق ذلك ويصان إلا بالمشاركة، وتطبيق القانون، والمساواة بين المواطنين، ومحاربة الفساد، والركون إلى مبادئ العدالة.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستباحة عنوان المنطقة الاستباحة عنوان المنطقة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon