توقيت القاهرة المحلي 10:44:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأعراض الجانبية للسياسة الأميركية

  مصر اليوم -

الأعراض الجانبية للسياسة الأميركية

بقلم: حمد الماجد

من حق الرئيس ترمب أن يصور تراجعه عن إشعال الحرب مع إيران على أنه حرب نفسية تهيئ إيران لاتفاقية نووية تحوي بنوداً موجعة لم تكن لتقبلها لولا التهديدات الترمبية، كما أن من حق الرئيس الأميركي تصوير هذه التهديدات والتراجع على أنها تكتيكات كر وفر، وإقدام وإحجام، أو إقناع الرأي العام أن «الحنية» تغشت قلب الإدارة الأميركية فأقلقها احتمال سقوط ضحايا، لكن ما لا يدركه بعض الساسة هو تقدير الكلفة الباهظة لهذا «الاستعراض السياسي» أو ما يمكن أن نطلق عليه الأعراض الجانبية للقرارات السياسية.
القرارات السياسية في الغالب علاجية، وكل علاج له أعراض جانبية، وهذا أمر طبيعي حتى في قرارات الحياة الاعتيادية للأفراد والمجتمعات، لكن الخطورة، كل الخطورة، حين تغلب آثار الأعراض الجانبية فتحدث خللاً أشد ضرراً وخطورة من الحالة المرضية المراد علاجها، فقرار ترمب التراجع عن قرار الحرب ضد نظام إيران، الذي لم يصدقه أقل الناس وعياً بألاعيب السياسة وتفكير الساسة، ترك أعراضاً جانبية صبت في صالح النظام الطائفي التوسعي الديكتاتوري في إيران. أخطر هذه الأعراض الجانبية أن هذا التراجع الأميركي خلق شعوراً لدى النظام الفاشي الإيراني بأنه قوي مهيب وعصي على الاجتثاث، وهذه في حد ذاتها تركت أثراً على ثقتها بالإبقاء على مكتسبات تمددها ونفوذها السياسي والعسكري والآيديولوجي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ثم إكمال طموحها التوسعي الموصوف بأنه بلا سقف، كما أن ارتباك الإدارة الأميركية في التعامل مع الملف الإيراني وعدم تنفيذ تهديداتها جعل التهديدات الأميركية مكشوفة بل ربما مثار تندر البعض، فالرئيس الأميركي أوباما، سلف ترمب، مارس لعبة تهديدات «الجعجعة بلا طحين» ضد نظام الأسد الذي أهلك حرث الشعب السوري ونسله وفتك وشرد الملايين دون أن يطلق رصاصة واحدة على رأس الأفعى، وواصل الرئيس ترمب اللعبة نفسها مع فنزويلا، وحين جاء الدور على إيران تحول شك الرأي العام في التهديدات الأميركية للنظام الإيراني إلى موجة من التندر.
وقل الشيء ذاته عن الأعراض الجانبية للتعامل بالحديد والنار لتسوية الأزمة الليبية، فإن اعتماد الحل العسكري لتقويض حكومة الوفاق في طرابلس أوجد مناخاً لتفريخ الجماعات المتطرفة وتعزيز قوتها ونفوذها، بل إن المحاولات العسكرية المتكررة لقوات المشير حفتر للسيطرة على طرابلس، علاوة على أنه لم يحقق كل غاياته، فإنه أسهم في توحيد جبهات القتال للميليشيات المتطرفة، الأمر الذي جعل قوات المشير حفتر تنسحب من مدينة غريان القريبة من طرابلس.
وهكذا كان تعامل بعض الأنظمة العسكرية في منطقتنا في الستينات من القرن الماضي مع عدد من الحركات الإسلامية بالسجن والإعدامات، فإنه وإن بدا أنه حل جذري لإنهاء وجودها واستئصال شأفتها، فهو لم يقضِ عليها، بل كانت له أعراض جانبية خطرة، حيث وفر بيئة ولدت فيها جماعات التشدد والعنف والتكفير لتتكاثر وتتمدد على صورة «القاعدة» ثم «داعش» إلى بقية المجموعات الإرهابية التي رأيناها تتكاثر كالجراد في العراق وسوريا وسيناء والصومال واليمن وأفغانستان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأعراض الجانبية للسياسة الأميركية الأعراض الجانبية للسياسة الأميركية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon