توقيت القاهرة المحلي 23:53:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العرب في الإعلام الإسرائيلي

  مصر اليوم -

العرب في الإعلام الإسرائيلي

بقلم - أسعد تلحمي

غني عن التعريف الدور المناط بوسائل إعلام في دولة تتبنى النظام الديموقراطي أو تدعيه بأن تعرض لقرائها ومشاهديها ومستمعيها صورة كاملة عن أوضاع المجتمع ككل، خصوصاً قضايا الفئات الضعيفة اجتماعياً واقتصادياً، بما فيها الأقليات داخل الدولة.

حق الجمهور في المعرفة هو حق أساسي مشتق من حرية التعبير، وهذا الحق يعني أن يتلقى الجمهور المعلومات من وسائل الإعلام من دون تدخل السلطة في مضامينها.

ومن وظائف الإعلام أيضاً، هكذا نظرياً على الأقل، أن يكون موضوعياً لا أحادي الاتجاه.

أسوق هذه المقدمة حيال ما يعانيه المجتمع العربي في الداخل من تجاهل متعمد ومن وسائل الإعلام العبرية على مر السنوات، من دون أن يحصل تغيير مرجو أيضاً من وسائل الإعلام المملوكة لأفراد، وليس فقط الرسمية– الحكومية.

منذ فترة أخذت ثلاث جمعيات إسرائيلية ناشطة في المجال الإعلامي على عاتقها رصد التغطية الإعلامية، شهرياً للجمهور العربي الفلسطيني في وسائل الإعلام العبرية الرئيسية وهي كثيرة، لتؤكد ما ادعته قيادة هذا الجمهور منذ سنوات أن وسائل الإعلام لا تتناول قضايا المجتمع العربي المقلقة، ولا تكلف نفسها عناء استضافة شخصيات عربية، حين تبينان الظهور الإعلامي للعرب وقضاياهم لا يتجاوز اثنين أو ثلاثة في المئة، علماً أن هذا الجمهور يشكل 20 في المئة من التعداد السكاني في إسرائيل.

وتؤكد أبحاث أساتذة جامعيين في الإعلام الإسرائيلي أن التغطية النمطية للعرب في إسرائيل ما زالت على حالها منذ إقامة الدولة العبرية، وأنها تساهم في نزع الشرعية عن مطالب الجمهور العربي للمساواة المدنية والقومية.

وطبقاً للباحثين فإن التغطية الإعلامية لأخبار الأقلية العربية في إسرائيل تقوم على تجاهل شبه تام لقضاياهم الحياتية اليومية وحصرها في أخبار «سلبية» أو ما يعرف بأحداث «إخلال بالنظام» و «شغب»، فضلاً عن تبني وسائل الإعلام نمط استضافة شخصيات عربية معينة دون سواها لاعتبارها «معتدلة» وفق القاموس الإسرائيلي، كأنها تقول لجمهور المستهلكين إن الشخصيات التي لا يُسمع صوتها هي «متطرفة ومعادية للدولة». كما يشير هؤلاء إلى حقيقة أن معظم وسائل الإعلام العبرية لا تشغّل عرباً إلا في حالات نادرة على الرغم من أن الجمهور العربي يعتبر مستهلكاً لها.

ويلفت أحد الباحثين الانتباه إلى أن غالبية وسائل الإعلام المركزية لا تكتفي بمثل هذا النوع من التغطية، إنما تشارك في شكل فعلي قادة اليمين في التحريض على الجمهور العربي، خصوصاً عندما تتردى الأوضاع ألأمنية أو ي حال وقوع عملية مسلحة أو تصريح لقيادي عربي لا تستسيغه آذان القيادة الإسرائيلية.

تبنت وسائل الإعلام السياسية الرسمية الإسرائيلية التي رأت في العقدين الأولين للدولة الإسرائيلية في العرب الذين لم يهربوا أو يهجَّروا من وطنهم «طابوراً خامساً أو «أعداء للدولة». ولم تتبدل الحال كثيراً بل اشتدت وطأتها في العقدين الأخيرين مع اتساع النفوذ اليميني في الشارع الإسرائيلي، وتبني أحزاب متطرفة برامج عنصرية تقوم على إرغام العرب بإعلان الولاء للدولة اليهودية، مثلاً أو مشروع «التبادل السكاني» أي ترحيل فلسطينيي منطقة المثلث إلى الدولة الفلسطينية العتيدة للتخلص من 300 ألف عرب وأكثر. وقد باتت مثل هذه المسائل والطروحات، منذ سنوات، موضع سجال ونقاش علني في برامج متلفزة وإذاعية.

ويساهم هذا التوجه لدى الإعلام الإسرائيلي في تعزيز سياسة الحكومات المتعاقبة القائمة على إقصاء الآخر عن السجال العام، «الآخر العربي» فضلاً عن مساهمته في تأجيج مشاعر العداء الكامنة لدى اليهود تجاه «الطابور الخامس العربي».

لن تتبدل نظرة الإسرائيليين المعادية للعرب الموجودين بين ظهرانيهم طالما لا تغير وسائل الإعلام الرئيسية ذات النفوذ القوي في الشارع الإسرائيلي نهجها وتوجهها، ولا يكفي أن تقوم صحيفة «هآرتس» بالدور وحدها. ثمة ضرورة لوقف التغطية أحادية التوجه تجاه العرب والدفع بتوجه آخر يقتلع التفكير السلبي عن الأقلية العربية، لكن لا يبدو الأمر واقعياً على الأقل في المستقبل المنظور حيال تفشي العنصرية والتطرف القومي اليهودي في ظل أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ إسرائيل.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب في الإعلام الإسرائيلي العرب في الإعلام الإسرائيلي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 02:17 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

التعبير عن الاحتياجات بذكاء تواصلي مع شريكك دون انتقاد

GMT 03:54 2018 الإثنين ,25 حزيران / يونيو

إرادة ألا تكون على الهامش

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

مقتل المرء بين فكّيه

GMT 18:50 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

سرقة نجمة لبنانية مشهورة من قبل مساعدها وتلجأ إلى القضاء

GMT 08:40 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل عملي لغسل الستائر في المنزل بسهولة وفعالية

GMT 17:32 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يحدد خريطة توزيع 52 ألف تذكرة لمواجهة العين الإماراتي

GMT 17:40 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

الطلاق التعسفي

GMT 09:24 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

تأجيل موعد مباراة إنبي والإسماعيلي ساعتين

GMT 13:17 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خبير مصري يكشف عن مقترح إثيوبي بشان سد النهضة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt