توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنفيذ العلنى لعقوبة الإعدام

  مصر اليوم -

التنفيذ العلنى لعقوبة الإعدام

بقلم - أحمد عبد الظاهر

فى مقالنا المنشور يوم الثلاثاء الموافق الثامن والعشرين من يونيو الماضى، تم إلقاء الضوء على المطالبات الشعبية بضرورة إنزال عقوبة الإعدام على محمد عادل، المتهم بقتل الطالبة نيرة أشرف، وتنفيذ هذه العقوبة علانية، جزاءً وفاقاً على بشاعة جريمته، حيث قام بذبح المجنى عليها ونحرها، بطريقة وحشية، على رؤوس الأشهاد، أمام أسوار جامعة المنصورة، وتحت سمع وبصر الكثير من الطلاب والطالبات من زملاء وزميلات الطالبة القتيلة وغيرهم ممن تصادف مرورهم فى مكان ارتكاب الواقعة.

والواقع أن الموضوع اكتسب زخماً كبيراً بما ورد فى حيثيات حكم محكمة جنايات المنصورة بالإعدام على المتهم، حيث تقول: «والمَحكمةُ فى نهاية حُكمها، تُنَوه بمناسبة هذه الدعوى، بأنه لمَّا كان قد شَاعَ فى المُجتمع -مُؤخراً- ذبحُ الضحايا بغَير ذَنبٍ جَهاراً نهاراً، والمَهووسُونَ بالمِيديا يَبثُّون الجُرمَ على المَلأ فيرتاع الآمنونَ خَوفاً وهَلعاً، وما يَلبَث المُجتمع أن يُفجَعْ بمثلِ ذاتِ الجُرم من جديد، فمِن هذا المُنطلَقِ، ألَمْ يأنِ للمُشرع أنْ يَجعلَ تنفيذ العقابِ بالحَق مَشهوداً، مِثلما الدمُ المَسفوحُ بغير الحَقِّ صَار مَشهوداً. الأمر الذى مَعه تُهيبُ المَحكمةُ بالمشرع، أنْ يَتَناولَ بالتعديلِ نَصَ المادةِ الخامسةِ والستين، من قانونِ تنظيمِ مَراكز الإصلاح والتأهيل المُجتمَعى المُنظمةِ لتنفيذِ عُقوبةِ الإعدام؛ لِتُجيزَ إذاعةَ تنفيذ أحكام الإعدام مُصَورةً على الهواءِ، ولو فى جُزءٍ يَسيرٍ من بَدءِ إجراءاتِ هذا التنفيذ، فقد يكونُ فى ذلكَ ما يُحَققُ الرَّدعَ العامَ المُبتَغَى الذى لم يَتحَقق -بَعد- بإذاعة مَنطوق الأحكام وَحده. ﴿ويَشفِ صُدورَ قومٍ مُؤمنين ويُذهِبْ غيظَ قلوبهم﴾».

والعلانية قد تتحقق من خلال بث تنفيذ أحكام الإعدام على شاشات التليفزيون، وقد تتحقق بواسطة تنفيذ حكم الإعدام فى مكان عام والسماح لجمهور المواطنين بالحضور. وإذا كانت نصوص التشريعات السارية حالياً لا تسمح بتنفيذ أحكام الإعدام فى مكان عام، فإن هذه النصوص تخول للنيابة العامة أن تأذن لبعض الأشخاص بالحضور، ويمكن أن يكون أهل المجنى عليها من بينهم. وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن بعض الولايات الأمريكية تعرف البث التليفزيونى لأحكام الإعدام. ويمكن أن يجد القارئ العزيز الكثير من القنوات على «يوتيوب»، حيث يمكن مشاهدة تنفيذ أحكام الإعدام. بل إن بعض القنوات تعرض المحاولات الفاشلة لتنفيذ هذه العقوبة. وثمة مؤلف شهير فى هذا الشأن، وعنوانه هو «مشاهد مروّعة: عمليات الإعدام الفاشلة وعقوبة الإعدام فى أمريكا»، للبروفيسور «أوستن سارات» (Austin Sarat)، وهو عميد مشارك للكلية وأستاذ الفقه والعلوم السياسية فى ويليام نيلسون كرومويل فى كلية أمهيرست.

أما فى أركنساس وبعض الولايات الأمريكية الأخرى، لم يكن المسئولون مستعدين لإحضار كاميرات التليفزيون إلى غرفة الموت، ولم يطالب المواطنون ببث تنفيذ أحكام الإعدام على شاشات التليفزيون. ومع ذلك، فإن قانون الولاية يشترط أن يشهد ستة أشخاص على الأقل تنفيذ أحكام الإعدام، لضمان اتباع قوانينها وإجراءاتها. وتنظم أركنساس، مثل بقية الولايات الأخرى، الأشخاص الذين يمكنهم مشاهدة الإعدام، بحيث يمكن فقط «للمواطنين المحترمين» أن يكونوا شهوداً. وبالإضافة إلى ذلك، يشترط قانون أركنساس أن يكونوا مقيمين فى الولاية، وليست لديهم أى إدانات جنائية وأن يكونوا غير مرتبطين بالسجين المحكوم عليه بالإعدام أو الضحية فى القضية. وتوجد لدى الولايات الأخرى لوائح وبروتوكولات مختلفة لتحديد عدد الشهود الذين يجب أن يحضروا تنفيذ أحكام الإعدام والشروط الواجب توافرها فى هؤلاء الشهود. فعلى سبيل المثال، تتطلب ولاية أريزونا حضور 12 شاهداً مواطناً. وتتطلب ولايات أخرى حضور ستة شهود لا علاقة لهم بضحية الجريمة أو الجانى وليسوا أعضاء فى وسائل الإعلام. وتتطلب ولاية تينيسى حضور عمدة المقاطعة التى ارتكبت فيها الجريمة، والمستشار الروحى للمحكوم عليه، ومحامى دفاعه، والمدعى العام للولاية أو من ينوب عنه. والمفارقة فى هذا الصدد أن بعض الولايات لا تتمكن من العثور على عدد كافٍ من الأشخاص المستعدين لحضور ومشاهدة تنفيذ أحكام الإعدام.

وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن ثمة تشابهاً كبيراً بين النظام الجنائى الأنجلوساكسونى والنظام الجنائى الإسلامى. وللتدليل على ذلك فى ما يتعلق بالموضوع الذى نحن بصدده، يمكن أن نشير إلى الحكم القرآنى المقرّر بشأن تنفيذ عقوبة حد الزنى، حيث يقول الله عز وجل فى سورة النور: «وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ». وفى تفسير هذه الآية، قال الحسن البصرى يعنى علانية. وفى ما يتعلق بالهدف من هذه العلانية، قيل إن هذا فيه تنكيل للزانيين إذا جلدا بحضرة الناس، فإن ذلك يكون أبلغ فى زجرهما، وأنجع فى ردعهما، فإن فى ذلك تقريعاً وتوبيخاً وفضيحة إذا كان الناس حضوراً. قال قتادة: أمر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين، أى نفر من المسلمين، ليكون ذلك موعظة وعبرة ونكالاً. وفى المقابل، يرى بعض الفقهاء أن ليس ذلك للفضيحة، إنما ذلك ليُدعى الله تعالى لهما بالتوبة والرحمة. وفى ما يتعلق بعدد الحضور، روى عن ابن عباس أن لفظ «الطائفة» يراد به الرجل فما فوقه. وقال مجاهد: الطائفة تتسع من الرجل إلى الألف. وقال أحمد إن الطائفة تصدق على واحد. وقال عطاء بن أبى رباح: اثنان. وقال سعيد بن جبير: «طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ» يعنى رجلين فصاعداً. وقال الزهرى: ثلاثة نفر فصاعداً. وروى عن الإمام مالك والإمام الشافعى، رضى الله عنهما، أن الطائفة أربعة نفر فصاعداً، لأنه لا يكون شهادة فى الزنى دون أربعة شهداء فصاعداً. وقال ربيعة: خمسة. وقال الحسن البصرى: عشرة. وفى الختام، بقى أن نشير إلى أن القصد من هذا الطرح ليس تأييد رأى بعينه، وإنما مجرد البيان والتبيين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنفيذ العلنى لعقوبة الإعدام التنفيذ العلنى لعقوبة الإعدام



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt