توقيت القاهرة المحلي 00:00:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العرب والهند... سر العلاقة المتوازنة

  مصر اليوم -

العرب والهند سر العلاقة المتوازنة

بقلم - فـــؤاد مطـــر

عادت بي الذاكرة وأنا أتابع الزيارة الأولى لرئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى مصر عشية عيد الأضحى المبارك إلى الزيارة الأولى لرئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو قبل ثمانٍ وستين سنة إلى مصر، التي أسست لما آلت إليه هذه العلاقة من دون اهتزاز. كما عادت بي الذاكرة إلى زيارة بمستوى الاهتمام والتقدير من جانب الهند لقيها الملك سلمان بن عبد العزيز (كان زمنذاك أمير الرياض). وفي تلك الزيارة الثلاثاء 24 يناير (كانون الثاني) 2006 كان لافتاً من حيث حرص الملك سلمان بن عبد العزيز على أن يتعرف الأبناء على الهند، التي على أهبة أن تكون القارة السادسة، فاصطحب معه من الأبناء الأمراء فيصل ومحمد وتركي ونايف وبندر الذين عايشوا نوعية التكريم الهندي لوالدهم ليس فقط لجهة مستوى الدعوة وإنما عند منحه الدكتوراه الفخرية وتحديد حيثيات منحْها ومنها «أنه المعروف دولياً بأعمال الخير ورجل النزاهة والخُلق ومساهمته في دعم المؤسسات التعليمية».

في زيارته مصر يوم الأحد 25 يونيو (حزيران) 2023 حرص الرئيس الهندي على أن يكون ختام المحادثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أثمرت رفع العلاقات المتطورة اقتصادياً وصناعياً وعلْمياً ودوائياً وسياحياً والمستقرة منذ النصف الثاني من الخمسينات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، تمضية بعض الوقت في منطقة الأهرامات والتقاط الصور التذكارية، وعلى نحو ما حرصت عليه زوجة الرئيس جو بايدن قبل ثلاثة أسابيع عندما زارت هي الأُخرى القاهرة بعد مشاركتها في الزفاف المبهر لولي عهد الأردن الأمير حسين بن عبد الله بن حسين بن عبد الله، تمضية فسحة سياحية في منطقة الأهرامات، وغادرت مصر بمجموعة من اللقطات لها إلى جوار آثار تاريخ عريق تفتقده الولايات المتحدة.

كانت زيارة البانديت نهرو إلى مصر بمثابة وضْع حجر الأساس ليس فقط على صعيد العلاقات بمختلف مجالاتها بين دولتيْن، وإنما بدت بمثابة انصهار زعامتيْن في قالب واحد وتمثَّل ذلك في أن جمال عبد الناصر، التواق إلى دور يتجاوز مصر ويضعه في لائحة الزعامات الفاعلة في السياسات الإقليمية والأبعد من ذلك، وجد ما يتطلع إليه في نهرو الذي كان هو الآخر مسكوناً بالتطلعات نفسها. ولقد اكتشف الاثنان ما يدور في الخاطر عندما اقتبس عبد الناصر صيغة اللقاء الأول الذي على متن طرَّاد في البحيرات المرة (قناة السويس) منتصف فبراير (شباط) 1945 بين رمز شأن الولايات المتحدة في الأربعينات الرئيس (اﻟ32) فرانكلين روزفلت ورمز تأسيس الدولة التي أمست حاضراً الرمز الواعد للشأن العربي في القرار الإقليمي والدولي الملك عبد العزيز. ومثلما كان عائداً من اللقاء في الطراد الراسي على مياه القناة التي شكَّل تأميم عبد الناصر لها مجداً لم يكتمل على نحو ما يصبو إليه، وضْع بداية خريطة مسيرة علاقات متوازنة ومستقرة بين بلاد العم سام ومملكة عبد العزيز وإن أساء بعض أبناء العم تفسير جوهر روحيتها وبالذات إدارة الابن الحالي الرئيس جو بايدن، فإن محادثات عبد الناصر - نهرو التي أرادها الرئيس المصري أن تتم على متن باخرة تنساب فوق مياه النيل الذي لا تموجات فيه وتتجه نحو ضاحية القناطر الخيرية التي طالما رسم فيها ملامح بعض خطواته، وحذا في استراحتها الرئاسية الرئيس الخلَف أنور السادات حذو السلف الراحل ومن بينها صياغة قرار إبهات العلاقة بالتدرج مع الاتحاد السوفياتي بدءاً من إلغاء المعاهدة التي هو نفسه وقَّع عليها.

وفي الساعات التي أمضاها الاثنان في لقائهما الذي كان اقتباساً للقاء الملك عبد العزيز - فرانكلين روزفلت، تم التفاهم على أن تكون سياسة عدم الانحياز قضية كل منهما والسعي لإشراك زعامات من آسيا وأفريقيا صمدت لبعض الوقت قبل أن ينال منها وإلى درجة الافتراس كبار الشأن العالمي وبالذات الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

خلاصة القول إن العلاقة المتوازنة مع رموز الدول ذات التأثير الدولي والحضور الإقليمي وعلى سبيل المثال هنا العلاقة العربية - الهندية المتوازنة تتحقق برموزها. هذا ما نعيشه في الجيل الثالث من الرؤساء في مصر عبد الفتاح السيسي بعد الرئيسيْن الراحليْن أنور السادات وحسني مبارك بعد الجيل الأول برمزه البعيد النظر جمال عبد الناصر. وهذا ما عشناه في العلاقة السعودية - الهندية التي قرأت الهند في تكريمها للملك عبد الله بن عبد العزيز (رحمة الله عليه) الذي زارها عام 2006 ضمن جولة آسيوية ثم للملك سلمان بن عبد العزيز أن العالم العربي على موعد مع حقبته في عهده تكون فيها المملكة رمز ريادات على المستويين الإقليمي والدولي. ومثل هذه الريادات يأخذ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وباستحضار دائم من جانبه لمكانة خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبد العزيز على عاتق إنجاز رؤاه التطويرية. وهذا ضمن المفاهيم التي ترى أن المسؤولية أمانة، وأن الاستقرار هو ما يحقق العلاقة المتوازنة ويجعلها راسخة. ودليلنا على ذلك النموذج العربي - الهندي الذي ثباته هو في السير دائماً على الصراط المستقيم... صراط التوازن. عسى ولعل بعض الساهين من محترفي سياسة التدخل في شؤون الآخرين أن يأخذوا ذلك في الاعتبار... فيهتدوا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب والهند سر العلاقة المتوازنة العرب والهند سر العلاقة المتوازنة



GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

عند الأفق المسدود فى غزة!

GMT 08:35 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

من رأس البر!

GMT 00:03 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 00:03 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon