توقيت القاهرة المحلي 18:05:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تأملات في الليل الحزبي... وشمس الطمأنينة

  مصر اليوم -

تأملات في الليل الحزبي وشمس الطمأنينة

بقلم - فـــؤاد مطـــر

ونحن نتأمل في القرار الذي اتخذه الرئيس رجب طيب إردوغان يوم الجمعة 9 مايو (أيار) 2023 وقضى بتعيين الخبيرة الاقتصادية الشابة (مواليد إسطنبول 1982) حفيظة غاية أركان رئيسةً لـ«البنك المركزي»؛ وذلك بهدف انتشال الليرة التركية من وهدة قاسية يكابد الشعب التركي تأثيراتها منذ أن ضرب الزلزال ضربته الماحقة، نشعر ببعض الأسى لما يعيشه البنك المركزي اللبناني منذ ثلاث سنوات، وكيف أن أسوأ الكلام والإهانات رماها مسؤولون وقطاعات حزبية على رئيسه رياض سلامة زادت تفاعلات ووصلت إلى حد أن هذا المسؤول المالي الحساس بات برسم المطاردة والمحاكمة والتحقيقات الدولية معه وبات ممنوعاً من مغادرة بلده، فضلاً عن مصادرة جواز سفره الفرنسي برسم التعليق. كما أن رئيس البنك المركزي هذا يواظب في عرينه المالي المسوَّر والذي حفلت جدرانه بكتابات مهينة لشخصه وبعضها يتجاوز الشتائم.

في تركيا صراعات سياسية وحزبية على مدّ الساحة العريضة وأشد ضراوة من الصراعات التي يشهدها لبنان، لكن الفرق بين السلوك السياسي والحزبي التركي وبين نظيره اللبناني أنهم في تركيا حريصون على وطنهم واستقرار مؤسساتهم الدستورية والمالية، وأهمها رئاسة الدولة ورئاسة البنك المركزي في حين نراهم في لبنان على درجة عالية من الاستهانة بالرئاستيْن، وإلاّ فما معنى التسويف في حسم أمر الاستحقاق المتعلق بممارسة واجب انتخاب رئيس للجمهورية وارتضاء فراغ طويل للكرسي الرئاسي من دون جالس عليه. وما معنى التهجم الممنهج وعلى قاعدة السوء بالرئاسة الأُخرى التي استقرارها من استقرار البلاد وطمأنينة العباد.

مناسبة هذا الكلام أن رئيس البنك المركزي اللبناني رياض سلامة الذي سيغادر المنصب مجللاً بالاتهامات غير المحسوم أمر أحقيتها حتى إشعار آخر كما حال الاتهامات التي تربك تطلعات دونالد ترمب لخوض غمار رئاسة الولايات المتحدة، كان مؤهلاً لكي يكون الأوفر حظاً لترؤس الجمهورية على نحو ما حصل مع إلياس سركيس (الراحل) الذي حرص في سنوات ترؤسه البنك المركزي أن يبقى في منأى عن الغرق في جشع المال ما دام يطَّلع بحكم مسؤولياته على ما تحويه التقارير التي تُرفع إليه من الإدارات المختصة في البنك المركزي من مليارات العملات، بدءاً بالدولار والليرة ومن ألوف السبائك الذهبية التي تشكِّل الدعم والاستقرار والطمأنينة للوطن والشعب.

ما عاشه لبنان مع جنرالات ترأسوا، بالتوالي إميل لحود وميشال سليمان وميشال عون، مع ملاحظة أن الأخير لم يتم ترئيسه بصفته قائداً للجيش انتقالاً من قيادة الجيش إلى رئاسة الجمهورية، وإنما بصفته رئيس حزب عارض النظام السوري إلى أن احتضنه هذا النظام من خلال التفاف «حزب الله» و«حركة أمل»، أي «الثنائي الشيعي» حوله واضطرار الثنائي الآخر في شخص رئيس الحكومة (زمنذاك) سعد الدين رفيق الحريري ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلى التسليم بترؤسه الجمهورية. وتلك مرحلة امتزجت فيها المبدئيات بالضغوط بالرهانات، وأثمرت عوائدها خيبة شاملة ووضعاً بالغ التعقيد في الممارسة السياسية أوصلت لبنان الشعب والدولة إلى أنه بات في مهب التحديات التي لا تنتج رئاسة تضع الوطن على الصراط المستقيم، ولا تنقذ اقتصاداً بات على شفير الانهيار، ولا شعور لدى الناس بأن ثمة بصيص أمل في أن الليل الحزبي والحركي والتياري والقواتي وما يستأويه من مئات الأحزاب الصغيرة والمعلبة وذات مشاعر طائفية ولا تخدم الوطن في شيء. ولولا هذا الحرص المستجَد - كما لم يُلاحظ من قبل في العلاقة بين دولتيْن - من جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والحفاوة السياسية العفوية والصادقة بولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لكانت ظلمة الليل اللبناني ستزداد سواداً. ولكن القمة السعودية - الفرنسية بدّدت الكثير من تلك الظلمة ورسمت ملامح تفاؤل للبنان الذي يزداد ضموراً في شتى المناحي، ومنها الخشية من أن ينتهي العسف بأصول منصب الرئاسة، بأنه على موعد بما قد يبعث التفاؤل بالخير مع انحسار متدرج للمماطلة وتصحيح الشوائب التي طُليت ودمغت بها سمعة البنك المركزي، وذلك باختيار من لا يضعف أمام كنز المال وبريق سبائك الذهب. ونقول إن القمة السعودية - الفرنسية يوم الجمعة 16 يونيو (حزيران) 2023 التي تلت القمة بين البطريرك الراعي والرئيس ماكرون تشكل البلسم للمحنة التي يعيشها لبنان الوطن والشعب... عدا الأكثرية من أهل السياسة والأحزاب والتيارات والحركات الذين عن ممارسة الواجب الوطني ساهون.

ولهذه التأملات في واقع الحال بقية كلام وإطلالات ومقاربات حول الليل الحزبي والتفاؤل بشمس الطمأنينة المُرجأ عن سابق تصميم إلى حين استنفاد الغرض. وكان الله في عون شعب يجازى ووطن لا يستحق مثل هذه الاستهانة به.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات في الليل الحزبي وشمس الطمأنينة تأملات في الليل الحزبي وشمس الطمأنينة



GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

عند الأفق المسدود فى غزة!

GMT 08:35 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

من رأس البر!

GMT 00:03 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 00:03 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 17:12 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

بدلات كلاسيكية مميّزة للرجل لمختلف المناسبات

GMT 14:37 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 03:18 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

هند براشد تكشف عن مجموعة تصميماتها لصيف 2017

GMT 14:28 2022 الخميس ,25 آب / أغسطس

صورة البروفايل ودلالاتها

GMT 06:57 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة رانيا يوسف تنعي الفنان هيثم أحمد زكي

GMT 07:13 2018 الأحد ,01 إبريل / نيسان

سيلينا غوميز تخطف الأنظار بإطلالتها المميزة

GMT 11:54 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد في مواجهة قوية أمام الأسيوطي في كأس مصر

GMT 12:13 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ميدو يؤكّد أنّ مدبولي وقّع لدجلة قبل الانتقال إلى الزمالك

GMT 03:31 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

توقعات ماغي فرح لبرج الأفعى الصيني للعام 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon