توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جيش مصر يعيد صناعة التاريخ

  مصر اليوم -

جيش مصر يعيد صناعة التاريخ

بقلم - د. طه عبد العليم

 ثقتى فى انتصار حرب سيناء 2018 على الإرهاب- المدعوم بقوى دولية واقليمية- استمدها من إعادة زيارة تاريخ الأمة المصرية؛ التى لم تتمتع أمة فى العالم بالاستقلال كما تمتعت به نحو ثلاثة أرباع تاريخها الألفى المديد، بفضل تضحيات جيشها وشعبها عبر العصور!! وكان الدفاع عن سيناء ركنا أساسيا فى الدفاع عن مصر منذ فجر التاريخ، ونقرأ لبريستد فى فجر الضمير: إنه فى أحد الأودية المهجورة بسيناء تواجهك صورة فرعون طويل القامة نقشت فوق واجهة جدار الصخر، وقد ظل الفرعون واقفاً هناك منذ القرن 34 قبل الميلاد!! ويوضح سليم حسن أن المقصود هو الملك سمرخت أحد ملوك الأسرة الثانية المصرية القديمة، مُمثَلاً فى أقدم الآثار التاريخية فى العالم، وهو واقف بسلاحه شاهراً إياه؛ بما يُشعِر أنه على وشك تحطيم جمجمة أحد الأسرى الآسيويين الغزاة، وقد أرغمه على أن يجثو على ركبتيه أمامه!!

وأسجل، أولا، أنه كما جعل النيل المصريين صناع الحضارة، فإن موقع مصر قد جعلهم شعبا محاربا مقاتلا، كما أوجز جمال حمدان. فجند مصر فى فجر التاريخ المكتوب، وبعد تداعى اتحاد مصر الأول انطلاقا من الدلتا، نجحوا فى تأسيس أول دولة مركزية موحدة فى التاريخ وتكوين وحماية وحدة الأمة المصرية انطلاقا من الصعيد بقيادة مينا/نارمر مع بداية عصر الأسرات، وأسسوا أول مجتمع عظيم مؤلف من عدة ملايين يحكمهم ملك واحد!! وشن جنود مصر بقيادة ملوكها حملات ردع ظافرة ضد ما سمى بالأقواس التسعة أعداء الدولة القديمة. ويبين سليم حسن أنه عند توحيد مصر كان يتم التجنيد من مقاطعات مصر؛ وكان يقود جند كل مقاطعة حاكمها لمساعدة الملك وقت الحرب. وفى الأسرة الثالثة تحت حكم الملك زوسر حكم البلاد، بدأ تأسيس جيش وطنى ثابت ومنظم، نهض بمهمة كبح جماح أى عصيان أو ثورة داخلية تهدد وحدة الدولة، وبقى أهم ما عنى به هو حماية حدودها، التى قُسِمت الحدود المعرضة لخطر الغزو إلى مناطق سُمِيت أبواب المملكة، وبُنِيت حصونٌ ووضِعت حاميةٌ فى كل منها.

وثانيا، أن جيش مصر خاض أول حركة تحرر وطنى ظافرة فى التاريخ، ودحر بقيادة أحمس الأول- بَدْءًا من طيبة المحررة- الرعاة الهكسوس غزاة الدولة الوسطي. وأسس جيش مصر وأسطولها بقيادة تحتمس الثالث أول امبراطورية ثابتة الأركان فى التاريخ؛ جعلت السيادة المصرية لا ينازعها منازع امتدت من الجزر الإغريقية وسواحل آسيا الصغرى ومرتفعات أعالى نهر الفرات شمالاً إلى الشلال الرابع لنهر النيل جنوباً فى الدولة الحديثة. وأجبر رمسيس الثانى عدوه ملك خيتا القوية وحلفاءه إلى طلب الصلح وإبرام معاهدة، تعد أقدم معاهدة للسلام فى تاريخ العالم، وتدل شروطها على أن مصر كانت صاحبة اليد الطولى فى إملاء فقراتها. ثم انتصر جيش مصر بقيادة رمسيس الثالث على غزو شعوب البحر الأرقى تسليحا وتجهيزا وردتهم، ونازل أسطولها أسطول العدو فى أول معركة بحرية مصورة عرفت فى تاريخ العالم. وبعد تحرير مصر من حكم الأسرة الليبية المتمصرة, حين غفل حكام مصر فاعتمدوا على المرتزقة منهم وسرحوا الجيش الوطنى خوفا على سلطتهم! ثم الأسرة الكوشية القادمة من شمال وشرق السودان، والتى أغواها كهنة آمون بفتح مصر انتصاراً لعقيدة آمون القويمة!! دحر جنود مصر غزاة العالم الجدد من الآشوريين ثم الفرس.

وثالثا، أنه مع نهاية دولها الفرعونية قبل المصريون بحكم البطالمة حين أعلنوا- منذ فتح الاسكندر مصر- انتسابهم الى عقيدة آمون المصرية القديمة. وسجلت الفرقة المصرية بانتصارها فى معركة رفح- حين استعان بها البطالمة لصد محاولة غزو مصر- أن روح العسكرية المصرية المجيدة الكامنة لم تنطفيء جذوتها. وفى التاريخ الوسيط عانت مصر ويلات الاستعمار الروماني/ البيزنطى فقاومته بقيادة كنيستها الوطنية، ثم عانت وطأة الاستعمار العثمانى فلم تنقطع هبات مصر ضده وحلفائه المماليك بقيادة علماء الأزهر. وحين قبل المصريون بحكامهم الأجانب- لمجرد كونهم مسلمين بعد الفتح الاسلامي- كانت مصر مركز الامبراطوريات الفاطمية والأيوبية والمملوكية مترامية الأطراف، وهيمنت على تجارة البحرين المتوسط ثم الأحمر. حتى فى الفترات التى احتكر فيها الأجانب السلاح، كانت حروب مصر وانتصاراتها فى الداخل والخارج تتم بجيش جسمه الأساسى من المصريين كما سجل صبحى وحيدة. واستند رد الغزو الصليبى والتترى بقيادة الأيوبى وبيبرس وقطز الى قدرات وقوات مصر بالأساس. وفى قرون تفكيك الجيش الوطنى المصرى يسجل جمال حمدان أنه تحت كل استعمار شهدت مصر حركات عصيان وثورات وتمردات مسلحة؛ كثيراً ما أجبرت الإمبراطور المستعمر إلى القدوم بنفسه لإخمادها، دون جدوى غالباً، وأحياناً ما كان الحاكم المحلى يقتل فيها أو يطرد طرداً، فضلاً عن انتزاع إمارات مستقلة يقتطعها التحرير الوطني.

ورابعا، وفى العصر الحديث، بعد طرد الحملة الفرنسية بفضل ثورات المصريين قبل أى شيء، ألقت المقاومة الوطنية بحملة فريزر البريطانية فى البحر. وكان جنود وضباط مصر صناع انتصارات الحملات الخارجية والتوسعات الامبراطورية، التى مكنت محمد على من الاستقلال بمصر عن الخلافة العثمانية. وبعد خيانة الخديوى توفيق للجيش لدحر الثورة العرابية، تمكنت بريطانيا من احتلال مصر؛ فكانت ثورة 1919 ضد الاحتلال وانتزاعها استقلالا منقوصا باستمرار قاعدة قناة السويس، ثم عمليات الفدائيين ضد القوات البريطانية بالقاعدة لاخراجها من مصر. ثم كانت ثورة 23 يوليو بطلائعها من القوات المسلحة وبزعامة عبد الناصر، فأنهت الاحتلال البريطاني؛ ودحرت العدوان الثلاثي، وقادت حركة التحرر الوطني، العربية والافريقية. وبحرب الاستنزاف هزمت القوات المصرية المسلحة هزيمة 1967 ثم حررت سيناء بعبورها العظيم قبل أى شيء. وبعد الانتصار لارادة الشعب صانع ثورة 25 يناير، كان انحياز الجيش بقيادة السيسى الى الشعب فى 3 يوليو 2013 عنوان انتصار ثورة فى 30 يونيو، والاطاحة بحكم الفاشية التكفيرية والإرهابية. وبحرب مصر الشاملة 2018 يعيد جيش مصر صناعة التاريخ، وسيدحر عناصر الإرهاب المسلحة فى سيناء، التى يبقى شرط الانتصار المؤزر عليها باقتلاع الجذور الفكرية لتنظيمات الفاشية التكفيرية والارهابية.


نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيش مصر يعيد صناعة التاريخ جيش مصر يعيد صناعة التاريخ



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon