توقيت القاهرة المحلي 05:30:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا و«الإخوان» بين الاحتواء والمواجهة

  مصر اليوم -

أميركا و«الإخوان» بين الاحتواء والمواجهة

بقلم - منير أديب

علاقة الولايات المتحدة الأميركية بحركة «الإخوان المسلمين» قديمة قدم نشأتها في نهاية عشرينات القرن الماضي. هذه العلاقة بدأت مع الرئيس الأميركي دوايت آيزنهاور، ولكنها أخذت شكل الاحتواء تارة ومحاولة الاستفادة من الشعبية التي نجح التنظيم الذي قاده حسن البنا، في خدمة مصالح الأميركيين في منطقة الشرق الأوسط تارة أخرى.

لم تتغير سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه «الإخوان» حديثاً، وإذا كان ثمة تغيير فإنه في صالح «الجماعة» الصاعدة، بخاصة أن نفوذ الولايات المتحدة الأميركية كان في مرحلة صعود هو الآخر، تلاقت الأهداف بين «الأميركان» و «الإخوان»، بخاصة أن «الجماعة» هي التجمع السياسي الأول في المنطقة العربية التي كانت تمارس من خلاله الولايات المتحدة ضغوطاً على الأنظمة الحاكمة بعد التحرر من الاستعمار.

كانت «الجماعة» أداة في يد الأميركيين منذ النشأة الأولى، ولعبت الدور ذاته مع بدايات العقد الثاني من الألفية الثانية وتحديداً مع ما عرف بالربيع العربي، فكانت أداة لنشر الفوضى وتهديد الدعائم المستقرة للدول القومية في المنطقة، فلعبت «الجماعة» ذات الدور في مصر وليبيا واليمن وسورية، وتطابقت رؤية «التنظيم» مع المشروع الأميركي القائم على نشر الفوضى وتفتيت المنطقة.

دعمت السفارة الأميركية في القاهرة جماعة «الإخوان المسلمين» ودافعت عن مصالحها ونددت بمحاكمة قادتها بعد قيام ثورة 30 حزيران (يونيو) عام 2013، وظلت الولايات المتحدة من خلال سفارتها تمارس ضغوطاً على النظام السياسي في مصر بهدف عودة «الإخوان» إلى السلطة مرة أخرى، غير أن إرادة الشعب انتصرت في النهاية ورضخ «الإخوان» فخرجت «الجماعة» تنتقد الموقف الأميركي الذي كانت تعول كثيراً عليه.

الولايات المتحدة الأميركية ترى مصلحتها مع «الإخوان المسلمين» وعموم الحركة الإسلامية التي تضم أطيافاً كثيرة من التنظيمات، وكانت الحاجة ماسة اليها في العام 1979 عندما دعمت ما أطلق عليهم بـــ «المجاهدين العرب» بالسلاح بهدف قتال الاتحاد السوفياتي وتفتيت الإمبراطورية التي كانت تقاسم الولايات المتحدة النفوذ.

دعمت الولايات المتحدة هؤلاء المقاتلين بالمال والسلاح لهدف سياسي، وسقطت روسيا في هذه الحرب وكان ذلك بداية إعلان تنظيم «قاعدة الجهاد»، وظلت على دعمه بشكل خفي لتحقيق مصالح أخرى في منطقة الشرق الأوسط. بعد أن وضعت الحرب أوزارها أصبح تنظيم «قاعدة الجهاد» شوكة في خصر الوطن العربي، حيث عاد هؤلاء المقاتلون من حيث أتوا وأشعلوا الأرض من تحتهم نارًا، وهو ما حسم من رصيد الأنظمة السياسية واستقرارها وظل «التنظيم» ورقة في يد الأميركيين لنشر الفوضى، كما كانت جماعة «الإخوان المسلمين» ورقة في يدهم منذ بداية نشأتها.

طالعنا بعض وسائل الإعلام مؤخراً باجتماع لجنة الأمن القومي في الكونغرس الأميركي في الحادي عشر من شهر تموز (يوليو) لبحث خطر «الإخوان المسلمين»، وكانت المناقشات تدور حول تهديد الأمن القومي الأميركي وأن «التنظيم» تبنى العنف منذ نشأته، وأنه ما زال يمارسه من خلال بعض الأذرع العسكرية التابعة له.

في الحقيقة، جلسة البرلمان الأميركي لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة إزاء العلاقة الممتدة بين الولايات المتحدة من جانب وحركة «الإخوان المسلمين» من جانب آخر، ولكن هناك تفاصيل في هذه العلاقة تستلزم الضغط على «الجماعة» من أجل تحقيق مصالح أكثر، ولعل هذا يكشف السر وراء رفض الولايات المتحدة تسمية «الإخوان» جماعة إرهابية واعترافها بالأذرع العسكرية، ممثلة في حركتي «سواعد مصر.. حسم» و «لواء الثورة» ومعهم «المقاومة الشعبية»، غير أن «الجماعة» مارست عنفاً من خلال دعم تنظيمات أكثر تطرفاً، مثل «القاعدة» و «داعش»، ومثلت حاضنة لتنظيمات العنف والتطرف في مصر وخارجها.

التعليق فقط ليس على عدم وجود إرادة لدى الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة جماعات العنف والتمرد والتطرف، و «الإخوان» على قائمة هذه التنظيمات، وإنما في دعم هذه التنظيمات من أجل تحقيق مصالح سياسية ضيقة، ولعل هذا السلوك المشين للولايات المتحدة الأميركية وراء نمو وتطور التنظيمات المتطرفة حتى أصبحت خطراً يُهدد الإنسانية وليس دولة بعينها.

نعتقد أن السلوك الأميركي في التعامل مع جماعة «الإخوان المسلمين» يؤكد شكل العلاقة مستقبلاً، وأنها سوف تظل على شكلها الاحتوائي الداعم ولن تكون هناك مواجهة عاجلاً أو أجلاً طالما أن الطرف الأميركي يسعى إلى تحقيق مصالحه على حساب الأمن القومي الإنساني، وإذا ظلت العلاقة على هذا النمط فسوف نظل نحرث في الماء دون مواجهة حقيقية للإرهاب، بخاصة أن «الإخوان» يمثلون رأسه وقاعدته.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا و«الإخوان» بين الاحتواء والمواجهة أميركا و«الإخوان» بين الاحتواء والمواجهة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات

GMT 17:36 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

الصين تعلن تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 12:34 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon