توقيت القاهرة المحلي 10:11:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عفواً، لم تَعُد «الإجابة تونس»!!

  مصر اليوم -

عفواً، لم تَعُد «الإجابة تونس»

بقلم - جمال طه

حزب «نداء تونس» الذى أسسه الباجى قائد السبسى رئيس الجمهورية، تلقى هزيمة كبرى فى انتخابات البلديات مايو 2018، فقد المركز الأول فى الاستحقاق الانتخابى، وتراجع إلى الثالث، تقلصت قاعدته الانتخابية إلى 375 ألف صوت «21% من إجمالى الأصوات»، بعدما كانت نحو 1٫275 مليون فى تشريعية 2014، أى خسر ثلثى مؤيديه فى ثلاث سنوات ونصف.. «حركة النهضة» حصلت على 29% من الأصوات، وحلت فى المرتبة الثانية بعد المستقلين، الذين حصلوا على 580 ألف صوت بنسبة 33%.. أصوات «النهضة» أيضاً فى تراجع مستمر؛ حصلت على 1.5 مليون صوت فى انتخابات 2011، ثم 900 ألف 2014، و510 آلاف مايو 2018، والسبب عزوف الناخبين عن التصويت، نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية، وفقدان الثقة فى النظام والأحزاب على حد سواء.. القاعدة الانتخابية التى ينبغى أن يحذر منها الجميع، أنه كلما تراجعت نسبة المشاركة فى الانتخابات زادت فرصة الإخوان فى الكسب، لأن الالتزام الحزبى لديهم مرتفع، ولن يتخلف عضو عن التصويت.. المهم، انتهت عملية تنصيب المجالس البلدية بترؤس «النهضة» لقرابة 40% منها، و«النداء» 25%.. الفرص السياسية للإخوان تتزايد، بينما تتقلص فرص «نداء تونس»، وهو ما يمكن أن ينعكس على نتيجة الانتخابات التشريعية المقررة فى أكتوبر 2019، وقد يغرى التنظيم بدفع مرشح لرئاسية نوفمبر 2019.. النظام السياسى التونسى يتعرض لمخاطر بالغة.

النظام السياسى أدرك أن وجود الإخوان بالحكومة مكنها من الاختراق العميق لمؤسسات الدولة، وعزز قدرتها فى التأثير على الرأى العام، الذى تقبل مشروعيتها كقوة سياسية رئيسية على الساحة، بكل ما يفرزه ذلك من سلبيات، تونس استبقت مصر فى كل مراحل الفوضى، حتى إن قطاعاً واسعاً من المحللين السياسيين فى مصر ظل يتابع الموقف لسنوات، وهو يبحث عن إجابات تونسية للتعامل مع إشكاليات مصرية، «الإجابة تونس»، وهذا أعطى للتوانسة حالة من الثقة، قام الغرب بتذكيتها، لأنها تعبر عن الصيغة التى حاول فرضها فى التعايش والمشاركة مع الإخوان فى الحكم.. عمق الأزمة السياسية فى تونس يعتبر نتيجة طبيعية لتلك التركيبة السياسية الفاسدة، لأن الإخوان دأبوا على تحويل المشاركة إلى مغالبة.

السبسى انتبه متأخراً، وقرر إنهاء شراكتة مع «النهضة» التى بدأت منذ 2014، ودعا فى 28 أكتوبر إلى تشكيل حكومة ائتلافية تضم «الطيف الديمقراطى التقدمى والمستقلين»، لكن ذلك أدى إلى تفجير الأزمة التى تفاقمت عبر الأشهر الماضية، بين نجله حافظ قائد السبسى المدير التنفيذى لحركة «نداء تونس»، ويوسف الشاهد رئيس الحكومة، حيث تبادلا الاتهامات بالإضرار بالحزب ومصالحه، وبدأت نوبة من استقالات نواب الحزب فى البرلمان، وانضمامهم إلى كتلة الائتلاف الوطنى التى تتكون فى غالبيتها من نواب مستقيلين من الحزب، يدعمون مع حركة النهضة بقاء الشاهد فى الحكم، حتى أصبحت كتلة «نداء تونس» تمتلك 51 نائباً فقط، وهو ما يعنى استحالة توفير النصاب اللازم لسحب الثقة من حكومة الشاهد، أو تزكية حكومة جديدة، وفى المقابل يمكن لحركة النهضة الكتلة الأولى (68 مقعداً) وكتلة الائتلاف الوطنى (39) ومشروع تونس (12) تشكيل حكومة جديدة لامتلاكهم 119 مقعداً من مجموع 217 مقعداً.

نواب المعارضة فى البرلمان استغلوا الأزمة، فتحوا الملفات، وقاموا بالتحرك، وأثناء مساءلتهم هشام الفوراتى وزیر الداخلیة بشأن تسريبات ووثائق جديدة، تتعلق بامتلاك حزب النهضة لجهاز سرى موازٍ، وأنه متورط فى اغتيال السياسيين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى 2013، وقع تفجير انتحارى نفذته امرأة منتقبة فى سيارة للشرطة أمام المسرح البلدى بتونس العاصمة 29 أكتوبر، على مقربة من مبنى وزارة الداخلية، كل الشواهد ترجح مسئولية الإخوان؛ داعش أو القاعدة لم تعلنا مسئوليتهما، نوعية المتفجرات بدائية الصنع، وكميتها محدودة، تم استغلال العنصر النسائى وذلك ليس أسلوب القاعدة، والتنفيذ يعكس ضعف مستوى تدريب العنصر الانتحارى، خلافاً لمستوى تنفيذ داعش.. الإخوان يرفعون شعار «الدم أو المشاركة»!.

الإخوان كانوا أسرع من النظام، استغلوا الخلافات بين نجل السبسى والشاهد، وشجعوا الأخير على الانشقاق عن الحزب، وتمكنوا من استقطابه، ووعدوه بتعزيز موقعه فى الحكم، ودعم نوابهم له فى البرلمان.. الشاهد أجرى تعديلاً موسعاً على حكومته، السبسى لم يوافق عليه، بحجة وجود تعديلات على القائمة بعد عرضها، لكن الغنوشى دعمه، وخرج التعديل ذكياً؛ لم يمس الوزارات السيادية تجنباً للقلق، خاطب الداخل بوزارة جديدة للوظيفة العمومية، والتونسيين فى الخارج بوزارة للهجرة والتونسيين بالخارج، وخاطب العالم الغربى، بوزارة لحقوق الإنسان والعلاقات مع الهيئات الدستورية، وسعى لاسترضائه بتعيين اليهودى رونى الطرابلسى وزيراً للسياحة.. معارضة السبسى لن تعيق إقرار البرلمان للتعديل الحكومى، نظراً لأن الشاهد يحظى بتأييد 119 نائباً من كتلة النهضة والائتلاف الوطنى ومشروع تونس، بينما يكفيه 109 أصوات.. تونس تدفع ضريبة سوء التقدير السياسى.

العملية الإرهابية التى وقعت تشكل تحدياً لأمن تونس واستقرارها، وهى ضربة شديدة لاقتصادها، بعد أن حققت زيادة بنسبة 37.8% فى الإيرادات السياحية خلال التسعة شهور الأولى من 2018 مقارنة بنظيرتها من 2017، وكانت تستعد لتنظيم مهرجان «أيام قرطاج السينمائية»، الذى يجتذب الآلاف.. النظام أياً كان من يتصدر السلطة فيه يواجه تحديات ضخمة، أبرزها عودة الاستقطاب الذى شهدته البلاد خلال عامى 2012/2013، بين حركة النهضة وحلفائها من جهة، وجبهة الإنقاذ الوطنى التى مثّل فيها «النداء» طرفاً أساسياً، ما يعنى سقوط النموذج الذى ظل الغرب يضرب به المثال ليفرض الإخوان على الأنظمة الحاكمة فى دول المنطقة خاصة مصر.. كما أن عدم الاستقرار يمثل فرصة لعودة داعش إلى ممارسة نشاطها، معتمدة على خلاياها النائمة من ناحية، والعائدين من المشرق العربى من ناحية أخرى، ما ينذر بأيام بالغة الصعوبة، على النظام، والجماهير التونسية.

تونس تخوض انتخابات تشريعية فى أكتوبر 2019، ورئاسية فى نوفمبر، «نداء تونس» يعتزم الحشد لهما على قاعدة التخويف من الإسلاميين، التطورات الأخيرة تؤكد أن الانتخابات المقبلة لن تتم على أساس برامج اجتماعية واقتصادية، بل على قاعدة أيديولوجية، تدعمها قوى دولية وإقليمية، بعضها يسعى لدعم «النهضة» بينما يضغط الآخر لتهميشها.. تونس تعدو مسرعة نحو أزمات حقيقية، وربما يؤدى عدم الاستقرار إلى تأجيل الانتخابات.

نقلًا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عفواً، لم تَعُد «الإجابة تونس» عفواً، لم تَعُد «الإجابة تونس»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon