توقيت القاهرة المحلي 04:02:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البوهيمية السياسية... أم الدولة العاقلة؟!

  مصر اليوم -

البوهيمية السياسية أم الدولة العاقلة

بقلم:يوسف الديني

مع كل موجة استهداف للمملكة العربية السعودية في الصحافة الأميركية، التي باتت العدو الأول للمؤسسات الأميركية، والشخصيات السياسية بسبب هيمنة تيار «ثقافة الاستيقاظ» (Woke Culture)، الذي يمثل مزيجاً عبثياً مما يمكن وصفه بالبوهيمية السياسية الجديدة التي نقلت أفكار اليسار من أروقة الصحافة وبعض الجامعات إلى محاولة خلقه كخطاب ضد السلطة والسائد في المجتمع الأميركي من خلال التناول المؤدلج لقضايا الأقليات والهويات الفرعية، وتضخم الفردانية، على حساب القيم والمفاهيم الأساسية الناظمة لعلاقة السلطة بالمجتمع.

انتقال هذا التيار من الصفحات الداخلية للمقالات والتحقيقات لصحف بات يملكها أثرياء يبحثون عن شرعية «السلطة الرابعة» إلى منصات التأثير في «السوشيال ميديا»، ومحاولة امتلاك تدفق «المحتوى»، والتأثير على الرأي العام عبر الخوارزميات الموجهة، ينذر بفوضى كبيرة لا يمكن السيطرة عليها، ومنها هنا نفهم موجات الاستهداف لشخصيات أميركية، ولاحقاً تيارات سياسية، وصولاً إلى دول بعينها، إلا أن مسلسل استهداف المملكة السابق لهيمنة هذا التيار وصعوده يعود أيضاً لأسباب إضافية، وهي «المحتوى التضليلي» الشعبوي الرائج عن حلفاء أميركا الأكثر تأثيراً على حياتها العامة، لا سيما فيما يتعلق بأسعار الطاقة والشركات والعلاقة المتينة مع مؤسسات الدولة الكبرى، خصوصاً الأمنية منها، التي يشعر «البوهيميون الجدد» بالحنق من استقرارها وتجذرها وعودتها دائماً إلى مسار العقلانية في أحلك الأزمات، وربما كان بيان الخارجية الأميركية التوضيحي قبل أيام ومقالات مختلفة من شخصيات مؤثرة في الإعلام، وبعضها كان على خلاف مع السعودية ونقد لها، كفريد زكريا الذي يدعو اليوم إلى الفصل بين اتجاهين أساسيين يحددان العلاقات الأميركية الدولية: خيار الآيديولوجيا أو الاستراتيجية، وحسب عبارته «إذا أرادت أميركا أن تنتصر في الصراع اليوم مع روسيا فعليها أن تفكر طويلاً في المسار الاستراتيجي لا الآيديولوجي».
الأهم بالنسبة للخليج ومحور الاعتدال بقيادة السعودية، هو أن يفكر الساسة طويلاً في مسألة هذا الانفصال بين خطاب الاستراتيجية الذي يقتضي بالضرورة احترام السيادة والشرعية، وبين خطاب الآيديولوجيا الذي يكتسح الإعلام الموجه المدفوع بالرغبة في الإثارة، والذي تحولت فيه أي مادة عن السعودية، ولو غير سياسية، ولو تعارضت مع شعارات حرية الأفراد الذي يكفلها القانون، إلى مادة محببة للمنصات الإعلامية التي باتت تفكر بشكل رغبوي وانتهازي يدعو للقرف في كثير من مخرجاته وأكاذيبه، والأمثلة كثيرة يتنزه عنها من يحترم مهنة الصحافة والقلم.
أطروحات العقلاء من الكتاب السياسيين في الولايات المتحدة هي صيحة نذير ضد ارتباك الإدارة في واشنطن تجاه فوضى المحتوى وحملات الاستهداف، وهو الذي يجب أن يقلق المعنيين في الولايات المتحدة، خصوصاً مراكز البحث والتخطيط الاستراتيجي أكثر من غيرهم.
في السعودية هذه الحملات لا تزيد هذه الموجة إلا ثباتاً وانكشافاً وعلى كل المستويات، وباتت تزيد من مناعة السعوديين ضد المحتوى التضليلي والاستهداف، لا سيما مع التصريحات العاقلة والمسؤولة التي لا تكترث بالرد قدر أنها تعمق مفهوم الدولة العاقلة، وكان من آخرها التصريح بأن كل التحولات الكبرى في السعودية التي بدأت مع رؤية 2030 إنما هي لصالح الداخل ونابعة منها، فالسعودية الجديدة اليوم ترفع شعار «التمحور حول المواطن»، وتعتبر الاستثمار في أبناء الوطن رأس مالها الحقيقي.
بيت الحكم السعودي لديه تاريخ عريق وثوابت راسخة من التقاليد السياسية التي بدأت مع المغفور له الملك عبد العزيز، الذي أكد في لقاء بروزفلت التاريخي على السيادة، وبشكل واضح «نحن لم نقع تحت احتلال أو انتداب، ولأننا مستقلون فصداقتنا حقيقية، لأن الصداقة تقوم على الاحترام المتبادل».
السيادة والشرعية ونموذج الدولة العاقلة في الأزمات والملفات الخارجية صبغت التجربة السعودية منذ انطلاقها، لا سيما التعامل مع الأزمات والمنعطفات الخطرة في تاريخ دولة تحولت إلى نموذج في تقديم فضيلة الاستقرار، وهي اليوم تقدم برؤيتها الطموحة نموذج الدولة الناجحة في التحولات التي تسابق الزمن وتطال عنان السماء.
ذات مرة قال جون كيندي، «السياسة الداخلية قد تخذلنا ليس إلا، أما السياسة الخارجية فبإمكانها قتلنا».  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البوهيمية السياسية أم الدولة العاقلة البوهيمية السياسية أم الدولة العاقلة



GMT 01:14 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

صفعة عمرو والدرع الواقي

GMT 01:00 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب غزة إلى أين؟

GMT 00:57 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

إسرائيل: «تجسد الوهم»

GMT 23:57 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

وأين القراءة؟!

GMT 23:55 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

المصرى اليوم

نانسي عجرم بإطلالة رقيقة في حفل لـ "Tiffany and co"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:15 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

محمد إمام يتعاقد على مسلسل لـ رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد إمام يتعاقد على مسلسل لـ رمضان 2025

GMT 16:18 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

سوار الحاج الذكي تقنية فريدة لتحسين رحلة الحج
  مصر اليوم - سوار الحاج الذكي تقنية فريدة لتحسين رحلة الحج

GMT 02:20 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرف على قصة الفتاة صاحبة "استغاثة الفيسبوك"

GMT 05:06 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان حكيم يكشف أنّه لا يمانع دخول ابنه مجال التمثيل

GMT 09:21 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي وكورتني كارداشيان في فستانين أنيقين

GMT 19:02 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

مباحث الآداب تفحص ٥٥ شقة مفروشة في الغردقة

GMT 15:32 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قشر البيض أهم مصادر معادن الكالسيوم والفسفور والزنك

GMT 00:02 2015 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

كيف يكون شكل الجنين في الشهر التاسع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon