توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انشقاقات داخل بيت المرشد

  مصر اليوم -

انشقاقات داخل بيت المرشد

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

كان المنتظر أن نسمع انشقاقات في «الحرس الثوري» الإيراني أو ميليشيا الباسيج، على خلفية المظاهرات المشتعلة في إيران منذ ثلاثة أشهر، وهي الأطول في تاريخ ما بعد الخميني. قد تحصل هذه الانشقاقات في مراحل متأخرة حينما يحين وقت القفز من القارب. لكن الوضع في إيران والشبكة الأمنية المحيطة بالنظام لحمايته، تختلف عن الجيوش النظامية. «الحرس الثوري» شركة تستمد ثقلها من موقعها الاقتصادي، فهي مبنية على المرابحة والتجارة حتى عبر البحار، وليست قوة عسكرية تدعمها الحكومة من ميزانيتها. هذا يعطي انطباعاً بأن كل مَن يعمل في هذه الشركة وأفرعها وكل تشكيلات المرتزقة التابعة لها منتفعون منها مالياً، مما يفسر شدة تمسكهم بالنظام وشراستهم في قمع المعارضين.
لكن ما يحصل حالياً هو انشقاقات لم تكن متوقعة، من داخل بيت المرشد نفسه، من أسرته. شقيقته بدري خامنئي وزوجها المتوفى قبل شهر، لم يكونا على ودٍّ مع سياسة خامنئي، لكن الشقيقة بدري خامنئي رفعت صوتها مؤخراً وتبرّأت من شقيقها بعد أن اعتقلوا ابنتها فريدة طهراني وصدر حكم ضدها بالسجن 15 عاماً، وعبّرت الأم عن مشاركتها التعاطف مع الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن خلال العقود الماضية بسبب استبداد النظام. الخطر لم يكن من الوالدين بل من ابنتهما؛ واحدة من الجيل الجديد، مهندسة، وناشطة حقوقية، تعني لها حرية الرأي والعدالة الاجتماعية معنى يختلف عن جيل والديها. الشباب يمتلكون طاقة الرفض، والمجابهة، والتحدي، والإصرار. هذا الشغف منطفئ نسبياً حتى لدى معارضي نظام خامنئي من جيله، المعارضين الصامتين. وهؤلاء متعددو الأطياف، ما بين معارض لخامنئي لكنه مؤمن بعقيدة الخميني، ويرى أن مَن يحكمون إيران اليوم حادوا عن الطريق الصحيح الذي رسمه الخميني، ففشلوا. ومنهم مَن آمن بأن الزمن تغير، وأن الخميني رغم مكانته الدينية لديهم لا تتناسب قناعاته القديمة مع الوقت الراهن. في كل الأحوال، هذا مؤشر سلبي ليس في صالح خامنئي، لأنه مهما تعددت أطياف المعارضين فهي في المحصلة ترفضه وترفض سياسته. هذه ليست المرة الأولى، إذ سبق لابنة الرئيس السابق فائزة هاشمي رفسنجاني أن اعتقلت بتهمة التحريض على الشغب وعلى النظام، ومع أن رفسنجاني من رموز النظام لكن تأثيره وتأثير ابنته لا يُقارنان بما يحصل مع أقارب خامنئي اليوم.
يتابع النظام زعزعة مكانته أمام الرأي العام باعتقال وإعدام شخصيات فنية ورياضية لها جماهيرية واسعة. تخيلوا مثلاً لو أن حكومة الأوروغواي أعدمت اللاعب سواريز، أو اعتقلت الحكومة البريطانية المغنية أديل، لأنهما ضد نظام بلديهما. هذا تهور يؤلب الشباب ويملأهم غضباً فوق غضبهم من تردي أحوالهم الاقتصادية وخوفهم من مستقبل مظلم. الشخصيات الرياضية والفنية في كل مجتمع، لها تأثير خطير على الشباب، ومن التهور اعتبارهم شخصيات معارضة عادية من ضمن معارضي الشارع.
لكن يظل السؤال الكبير حول مصير النظام؛ هل مطالب المعارضين واحدة؟ المطالبات تتأرجح بين رموز من الداخل تدعو إلى إصلاح النظام، وتعتقد أن هذا الأمر لا يمكن حصوله طالما كان خامنئي على قيد الحياة. ومطالبات الشارع التي تنادي بحتمية إزاحة النظام كاملاً، بل ومنهم من يستذكر مآثر النظام الملكي ويطالب بعودته. ما بين إصلاح النظام وإسقاطه فارق كبير. الإصلاح يعني بقاء المبادئ التي شرعها الخميني لكن بآليات تنفيذية مختلفة، تراعي الجانب الحقوقي، خاصة ما يتعلق بالمرأة والحريات. بمعنى، الإبقاء صورياً على إرث الخميني لكن بصورة حديثة تلبي نسبياً احتياجات الشارع وتضمن الاحتفاظ بهدوئه. هذا الاتجاه لن يعود بالضرر على هيكل النظام ولا مصالح «الحرس الثوري»، لكنه قطعاً يأكل من هيبته. إسقاط النظام يعني إزالة كاملة ليس لخامنئي فقط بل نسف أسسه، مما يعني تغيير الدستور والنظم السياسية والاجتماعية والقضائية. في هذه الحالة إما أن يكون البديل جاهزاً وإما أن تعمّ الفوضى، والأغلب أنها الفوضى. لكن ميزة الإصرار على إسقاط النظام أنها مطلب مرتفع السقف قد يدفع بالحل الأول، ويجبر رموز النظام على الإصلاح حلاً مقبولاً للجميع. هل سيقبل خامنئي ومؤسسات نظامه ورجاله المتدينون المتشددون الخضوع للشارع وتغيير سلوكهم؟
منذ عام 1979 تأسست ثقافة التشدد والقمع، أكثر من أربعة عقود تشرب جيلها هذه الثقافة وأصبحت جزءاً من هويتهم، وتفكيرهم، وكبريائهم، وليس من السهل الرضوخ للتغيير. لكن لا أحد يعلم ما ستلده الأيام، قد تضع الأقدار خيارات قليلة أمام النظام، يضطر لاختيار النجاة فوق أي اعتبارات أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انشقاقات داخل بيت المرشد انشقاقات داخل بيت المرشد



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt