توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجانب السياسي لزيارة الرئيس الصيني

  مصر اليوم -

الجانب السياسي لزيارة الرئيس الصيني

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ تاريخية بكل المفاهيم، ثاني أكبر اقتصاد في العالم جاء مع رواد الشركات الكبرى لعقد اتفاقيات مع السعودية، البلد المضيف.
السعودية يسرت للصينيين طريق الحرير، بحكم موقعها القيادي في المنطقة، بأن عقدت أهم قمتين خليجيتين وعربيتين جمعت كل الدول العربية من الخليج إلى المحيط، ليكونوا أيضاً شركاء في تنفيذ رؤية الصين الاستراتيجية «الحزام والطريق».
الرياض كما يبدو، اعتمدت هذا الأسلوب، سبق أن جمعت دول الخليج والدول العربية والإسلامية مع زيارة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب. هذا حلم ولي العهد السعودي الذي باح به سابقاً، بأن تكون منطقة الشرق الأوسط مثل أوروبا. وهذا حلم كبير لكن تحقيقه ليس مستحيلاً، لأن التغيير للأفضل يبدأ بالإرادة الحقيقية، ومما شاهدناه وتابعناه، تلهف كل الدول لتكون صديقاً تجارياً لدولة صناعية عظمى مثل الصين.
الجانب الاقتصادي واضح للجميع، فهو هدف الزيارة، وعدد الاتفاقيات كبير شمل السعودية وبقية الدول. لكن هناك رسائل سياسية مهمة ينبغي أخذها بالاعتبار مع النجاح الكبير الذي حققته الزيارة لكل الأطراف.
أولها، وأبرزها، ما جاء في البيان السعودي الصيني المشترك بعد عقد الاجتماع بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الصيني، ثم اجتماعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتوقيع عدد من الاتفاقيات في مجال عدة. البيان تضمن عبارة مهمة وهي تهنئة المملكة بنجاح انعقاد الاجتماع السنوي للحزب الوطني الشيوعي، وهو الحزب الحاكم. كان من الممكن ألا يتطرق البيان لهذا الجانب، كون السعودية صاحبة مواقف معروفة لصد المد الشيوعي في المنطقة، لكن الرياض تعمدت الإشارة إلى جهتين؛ الأولى، أن الأنظمة الحاكمة الداخلية للدول أمر سيادي خالص، حتى وإن كانت لا تتوافق معه، حتى وإن كانت حاربته في وقت ما. وهذا تغير في المفهوم السعودي للعلاقات الدولية، مبني على الجهة الثانية المهمة وهي أن احترام السيادة مرتبط بعدم تصدير الآيديولوجيا إلى خارج موطنها أياً كانت. الاتحاد السوفياتي على سبيل المثال، غزا أفغانستان عشر سنوات من أجل دعم الشيوعيين الأفغان، ولو نجحوا لكان طموحهم الوصول إلى كل الدول العربية التي تفشت فيها الأحزاب الشيوعية وقتها.
الصين اليوم قامت بما يعرف بـ«رأسملة» الاقتصاد، وانضمت لمنظمة التجارة العالمية، وأصبحت عضواً في قمة العشرين الكبار. الصين غزت العالم بلا سلاح ولا آيديولوجيا، بل بمنتجاتها. تذهب اليوم إلى أحد أشهر الأسواق في الولايات المتحدة «وول مارت» تجد البضائع الصينية في كل زاوية. المنتج الصيني ليس فقط مكتسحاً بوفرته، لكن بجودته وسعره الرمزي المتاح لكل الطبقات. هكذا قررت الصين، أن تكون دولة منافسة اقتصادياً ولا تتورط في حسابات الحروب والنزاعات. حتى الحرب الروسية الأوكرانية كان موقف بكين فيها معتدلاً. حاولت واشنطن استفزاز الصين من خلال المنطقة الرخوة في السياسة الخارجية الصينية وهي تايوان. بعثت برئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لزيارة العاصمة التايوانية تايبيه من دون سبب، ثم تكرر الاستفزاز بزيارة وفد من الكونغرس. لم تتحرك الصين، لم تعط رد فعل أكثر من تصريحات تؤكد تبعية تايوان لها.
أزمة شركة «هواوي» التي بدأت عام 2019، وعمد حينها الرئيس ترمب إلى إعلان حالة طوارئ وطنية فيما يخص التجارة مع الشركة المختصة بقطاع الاتصالات، واتهامها بأنها تعزز وجودها في الولايات المتحدة للتجسس لصالح الحكومة الصينية. لكن من الواضح أن ترمب بدأ بعد فوات الأوان، حيث كانت الشركات الأميركية، خاصة العملاقة منها مثل غوغل، قد وقعت عقوداً مع هواوي، وكان من الصعب بتر هذه العلاقة بقرار سياسي متأخر. هواوي أسست للجيل الخامس في دول الخليج، وبعض الدول الأوروبية وروسيا، وستكمل تطويرها للأجيال ما بعد الخامس، وهذا ما تخشاه واشنطن، ليست فقط المنافسة بل نية التجسس بانكشاف تقنية الاتصالات الأميركية للصينيين. هواوي نفت، لكنّ الأمريكيين تملأهم الشكوك، لكن حتى هذه الشكوك لم توقف هواوي عن تسيدها لقطاع الاتصالات في العالم. مع هذه المخاوف، وقعت السعودية مذكرة تفاهم مع هواوي في زيارة الرئيس الصيني الأخيرة، تتضمن تأسيس مدن تقنية، وتطوير الجيل الخامس للاتصالات.
المخاوف الأميركية من زيارة الرئيس الصيني، والتي شملت تلبية مصالح كل الأطراف الصينية والعربية، كلها كانت تنصب حول فكرة خيالية هي أن السعودية استبدلت الغرب بواسطة الشرق، تحديداً الولايات المتحدة بالصين. وسائل الإعلام الأميركية ذكرت ذلك بوضوح، وقارنت ما نتجت عنه زيارة الرئيس جو بايدن للرياض وزيارة شي جينبينغ، ورجحت بطبيعة الحال كفة الصين.
لكن الحقيقة أن الظروف مختلفة، والمقارنة في غير محلها، رغم تفهم المخاوف. السعودية، أصالة عن نفسها، وكل الدول العربية، لم توطد علاقتها في الصين نكاية بإدارة بايدن التي تظهر بعلاقة باهتة مع المنطقة. الرسالة الواضحة أن كل دولة تبحث عن مصالحها. واشنطن فرضت على كوبا عقوبات عزلتها عن العالم لعقود، لم يتدخل أحد، وكان القرار السياسي الأميركي خاضعاً لمراكز القوى من رجال الأعمال الكوبيين الموجودين في فلوريدا وغيرها المناهضين للرئيس الكوبي ونظامه، ولم تتحرر كوبا وترضى عنها أميركا إلا بعد أن تلاشت كل القوى السياسية بموت كاسترو ولم يتبق سوى جزيرة جميلة تحمل على ظهرها سكاناً فقراء، يستهدفهم تجار المقاولات الكوبيون الموجودون في أميركا لإعادة بنائها.
البيان السعودي الصيني المشترك، تضمن كذلك الموقف الصيني الرافض للتدخل الإيراني في المنطقة، وتأييد الشرعية اليمنية والحلول السياسية على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216. وهذا موقف سياسي مهم من الصين لأنه يمس الأمن الوطني للسعودية والمنطقة العربية.
القراءة العامة لزيارة الرئيس الصيني تشير إلى أن نظام الاستقطاب، شرقاً أو غرباً لم يعد ذا جدوى في وجود عالم متشابك في مصالحه الاقتصادية. وأهم ما سيشكل علاقة الدول ببعضها هي قدرتها على تبادل المنافع، ليس فقط البضائع، بل الأهم، وهو ما تفعله الصين، هو نقل المعرفة، نقل التقنية. الصين خلال وجودها في البلدان العربية، لا تبيع أو تصنع فحسب، بل تعلّم وتشارك اليد العاملة المحلية في كل مشاريعها.
الصين نجحت في كسب ثقة دول المنطقة لأنها اعتمدت فكرة المواءمة، والعلاقة النفعية التكاملية، وهذا عامل قوة صنع منها قصة نجاح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجانب السياسي لزيارة الرئيس الصيني الجانب السياسي لزيارة الرئيس الصيني



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt