توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرع والعقبة

  مصر اليوم -

الشرع والعقبة

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

كل ما يصل إلينا من سوريا مطمئن؛ الحكومة المؤقتة استقرت. عمدة العاصمة بدأ عمله. عاد معظم الناس لأعمالهم، والطلبة لمقاعدهم الدراسية في المدارس والجامعات. حركة البيع والشراء لا بأس بها رغم الحاجة لسد الاحتياج في سلع مهمة مثل الدقيق والحليب. سياسياً، أحمد الشرع، قائد العمليات العسكرية وصاحب القرار، سجّل مع قناة «العربية» تصريحات تشبه الأحلام، لا تعلم هل تصدقها، أو تسمعها وتستمتع بها؛ فهو يدعو الأكراد للاندماج في الدولة، واستبعد بعيداً جداً أي احتكاك مع إسرائيل رغم استفزازات الأخيرة في الجولان، ووعد بمضاعفة مرتبات الموظفين 400 في المائة والنظر في إجبارية التجنيد، ودعا لوحدة سوريا لجميع الطوائف والأعراق، ولديه ملف لخطط تنموية تغير واقع البلد المنكوب منذ عقود.

هذه الثقة التي تحدث بها الشرع جاءت بعد اجتماع مهم في العقبة الأردنية، جمع الدول العربية الفاعلة مع الولايات المتحدة وتركيا. الاجتماع سيذكره السوريون على أنه صمام الأمان الذي من خلاله سيتم تشذيب أي نيات خارجة عن خريطة الطريق التي اتفق عليها المجتمعون. كل مخاوف السوريين، وكذلك مخاوف الدول المجاورة لسوريا، أخذها الاجتماع باهتمام عالٍ، بخاصة مع التنسيق السعودي - التركي - الأميركي.

استقرار الكرد في الشمال والشمال الشرقي مهم لهم ولتركيا التي قالتها صراحة إنها ليس لها أطماع في سوريا. وهذا تصريح مهم مُلزم للجارة التي لا تزال ترى في «قوات سوريا الديمقراطية» خطراً قائماً. الأكراد أنفسهم لا يريدون النزاع ولا الاشتباك، ولا أن تكون منطقتهم مهددة، مثلهم مثل بقية السوريين ينشدون الحياة الهادئة؛ فقد أنهكتهم النزاعات والحروب وأصوات النيران والمدافع. الرابط الوحيد بينهم وبين تركيا، والذي يستطيع ضمان استقرار هذه الجغرافيا للطرفين، هو الولايات المتحدة الأميركية. واشنطن تملك أن تطمئن الأكراد والأتراك بنيات بعضهم الحسنة تجاه بعض، وأن تحافظ على الحزام المحاذي منزوع السلاح، وإلا فستبقى هذه المنطقة رخوة وقابلة للاشتعال في أي وقت. أما مستقبل الأكراد في أرضهم فهو قرار سوري صرف، سواء اتفقوا مع حكومة دمشق على حكم ذاتي أو انخراط مع بقية الأطياف.

من جهة أخرى، المتخوفون من سوريا يحكمها أحمد الشرع ورفاقه، بالنظر إلى تاريخهم المسلح وآيديولوجيتهم المتطرفة، عليهم أن يتذكروا أن الواقع فاجأ الجميع، والقبول به أسهل من مقاومته، ما دامت كل مبادرات الرجل إيجابية وحديثة توافق ما يتمناه السوريون، فهو يتحدث بلسان أحلامهم وأمانيهم، ومن الأفضل أن يتركوه يعمل، ولينظروا لهذه المرحلة مثلما حصل سابقاً مع تجربة جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، فالفرص غالباً تأتي مرة واحدة. أيضاً الحقيقة أن العمليات العسكرية التي بدأها الشرع قبل أسبوعين وانتهت سريعاً بسقوط الأسد وهروبه، ما كان لها أن تنجح لولا الضوء الأخضر الأميركي، والدعم التركي، والموقف العربي الذي رأى فيه فرصة للاستقرار، فأحجم عن الحكم عليه من خلال ماضيه. الكل اليوم داعم للشرع من أجل سوريا لا من أجله. لكن التخوف أمر مشروع، فالكثير من السوريين يتساءلون اليوم: من سيحكم ويتحكم بالقوانين المجتمعية؟ هل هو أبو محمد الجولاني أو أحمد الشرع؟ حقوق المرأة، والأنشطة الفنية والرياضية، وحقوق الأقليات، والحريات الدينية. للأسف، لا أحد يملك جواباً أكيداً سوى ما نسمعه من الشرع نفسه، وهو في بداية مرحلة جديدة، والبدايات دائماً جميلة، لكن العبرة بالخواتيم. إذا قلنا إن سوء الظن من الفطنة، فإن الشرع ما دام بحاجة للدعم الداخلي والدعم الإقليمي فلن يحيد عن وعوده. وإن كان بعض الظن إثماً، فإن الشرع يملك اليد العليا التي تحمل التغيير الذي يطمح إليه السوريون، ومن مصلحتهم أن يكمل عملية التحرير والتغيير التي بدأها. وأيضاً ليكون له موقع في المستقبل السوري، عليه أن يترك السلاح للجيش، ويتخذ مقعده في الصالون السياسي بالحكمة نفسها التي يتحدث بها ويخاطب بها العالم. ما زالت سوريا تحتاج أن تكسب ثقة المجتمع الدولي، وبالتحديد ثقة الولايات المتحدة والأوروبيين الذين يمسكون عصا العقوبات الاقتصادية. في حال سارت الأمور بالسلاسة التي نراها اليوم، فلن تتردد هذه الدول في رفع العقوبات أو تعليقها، وستقدم الدول العربية، بخاصة الخليجية، الدعم الذي تقدمه دائماً في وقفاتها التاريخية مع العرب. كل هذا الرجاء سيتحدد مصيره خلال الأشهر القليلة المقبلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرع والعقبة الشرع والعقبة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt