توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاولة الاغتيال في الوقت الحرج

  مصر اليوم -

محاولة الاغتيال في الوقت الحرج

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

الاغتيال الجسدي أو المعنوي، أبرزُ الأسلحةِ التي تشهر في وجهِ الشخصيات المؤثرة في أي حقل. من السياسيين إلى العلماءِ إلى رجال الدين وحتى الفنانين. ورغم أنَّه يستهدف الموت، مثله مثل القتل، لكن لفظة «اغتيال» ارتبطت بقتل الشخصياتِ البارزة والمعروفة بتأثيرها في مجتمعاتها. والتاريخ سجَّل قوائم من الرؤساء ذهبوا غدراً نظيرَ مواقفهم الفكرية أو السياسية، ومن التاريخ الحديث أسماء مثل الرئيس الأميركي جون كيندي، ورفيق الحريري، ومحمد أنور السادات.

ارتكاب القتل لا يعني أن أسباب الاستهداف ذات قيمة أو معنى، مثل كل الجرائم الجنائية قد يكون خلف كل هذا العناء من التخطيط والتنفيذ، أسباب تافهة وحسابات شخصية لجذب الانتباه كما حصل مع المهووس بالممثلة الأميركية جودي فوستر، الذي حاول اغتيال الرئيس الأميركي رونالد ريغان لإثارة إعجابها، أو هذا الأخير توماس ماثيو كروكس الذي حاول اغتيال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الأقوى اليوم دونالد ترمب. كروكس شاب مراهق، أرعن، لا يملك رؤية سياسية أو هدفاً عميقاً، تائهٌ وبسيط، سجَّل نفسَه ضمن قوائم الجمهوريين، ثم قدَّم تبرعاً لليبراليين، لكن المسكين وقعَ ببساطة ضحية التجييش الإعلامي ضد شخص ترمب، وظنَّ أنَّه بقتله سيحدث فرقاً لصالح الأميركيين.

القارئ في عناوين الأحداث التاريخية يستطيع بوضوح أن يرى العامل الآيديولوجي، والآيديولوجي السياسي من المحفزات الأوّلية لارتكاب الاغتيالات.

وفي ذاكرتنا العربية والإسلامية، هناك أحداث في هذا المضمار واغتيالات عديدة، أدَّت إلى إحداثِ اضطراب وخلخلة في الصف الإسلامي.

وفي ثقافات مغايرة، الرئيس الأميركي الأبرز أبراهام لينكولن قُتل بسبب خلاف على النظام السياسي وإحباطات المنهزمين في الجنوب الأميركي بعد نهاية الحرب الأهلية لصالح الشمال. الرئيس ويليام ماكينلي قتله أحد المناهضين للرأسمالية. وعلى مثل هذا النحو، كان نشاط الاغتيالات شائعاً خلال الحرب الباردة بين القطبين الأميركي الرأسمالي والاتحاد السوفياتي الشيوعي إن صح التعبير. خلال فترة الخمس والأربعين سنة تلك، اشتعلت الاغتيالات والاغتيالات المضادة في كل العالم، وغالبيتها كانت بالوكالة؛ من قِبل جواسيس وعلماء وسياسيين، ورجال أعمال ونساء وعائلات، وكل ما تصل إليه اليد مباح في الحرب، إلى أن سقط الاتحاد السوفياتي. وقبلها اغتيل الرئيس المصري محمد أنور السادات خلال استعراض عسكري من قبل الجماعة الإسلامية، وهي الجماعة نفسها التي حاولت اغتيال الرئيس اللاحق حسني مبارك في إثيوبيا، وقامت بطعن الأديب نجيب محفوظ. الخلافات السياسية بين الخصوم تثير شهيةَ التَّخلص من المنافسين والاستئثار السريع بالسلطة من خلال القيام بالتصفيات، اغتيال الرئيس رفيق الحريري بقنبلة تكفي لإسقاط برج، مثال واضح على التنافس الخبيث والتعالي على مبدأ الخصومة الشريفة، تنطبق الحال على الرئيس الجزائري محمد بوضياف الذي ألقَى عليه حارسه قنبلة وهو يخطب في الناس عن أهمية العلم ومحاربة الفساد.

بالنسبة للولايات المتحدة، يبدو أن اغتيال رؤسائها أصبح «ظاهرة»، بخلاف دول قريبة من أنظمتها كما في أوروبا. دول العالم قد تتأثر بمحاولات اغتيال قليلة أو انقلابات في الأنظمة، لكن في أميركا أصبحت الاغتيالات جزءاً من صفحات تاريخها. وإضافة إلى هذه الظاهرة، سواء ما نجح منها أو فشل، تغيب كثير من تفاصيلها عن الرأي العام الأميركي: أسبابها، ومَن وراءها، وتحتفظ الجهات الاستخباراتية والأمنية بكل هذه المعلومات في ملفات فائقة السرية.

اليوم الكل يتساءل عن محاولة اغتيال ترمب، مَن وراءها، وهل حصل تقصير من أجهزة حماية الرئيس السابق والمرشح الحالي؟ وماذا لو حصل كذا وكذا...؟

على شاشات التلفزة ظهرت لقطات تقدّم شهادات على أن مطلق النار كان مُشاهداً من عامة الناس، لم يكن مختبئاً داخل مبنى يقوم بقياس سرعة الرياح لضبط مسار الرصاصة كما يحصل في الأفلام. ببساطة تسلَّق مبنى مجاوراً للمبنى الذي يستقر فيه عنصران من عناصر الحماية بأسلحتهما، ثم أطلق النار. أمر غريب أن يكون التساهل في الاحتياطات الأمنية بهذا المستوى. لو كان هذا الشاب يمتلك مهارة الرمي، لربما تغير الواقع كثيراً على ما نحن عليه اليوم.

أذكر في صيف عام 2011، حضرت خطاباً للرئيس الأسبق باراك أوباما، في قاعة مدينة «كولج بارك» في ولاية ماريلاند. الاحتياطات الأمنية كانت عالية جداً، وتفتيش الحضور كان غاية في الدقة بالأجهزة والكلاب البوليسية، ولساعات من الوقوف خارج المبنى. لم يتضايق أحد لأنه بروتوكول مقبول. هل حصل ترمب على جزء من هذه الحماية، حتى وإن لم يصبح رئيساً بعد؟ لا أعتقد ذلك. حساسية ترمب ليس كونه رئيساً سابقاً، بل لأنه مرشح ومنافس شرس. والحقيقة أن حماية المرشحين خلال فترة الانتخابات لها نفس أهمية حماية الرؤساء إن لم تكن أكثر، لأنها فترة حساسة، والإعلام في أعلى درجات استنفاره في استثارة عاطفة الناس، وأي خطأ يحصل ليست له نتيجة سوى الفوضى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاولة الاغتيال في الوقت الحرج محاولة الاغتيال في الوقت الحرج



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt