توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحول الغربي الكبير

  مصر اليوم -

التحول الغربي الكبير

بقلم - حسين شبكشي

أشغل نفسي هذه الأيام في فصل الصيف الساخن بقراءة أكبر عدد من التقارير التي تُصدرها دور مراكز صناعة القرار وبعض الدوريات الفصلية الصادرة من دوائر البحوث والدراسات في بعض أهم الجامعات الغربية، لمحاولة فهم التوجه الاستراتيجي الجديد للغرب عموماً وللولايات المتحدة تحديداً. ومن الممكن الوصول إلى خلاصتين رئيستين في غاية الأهمية، الأولى تتعلق بالجانب الاقتصادي والأخرى هي سياسية عسكرية بامتياز. أما عن النقطة الأولى فلها علاقة مباشرة بتطور استخدام منظومة الذكاء الاصطناعي في الهيكل الاقتصادي والإنتاجي بحيث ستكون معيار الإنتاج والقيمة والجودة، وسيتم تطويرها لتعيد المجد والميزة التنافسية للصناعات عموماً التي هاجرت إلى الدول ذات الأيدي العاملة الرخيصة.

مما يعني نظرياً أن منظومة من الروبوتات المتحكمة فيها منظومة دقيقة جداً جداً من الذكاء الاصطناعي، ستتمكن من إنتاج أهم الملابس والأحذية الرياضية وأجهزة الهاتف المحمول والحاسب الآلي والمفروشات والسيارات بحيث تجعل الآلاف من العمال في فيتنام والصين وبنغلاديش وغيرها في بطالة فورية. ولكنها ستجعل الغرب وأميركا تحديداً أكثر تحكماً فيما تنتجه ومن دون البقاء تحت رحمة أحد، خصوصاً في ظل تنامي المنافسة الشديدة مع الصين وازدياد النغمة الحمائية في الأوساط السياسية في الغرب.

وأما عن النقطة الثانية فهي أكثر تعقيداً لأنها تتعلق بنتائج الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا والتي استغلها المعسكر الغربي لتجربة ترسانة هائلة من أسلحته بشكل عملي، وفي حرب حقيقية ضد جيش كبير ومحترف، كما أنه تمكن من الحصول على معلومات استخباراتية عظيمة عن قدرات الروس عسكرياً واستخباراتياً.

تاريخياً كان الاتحاد السوفياتي يعدّ الصين الشيوعية ألدَّ الخصوم، وكان يضع أكثر من ثلثي قواته العسكرية على حدود الصين (وكذلك كانت تفعل الصين)، وعليه فإن الرهان الأميركي هو إذكاء روح التنافس بين الروس والصين، وتحديداً في حقبة ما بعد بوتين. هناك قناعة كبيرة لدى صناع القرار في الولايات المتحدة أن الروس في داخلهم ينتمون إلى الغرب، وهم مثلهم ويحلمون بالحياة الاستهلاكية المادية كحال سكان العالم الغربي.

وبالتالي القيادة المستقبلية سيتم دعم توجهها الغربي بدعم استراتيجي في التسليح والاقتصاد لمواجهة الصين التي لا تُخفي سعادتها بتحول الروس إلى مورد رخيص لها في مجالات النفط والمعادن والموارد الطبيعية بمختلف أشكالها، مستغلةً وضعها الهش تحت ثقل العقوبات الاقتصادية القاسية والمؤلمة. كذلك أيضاً يراهن الغرب على أن الصبر الصيني سينفد بحق روسيا التي تحتل مجموعة مهمة من الأراضي الصينية شرق منطقة سيبيريا، وبها مدن صناعية كبرى ومهمة أشهرها فلاديفوستوك، وبالتالي المواجهة بين الصين وروسيا هي مجرد مسألة وقت، وعليه فالغرب حريص جداً على أن تكون الجبهة الصينية - الروسية هي الأسخن بالنسبة إلى هاتين الدولتين، تماماً كما كانت في الماضي.

هناك رهان غربي هائل على تطويع كبير جداً لمنظومة الذكاء الاصطناعي مع تطوير حقيقي في الروبوتات، وتطبيق عملي للحوسبة الكمية لإحداث إعادة ترتيب جديد للأدوات والوسائل الممكنة لاقتصاديات الدول الكبرى، وبالتالي تكبير الهوّة مجدداً تماماً كما حصل من قبل إبان الثورة الزراعية ثم الثورة الصناعية ثم الثورة الرقمية بعد ذلك.

وهناك رهان على شَغْل الصين بحليف حاليّ هو خصم الأمس وعدو الغد، مما سيعني توجيه أولويات الصرف الاقتصادي في الصين نحو الأمن والعسكرة وترجمة ذلك إضعاف الصين عملياً في قدراتها التنافسية على صعيد الساحة الاقتصادية العالمية. وهذا قد يُعيد ترتيب أولويات عدد غير قليل من البلدان التي قد تتأثر بتلك التغييرات.

ويبقى ما تم طرحه هو محاولة قراءة ما يدور في آلية صناعة القرارات الاستراتيجية في الغرب وتحديداً في الولايات المتحدة منه، لأنهم كعادتهم منشغلون بالتأثير وصناعة الأحداث واستغلالها الأمثل لتحقيق أهم المصالح والمكاسب، وهذا من المهم جداً قراءته بشكل دقيق لأن ما يحدث في الولايات المتحدة، عادةً لا يبقى فيها بل ويؤثر في غيرها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحول الغربي الكبير التحول الغربي الكبير



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt