توقيت القاهرة المحلي 12:06:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مدرسة» قطر في علوم السياسة

  مصر اليوم -

«مدرسة» قطر في علوم السياسة

بقلم : فهد الدغيثر

 بلغ العداء «المضحك» الذي تقوده حكومة الظل في قطر ضد الجارة الكبرى السعودية مداه مع دعم الدوحة وترويجها لبعض المطالبات التي نشأت فجأة وبقدرة قادر من ماليزيا، والمدعومة بالمال والإعلام القطري، بتدويل الحرمين الشريفين. لم يتجرأ أحد قبل ذلك على حديث كهذا باستثناء إيران بالطبع، غير أن قطر في الواقع تجاوزت مطالبات إيران في الماضي عندما تبنت الدعوى «الماليزية» وروجت لها كثيراً وفي شكل فاضح في وسائلها الإعلامية المتعددة حول العالم.

في الوقت ذاته، وهذا من عجائب الحنكة السياسية هناك، تطالب قطر برفع المقاطعة التي تبنتها السعودية ومصر والبحرين والإمارات، وتعتبرها حصاراً وتناشد صناع القرار في الولايات المتحدة ودول العالم التدخل. نفهم بالتأكيد حاجة قطر لرفع المقاطعة كونها فعلاً تعوق نمو اقتصاد قطر وكان الغرض منها دفع الدوحة للعودة إلى تحكيم العقل والابتعاد من دعم الجماعات المتطرفة وإيواء رموز جماعة «الإخوان المسلمين»، التي تم تصنيفها كجماعة إرهابية بواسطة الدول الأربع، هذه المقاطعة وهي غير مسبوقة منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، لم تحدث بالطبع إلا بعد نفاد الصبر وتغليب حسن النوايا لأكثر من 20 سنة، تخللتها وعود موثقة من قطر بكف الأذى، لكن لم يتم تنفيذها للأسف.

شخصياً، ومنذ أن بدأت أتابع قناة الجزيرة قبل عقدين، ثم استمعت إلى التسجيلات المسربة لحديثي الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه آنذاك حمد بن جبر بن جاسم آل ثاني مع الرئيس معمر القذافي عن خطة تقسيم السعودية، وأنا مقتنع بأن حكومة قطر تتجه إلى المجهول، لا يمكن تجاوز ما احتوته التسجيلات من تفاصيل دقيقة عن الخطة وتخطيط وتصور واضح لما بعد ذلك، مهما حاول البعض هناك في الدوحة البحث عن المبررات. الحقيقة أن كل ما حدث قبل المقاطعة ويحدث الآن ليس إلا تصميماً وعزيمة على تنفيذ ما استمعنا إليه في التسجيلات بلا أي أخطاء. القول بوجوب نسيان التسجيلات وتجاوزها لا يستقيم لأن السلوك العام وليس التسجيلات هو لب المشكلة، وما محاولة ترويج فكرة تدويل الحرمين على تفاهتها واستحالة تطبيقها على أرض الواقع، إلا جزء يسير من المحاولات الأخرى الفاشلة التي تحدثوا عنها مع القذافي.

الممارسة السياسية التي تنتهجها الدوحة حالة من الأعاجيب لا بد من تسليط الضوء عليها ليستفيد منها الطلبة المستجدون في تخصصات العلوم السياسية، أتحدث هنا عن جهل الحكومة القطرية بافتقادها الواضح المقومات الأساسية اللازمة لإنجاح أي خطة عمل «طموحة» كهذه، ومع ذلك لا يتوقفون عن المحاولات. تنفق هذه الحكومة الملايين من الدولارات في شراء الأصوات التي تخرج في تعليقات الأخبار، وتشتري وتؤمن حياة بعض كتاب الرأي ممن باعوا أوطانهم في كل مكان بهدف تضخيم الحالة التي حكمت عليها ظروفهم وإمكاناتهم بالموت في يوم ولادتها. لهذا السبب وغيره لا يجب أن يكون التعامل مع هذا السلوك «الطفولي» تعاملاً ديبلوماسياً عاقلاً كما قد يحدث بين أي دولة أو كيانات وأخرى. بمعنى آخر، من غير الحكمة أن نتعامل مع حكومة الدوحة معاملة الند للند.

في تصوري أن بعض الدول الغربية غير مطلعة على هذه التصرفات وأقصد شراء الذمم ونثر الأموال في كل اتجاه. ومن المؤكد أيضاً أن مراكز عدة في الغرب باعت مهنيتها، مقابل المال لتشارك في الترويج إياه وتحاول تلميع صورة النظام الحاكم في قطر ليخرج بريئاً من التهم التي تحاصره في كل مكان.

أما على مستوى «تويتر» وتحديداً في الحوارات المكتوبة باللغة العربية فتصرفات من يوظفونهم لهذه المهمات، وغالباً هم من جنسيات أخرى غير قطرية، تصرفات سطحية جداً وكل ما يحاولون الوصول إليه هو جر مواطني دول المقاطعة الشرفاء إلى منزلقات مليئة بأنواع السب والشتم والقذف كافة، يستفزون بعضنا للنزول إلى المستوى ذاته للرد عليهم ومجاراتهم، وعندما يحدث ذلك يعتبرونه إنجازاً، هذا وإن لم يحدث إلا في حالات نادرة، يجب أن يتوقف وأتمنى أن ينتبه المغردون من مواطني الدول الأربع إلى عدم الانجراف وراء هذه الحيل. التجاهل التام لمثل هذه البيئة الغارقة في التلفيق والأكاذيب هو الحل الأكثر فاعلية طالما بقيت العقوبات كما هي عليه، أستثني من ذلك إخواننا الإعلاميين في مصر، إذ يمتلكون مواهب لا توجد عند غيرهم من الدول الأربع في التعامل مع مثل هذه التحرشات بردود ملجمة وقاسية لا يمكن مجاراتها.

كشاهد على ما أشرت إليه من مسلسل الفشل الذي يستمر حتى كتابة هذه السطور، دعونا نستذكر «بعض» أبرز الحالات وليس جميعها، إذ إن تغطيتها كاملة سيتطلب تأليف كتيب. عمل «التنظيم» المعروف على ترويج العمليات الإرهابية وبث بحماسة منقطعة النظير خطب ابن لادن والظواهري وروج لها، استضافت الجزيرة رموز التيار السروري في المملكة في عز زمن التفجيرات في الرياض وغيرها من مدن السعودية، وقد عرض أحد هؤلاء «المشايخ» التوسط بين الإرهابيين والحكومة السعودية، منح جوازات قطرية لإرهابيين سعوديين في الخارج مكنتهم من دخول المملكة وتنفيذ عمليات إرهابية، استضافوا في شكل مستمر من يسمون أنفسهم المعارضين السعوديين من لندن وواشنطن، تحدثوا عبر الجزيرة أيضاً عن الفساد في شراء العتاد العسكري ليس حباً وغيرة على المملكة وسمعتها ولكن أملاً في إسقاط حكومتها، روجوا كثيراً لما أسموه «يوم حنين» في فترات «الربيع العربي» وكان الهدف منه خروج السعوديين إلى الشوارع، وفي عشية مؤتمر الإرهاب بحضور الرئيس ترامب في الرياض وحتى قبل مغادرة الشيخ تميم مقر إقامته، ينشر موقعهم من لندن مقالة لوزير خارجية إيران يتهم فيه المملكة بتدبير عملية ١١ أيلول (سبتمبر) وتنفيذها، سلوك الجنود المشاركين في «عاصفة الحزم» وما يتردد من خيانات أدت إلى مقتل عشرات من جنود التحالف، هذا فضلاً عن التغطية المحتفلة فرحاً وبهجة بقضية «جاستا»، هذا فقط في السعودية أما في جمهورية مصر العربية فتلك قصة أخرى تحتاج مجلدات، وهناك بالطبع البحرين والإمارات وليبيا وتونس وسورية وغيرها، أضف لكل ذلك المحاولات المستميتة لشيطنة أي دولة على أخرى مهما كلفهم ذلك من صدقية.

التسجيلات إذاً ليست هي المشكلة بحد ذاتها كما أشرت، بل السلوك العام الذي يدعم كل ما جاء فيها من مخططات مفصلة بدقة متناهية، وكما يقال في الغرب، مع صديق أو «شقيق» كهذا لا حاجة بك إلى وجود الأعداء.

ليس أمام قطر بعد كل هذا التاريخ المؤسف إلا الإذعان للمطالب وطي تلك الحقبة المدمرة والبدء من جديد في علاقات بناءة مع جيرانها والعالم. الطموحات الكبيرة الواعدة في نهضة قطر ونموها اقتصادياً بما تمتلكه من ثروات هائلة، لن يكتب لها النجاح في بيئة عدائية تتآمر سياسياً واستخباراتياً على الجيران. النهضة البشرية والاقتصادية مع السياسة الطفولية المتهورة في أي دولة نامية، ضدان لا يلتقيان.

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مدرسة» قطر في علوم السياسة «مدرسة» قطر في علوم السياسة



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon