توقيت القاهرة المحلي 11:02:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل خسر اليمين الشعبوي انتخابات فرنسا؟

  مصر اليوم -

هل خسر اليمين الشعبوي انتخابات فرنسا

بقلم :د. جبريل العبيدي

هل خسر اليمين الشعبوي المتطرف انتخابات فرنسا؟ بهزيمة مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، انتهت فرضية وصول التيار الشعبوي للسلطة في فرنسا، على الأقل في المستقبل المنظور، وجمد خطابه المشبع بالعداء للتعايش السلمي مع المهاجرين والأجانب، من قِبل حزب جمع بين صفوفه من اتفقوا على العداء للأجانب، ذلك الكابوس المخيف للكثيرين داخل فرنسا وخارجها.
أكثر من نصف الناخبين الفرنسيين صوّتوا إما لأقصى اليمين وإما لأقصى اليسار، وهذا مؤشر خطير، يكشف حدة الانقسام في المجتمع الفرنسي، وحالة الاستقطاب الشديد بين يمين ويسار، بعد أن تم توظيف استهداف المهاجرين واللاجئين والأجانب والمسلمين في برامج الأحزاب اليمينية الشعبوية خاصة، فمارين لوبن تَعِد بتجميد جميع مشاريع بناء المساجد في فرنسا وتوسيع قانون منع ارتداء النقاب ليشمل حتى الحجاب في الأماكن العامة وليس فقط في المؤسسات الحكومية، مما يعد تضييقاً على حرية العبادة والمعتقد.
وبين مارين لوبن اليمينية الشعبوية، ودور الزعامة المسيطر على ماكرون، احتار الناخب الفرنسي، فغياب خطة وبرنامج انتخابي يحقق طموحات الناخبين، خصوصاً من الطبقة المتوسطة، هو ما كاد يتسبب في هزيمة ماكرون، لولا استفادته من كره الناخبين لخطاب مارين لوبن الشعبي الذي يتعارض مع قيم الثورة والجمهورية الفرنسية.
لعب دور زعيم الاتحاد الأوروبي هو ما جعل ماكرون يتجاهل مخاوف الناخبين، من ارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبة تسوق الطعام إلى ارتفاع سعر الوقود، واهتمامه بالسياسة الخارجية، التي لا تحظى بالأولوية في اهتمامات الناخبين، ما كاد يتسبب في خسارته أمام الخطاب الشعبوي لمارين لوبن وحزبها، بينما ركزت لوبن حملتها بين الفئات الفقيرة والمتوسطة، ولكن التخوف العام من خطابها الشعبوي هو ما تسبب في خسارتها، وليس مشروع ماكرون الانتخابي ولا براعة حملته الانتخابية.
حصدت لوبن 42% من أصوات الناخبين، وهي أعلى نسبة تصويت يحققها اليمين المتطرف في تاريخ فرنسا، في الجولة الثانية لانتخابات 2022، في مقابل 34% في انتخابات عام 2017. ومقارنةً بنسبة عام 2012، حيث حصلت على 17.90%، مما يجعل هزيمة مارين لوبن نصراً في عيون أنصارها، بعد أن حققت تقدماً تجاوز 8% في مجتمع منقسم بين يسار ويمين ولا وجود للوسط يُذكر، وفي ظل نسبة امتناع عن المشاركة قاربت ثلث الناخبين.
تقدم مارين لوبن رغم خسارتها، دفعها للقول: «المعركة قد بدأت للتوّ بهذه النتيجة»، فمثل هذه النتيجة ستجعلها صاحبة قصر الإليزيه في الانتخابات القادمة أو من سوف يرث خطابها في حالة تنحيها عن الحزب.
مارين لوبن ابنة مؤسس حزب الجبهة الوطنية، جان ماري لوبن، من زوجته الأولى، فشلت في زيجتين، وتحاول أن تحقق نجاحاً في زعامة سياسية، فشلت في تحقيقها نجاحاً في أصغر وحدة من مكونات أي مجتمع وهي الأسرة. مارين لوبن هي التي انقلبت على والدها وتسببت في إلغاء منصب الرئيس الشرفي الذي كان يشغله والدها.
رغم تزايد التيار الشعبوي بين الناخبين لدرجة أنه كاد يصل للنصف، فإن المطمْئن أن غالبية المجتمع الفرنسي ليست على وفاق مع خطاب مارين لوبن وباقي الشعبويين، ولهذا اصطف الكثيرون مع ماكرون رغم الخلاف معه، للتخلص من تيار مارين لوبن الذي أصبح يشكل كابوساً في الحياة السياسية الفرنسية، بل الأوروبية أيضاً، لتزايد نمو هذا التيار الذي كان لا يستطيع الوصول للجولة الأخيرة لسنوات أصبح اليوم في المرتبة الثانية وكاد يكون في الأولى... معركة انتخابية وضعت فرنسا أمام خيارين؛ إما الشعبويين وإما ماكرون، الأمر الذي جاء لصالح ماكرون رغم سياساته المتناقضة ومعاييره المزدوجة.
انتهت المعركة الانتخابية لصالح ماكرون، بفوز غير مريح، ممزوج بنصر حققته الشعبوية مارين لوبن للقفز للمرتبة الثانية بفارق ضئيل قد يمكّنها في قادم الأيام من تحقيق الفوز بالمرتبة الأولى، مما سيعد كارثة ستحل بفرنسا والاتحاد الأوروبي إن صمد وبقي متماسكاً إلى الانتخابات القادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل خسر اليمين الشعبوي انتخابات فرنسا هل خسر اليمين الشعبوي انتخابات فرنسا



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon