توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيش بلدى..!

  مصر اليوم -

عيش بلدى

بقلم : ماجدة الجندى

 قطعنا مسافة ليست بالقصيرة ولا الصغيرة فى مدينة مثل شيكاغو..

أصرت ابنتى، ماجدة جمال الغيطانى، التى تدرس درجة الدكتوراه فى جامعة شيكاغو، أن تتسوق «حاجة رمضان» من بقالة عربية تبعد ساعة بالسيارة عن موضع السكن، مع أن فى الإمكان أن تتسوق نسبة كبيرة من المشتريات المماثلة من السوبر ماركت.. راقبتها تدفع بعربة السوبر ماركت «الشرقى» ولا أقول العربى.. كان مقصدها الأول الأرفف المحملة بأنواع من الخبز الشرقى.. عيش شامى لبنانى.. عيش تركى.. إيرانى.. خبز هندى.. وقفتها عند «الخبز» كانت وقفة تحمل فى طياتها ما يتجاوز عملية الشراء لنوع من الخبز.. كانت وقفة محملة بالشجن والحنين.. قبل سنوات، حين كانت تدرس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، كان والدها يمر عليها بالسيارة فى طريق العودة إلى البيت، يخترقان الحلمية فى الطريق إلى صلاح سالم ثم المعادى.. اختراق الحلمية لم يكن سببه إلا وجود ذلك الفرن البلدى الذى يصر والدها أن يبتاع منه العيش البلدى.. مع مرور الوقت، وتحوله إلى عادة شبه يومية، صار صاحب الفرن يعتنى بأكثر من المطلوب، فيوزع العيش مسبقاً عقب خروجه من النار مباشرة، فوق طاولة من الجريد، ليظل محتفظاً بوش الرغيف «قابب» و«مفقّع».

اقتضى مشوار ابنتى الدراسى إقامات طويلة فى بقاع شتى من لندن وباريس إلى نيويورك وشيكاغو.. ظلت أثمن هداياها أن تحمل إليها، أينما كانت، أرغفة العيش البلدى.. قبل شهور حملت إليها من القاهرة، تقريباً شنطة سفر، ليس فيها إلا العيش البلدى..

أخرجته من الحقيبة، قطعت الأرغفة إلى «أنصاص»، لفتها بمنتهى العناية فى ورق نايلون، وضعت كل كام رغيف فى كيس محكم الإغلاق، ورصته فى الفريزر.. كانت تتعامل مع أرغفة العيش على اعتبار أنها المكافأة.. أو صنف الحلو الذى تكافئ به نفسها.. تماماً كما يتعامل ابنها مالك مع العيش البلدى كأنه «فطير».. حملنا من السوبر ماركت أنواعاً من الخبز، ربما تتشابه من حيث العجينة أو الشكل أو نوع الدقيق بالعيش البلدى.. لكنها ليست «عيش بلدى».. كنت أهرب من عيونها الباحثة عن رغيف بلدى وسط لفائف خبز من أوزباكستان وحتى اليمن.. وأكاد أرهف السمع إلى حوار داخلى لا يصل لأحد غير قلبها... تقاسمت ماجدة وجمال الغيطانى أموراً عديدة فى الحياة، بعضها يمكن أن تعده من قبيل الجينات الوراثية وبعضها الآخر كان نوعاً من تطابق الهوى أو المزاجات.. عمق الانفعال.. طرق فى التعبير.. شدة الإخلاص لما يعتقدان به.. والأهم تلك العلاقة «بالعيش البلدى»...

لم يكن المشوار الذى قطعناه على طوله فى مدينة شيكاغو، إلا سعياً وحنيناً.. فى «اقتفاء» أثر..

اقتفاء أثر «عيش» وأيام..

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيش بلدى عيش بلدى



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon