توقيت القاهرة المحلي 18:25:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حوار بين الجرح وظله

  مصر اليوم -

حوار بين الجرح وظله

بقلم - عزة كامل

الجرح: خمسة وسبعون عامًا ونحن مُحاصَرون بالجدار والسجن والدمار، خمسة وسبعون عامًا من التهجير والرحيل ونهش الذئاب، والليل يمضى والوطن جرحه نازف عصى على التضميد، والأمهات تحترق أكبادهن وتصرخ أحشاؤهن من فقدان أطفالهن وأحبابهن، ما أصعب كبرياء الحزن حين تصبح كل الليالى دميمة، والوطن مقبرة مفتوحة، ويظلم وجه النهار، نحن فى وحشية نموت، وتموت معنا القلوب والأحضان، لم تبقَ إلا أشلاء الأحلام وحطام الآمال، لم تبقَ إلا الأطلال وجثث تمتصها الضباع، لكم تمنينا لو أن سفينة نوح تمر من هنا، وتمد ظلها الحنون وتنتشلنا من هذا الجحيم.

الظل: نعم، نريد سفينة نوح، ولكن نريدها أن ترسو على أرضنا المخضبة بالدماء ولا تبحر بنا، ولن نغادرها أحياءً ولا أمواتًا لأننا سنصبح لعنة كل الذين اغتصبونا وأحرقونا، سنجعل عيوننا تقتات أحلامهم وأجسادهم وتسحب النور من أيامهم، وسنجعلهم يحترقون بالنار التى احترقنا بها، وسترتد على صدورهم رصاصاتهم وقذائفهم، وستفر خفافيش الليل، وسنجعلهم يتناثرون رعبًا ونحن نبصق فى وجوههم، وسنرفع وجوهنا بعد انكسار، ولن نفر من ليل مظلم، ولن نموت غرباء، وسنرفع راياتنا فوق الجبال والتلال، وسنمحو الخزى والعار، وسنبنى على أنقاضه ديارنا وأغانينا، ونزرع الأزهار والشجر.

الجرح: فلسطين يا وطننا الغالى، الأرض والناس والشجر، إلى عينيك نرنو، طامعين فى بعض حياة وشعاع فجر ينعش الأجفان المغلقة، امنحينا نحن التائهين الحائرين على دربك الرحب دفئك، امنحينا الخلاص وأغنية الانتصار المجيدة، لا تجعلينا فقط حكاية وقصة صمود، فالبكائية لا تعيد الوطن العظيم، بل يرقص على أشجانها المهرجون والفرسان المهزومون دائمًا.

الظل: نحن متعبون يغتالنا الحزن، نحمل صلباننا ونمشى على الشوك، يا وطننا لن نبرح أرضك لآخر نقطة دم تنزف على الصليب، ولآخر طير ينقر عيوننا، ستتسمر أقدامنا النازفة عليها لكى تحتضن هضابها وبحرها، سنمد قاماتنا العالية فى الفضاء، نطاول السماء ولن نغادرك أبدًا، نحن رابضون وحدنا على خطوط النار المفتوحة والمشرعة فى وجه الطوفان الأحمق، نصد جحافل الوحوش، ونوقد شعلة الحرية رغم المنافى وليل السجون والموت الغادر.

الجرح والظل: سنموت واقفين كالأشجار لنمهد الطريق لشعلة أخرى، ففى حبك يا وطن ينهزم المستحيل وينبت عشبك فى القلب، سنصمد فى وجه الريح الغادر، نقاوم ونقاوم ونقاوم، وسيحملنا طائر الفينيق على جناح الضوء نحو سمائك دائمًا وأبدًا، ولابد أن نعود نحن إليك وتعود يا وطننا إلينا مجددًا، وسوف نحررك من اللصوص، الذين اخترعوا وطنًا لهم استنادًا على حلم أسطورى زائف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار بين الجرح وظله حوار بين الجرح وظله



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 08:41 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الخميس 22 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 19:37 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

سفيتولينا تودع بطولة فرنسا المفتوحة للتنس أمام بودوروسكا

GMT 12:53 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

علماء يكتشفون79 مضادا حيويا جديدا في براز الإنسان يطيل العمر

GMT 01:31 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

رانيا يوسف ترقص أمام مدرسة ابنتها احتفالا بتخرجها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon