توقيت القاهرة المحلي 21:16:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صاعدون لكي يربو الأمل

  مصر اليوم -

صاعدون لكي يربو الأمل

بقلم - عزة كامل

فى هذا النهار القاسى، وبعد هدنة هزيلة، يتواصل القذف برًّا وبحرًا وجوًّا، إنها عقدة الكبت التاريخى لمذبحة النازية، «أنا الصهيونى أُقتل، إذن أنا موجود، ولابد من الإبادة الجماعية الوحشية للبرهنة على وجودى»، أذكر حديث صديقتى الفلسطينية: هنا وسط التوحش والدمار، الفلسطينيون صاعدون إلى الله، يربون الأمل، حياتنا عبء على الصهاينة.

جرح غزة أصبح ندبة عميقة فى القلب، أطفالنا لا يستحمون بالماء ولكنهم يستحمون بالقذائف والدم، يتفرقون فى رحلة التيه والشتات، يهربون من موت إلى موت، الزمن والتاريخ يتآمران علينا، لا وقت لتشييد القبور وتأثيثها، فكل أرض الوطن أصبحت قبرًا كبيرًا، لا وقت لطقوس العزاء، فالبرابرة لا يمهلون الوقت للحزن، كأن الموت يتحول إلى مادة لانفجار حياة الطغاة لتدشين مدن جديدة على أنقاض مدينتنا، يدفعوننا إلى حمل أحزاننا لنركض نحو المجهول إلى رياح المنافى، لا حضن نرتاح له، ولا صدر نبكى عليه، يريدون طردنا من المكان ومن التاريخ بلا أى حساب ولا ضمير، وكل منّا اكتنز بالرعب من انتظار الموت والدمار فى أى لحظة.

لا نعرف متى ستأتى القذيفة أو الصاروخ أو طلقة القنّاص المتربص بنا، عقارب الساعة تمضى سريعًا، لا أحد يقدر على استمهال الزمن، عقارب الزمن تمضى سريعًا، لا وقت يكفى لوداع البيوت والشوارع والأموات، وشهداؤنا صاروا أرقامًا فقط، كل شىء قيد التخمين والانتظار، لا شىء يمر أمام عيوننا إلا سيل الدم الساخن، وكأننا عابرون فى أشلاء عابرة، لا نستطيع ترميم ما انكسر من الزمان والروح، يكبر الوجع فينا، وتكبر رائحة مدننا، رائحة الحنين والمنفى والتهجير، وتختلط هذه الروائح برائحة أشجار الزعتر والمريم والليمون والبرتقال والزيتون والخبز الطازج والحليب الساخن، ويصم آذاننا أنين الأطفال المدفونة تحت الأنقاض، هؤلاء الأطفال الذين لم ينهوا طعامهم ولا لعبهم، وصراخ الأم المكلومة.

ونرهف السمع إلى صوت صراخنا، فنصرخ ولا يخرج صراخنا، وكأننا فى كابوس طال زمنه، كابوس لا نصحو منه أبدًا، يأخذنا إلى سحابة سوداء ليبتلعنا دخانها المسموم، نحاول أن نعثر على هويتنا المهددة بالفناء، وحلمنا الذى يفر منّا بعيدًا، وتختلط علينا كل التواريخ والأساطير، فنمضى إلى المجهول الغامض، ونحاول أن نعتصر الذاكرة بهشاشة المنفى، وننظر إلى المرآة الشاهدة، فلا نتعرف على أنفسنا المشتتة، نرى فقط بحيرة دماء لا يبلغ البصر مداها، ونشوة العدو من مشهد الجثث وهى ترتجف رعبًا وهلعًا من آثار الذبح، ومع ذلك يا صديقتى الحبيبة: «الفلسطينيون صاعدون إلى الله يربون الأمل».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صاعدون لكي يربو الأمل صاعدون لكي يربو الأمل



GMT 03:48 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

قلنا: تفكير.. قالوا: تحصين وتكفير

GMT 03:47 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فتح ملف الصناعة (١) «القانون هو الحل»

GMT 03:45 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

حسام حسن غلط فى دوري!!

GMT 03:36 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

د. أسامة السعيد.. هل يصبح خليفة سعيد سنبل؟!

GMT 03:25 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«الجن» برىء من الحرائق

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:09 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024
  مصر اليوم - «عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 17:27 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تيري هنري يُتابع المنتخب المكسيكي قبل ودية بلجيكا

GMT 17:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

زيدان يطالب إدارة ريال مدريد بالتعاقد مع سون نجم توتنهام

GMT 15:35 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

معلومات عن جاك اندرو بعد وفاته بسبب كورونا

GMT 06:10 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

تعرف على حالة الطقس المتوقعة في مصر الاثنين

GMT 01:48 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

شريف عامر يحاور أسرة مصرية صينية بـ"كمامة" على الهواء

GMT 17:48 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس السيسي يهنئ سلطنة عمان بالعيد الوطني

GMT 11:02 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"المرأة المصرية تحت المظلة الأفريقية" في بيت ثقافة القصير
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon