توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في مواجهة الحقيقة

  مصر اليوم -

في مواجهة الحقيقة

بقلم:حنا صالح

قبل يومين من حلول الذكرى السنوية الأولى لاتفاق «وقف الأعمال العدائية» في جنوب لبنان، تتسع الاستباحة الإسرائيلية. ليس في الأفق ما يشير إلى وقفٍ حقيقي للنار، بل إن شبح حرب جديدة بات العنصر الضاغط والمخيف. السلاح اللاشرعي لـ«حزب الله» وفصائلَ فلسطينيةٍ (الأصح المتبقي منه) لم يُجمع إلا جزئياً، رغم معطياتٍ عن تدمير مخازن وبنى تحتية عسكرية. الفساد رافق الزمن اللبناني الجديد؛ لأن الإصلاحات، خصوصاً المالية والمصرفية، ما زالت معلقة، والغائب عن الخطاب الرسمي كلُّ ما يتعلق بالمساءلة والمحاسبة وإعادة الحقوق المنهوبة، علماً بأنها الممر الإجباري لاستعادة ثقة الناس. أما ما كُشف عنه مؤخراً بشأن جوانب من اقتصاد «الكاش» ومصادر تمويلٍ مشبوهة وطرقِ تهريب، فهو مقلق وخطير.

عشية الذكرى الـ82 للاستقلال، اختار الرئيس جوزيف عون الجنوب، الذي تحمّل، ويتحمّل، العبءَ الأساسي من النتائج الكارثية لحرب «الإسناد»، ليخاطب اللبنانيين والعالم، محذراً من حالة إنكار لا تعترف بالمتغيرات «لا عندنا، ولا حولنا، ولا في فلسطين، ولا في سوريا» للاستمرار في «ما كان قائماً من تشوهات في مفهوم الدولة وسيادتها»، وليعلن أن «لبنان تعب من اللادولة»، وأن «اللبنانيين كفروا بمشاريع الدويلات»، وأن المسألة «لا تعني فقط حصرَ السلاح وقرارَ الحرب والسلم بيد الدولة»، بل إن المطلوبَ «حصر ولاء اللبناني بوطنه»، وإنه لم يعد مقبولاً «التغول على الحق العام والملك العام والمال العام». جيد التوصيف ودقيق، لكن مبادرة النقاط الخمس المتقدمة عما سبقها اقتصرت على محاولةِ معالجةٍ ميدانيةٍ سياسيةٍ للوضع في منطقة جنوب الليطاني، فجانبت إلى حدٍ ما مندرجات اتفاق وقف النار... مما طرح الأسئلة الجدية عمّا إذا كانت هذه المبادرةُ قادرةً على تحقيق المطلوب لبسط السيادة، واستعادة الاستقرار، وبدء نقل لبنان من حال إلى حال.

ما يردده زوار لبنان أن الأمر يقتضي سحبَ سلاح «حزب الله» من كل لبنان من دون إبطاء، وتجفيفَ الأموال العابرة للحدود، التي سَمح قطاعٌ مصرفي فاسد، ودكاكينُ تحويل الأموال، وحدودٌ لم تُضبط كما ينبغي، بتمرير مليار دولار منها إلى «حزب الله»، وفق ما نقله إلى بيروت الوفد الأميركي لمكافحة الإرهاب... وأنه مع استمرار هذا المشهد، فلا جدوى من البحث عن مساعدات أو استثمار، ما دام هناك سلاح غير شرعي. بهذا السياق، تنبغي قراءة الرد الإسرائيلي: اعتداءات واسعة جنوباً وبِقَاعاً، واستهداف هيثم الطبطبائي القائد العسكري الأبرز لـ«حزب الله»، في الضاحية الجنوبية... وتهديد بضربات واسعة شاملة عقب زيارة البابا بعد أيام!

حتى تاريخه لم تنجح السلطة في الخروج من عقلية «تقطيع الوقت» والانتظار، فيما يعلم القاصي والداني أن «الزمنَ التِّرَمْبِيَّ» لا يحمل جوائز تَرضية للخاسرين. ولبنان في وضع الخاسر؛ دماراً، وتهجيراً، وعودةً للاحتلال الذي أقام منطقة أمنية خالية من البشر... والأنكى أن تل أبيب كرّست هذا الوضع استناداً إلى اتفاق وقف نار جائر مُلزم للبلد؛ يُسأل عنه «الثنائي»: نبيه بري المفاوض من فوق الدستور، ونعيم قاسم الذي بَصَمَ عليه مسبقاً بـ«الصورة والصوت»، وتضمن بنده الرابع: «يحتفظ الطرفان بحق الدفاع عن النفس، ولا يلغي هذا الاتفاقُ هذا الحقَّ». تبعاً لذلك؛ تتمادى إسرائيل في الاعتداءات، رافضةً الانسحاب ما دامت ترى في «حزب الله» عنصر تهديد، بدليل «خطاب ترميم القوة العسكرية»، والارتياح الأرعن للتضخيم الإسرائيلي لهذه القوة، وفوق ذلك؛ المعطيات الأميركية عن ضخ المال الإيراني في عروق «الحزب»!

لا بديل اليوم عن مواجهة حقيقية لأبعاد عودة الاحتلال وأخطار الانزلاق إلى حرب مدمرة. هذه الأخطار لا تُواجَه إلا بالتوحد خلف الدولة؛ حمايةً للبلد وللأرواح، وبينها أفراد «حزب الله»، بعدما كشف قتل هيثم الطبطبائي عن زيف ادعاء ترميم القدرات ومعالجة الخروقات وسقوط السلاح اللاشرعي. إن تحصين البلد مسؤولية السلطة المدعوّة إلى تنفيذ اتفاق وقف النار لجهة نزع السلاح في كل لبنان، كما «تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة جميع الأسلحة»، وفق ما فَصّل ذلك البندُ السابع من الاتفاق. والمعنى حلُّ البنى الميليشياوية وتلك التي تتستر بلباس كَشْفِيّ؛ لوضع لبنان على مسار تطبيق القرار الدولي «1701»، ليكون مؤهلاً لخوض مواجهة دبلوماسية لتحرير الأرض واستعادة الأسرى وفرض العودة الآمنة.

آن أوان رفضِ دعوات التمسك بالسلاح، وادعاءِ «الحق في المقاومة»، خلافاً لقرار مجلس الوزراء يوم 5 أغسطس (آب) الماضي، مع ما يقتضيه ذلك من حزم لوقف المفاعيل الكارثية لحرب «الإسناد»... لأنه فقط إذَّاك يمكن تفويت مخطط العدو الإسرائيلي الذي يُخشى أن يكون قد أدرج البنى الرسمية ضمن أهدافه؛ مما يدمر مقومات قيام الدولة بذريعة القضاء على خطر مستقبلي عليه (...). إنه الوقت لِصَدّ محاولات أخذ البلد في اتجاه معاكس لمسار المنطقة، فقد سقط زمن السلاح اللاشرعي الذي غطى الفساد وشكّلَ نوعاً من «البزنس» لتدفق الأموال «النظيفة».

واليوم، بعد قمة شرم الشيخ ولقاءات واشنطن الأميركية - السعودية، تعيش المنطقة مساراً أميركياً لتغيير جيوسياسي قد يمنح لبنان فرصة لاستعادة الأرض وبدء النهوض الحقيقي... إنها الفرصة التي ينبغي عدم تضييعها. حان وقت مغادرة المواقف الرمادية التي تُهدد البلد بالعزلة وتُعطل قيامَ الدولةِ القادرةِ والمرجعِ لكل المواطنين، فيغيب الاستقرار، وتُضرب الحريات، وتضيع الحقوق، ويبتعد الأمان، ويسود أكثر فأكثر قانون «الإفلات من العقاب».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مواجهة الحقيقة في مواجهة الحقيقة



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt