توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في كيفية إنهاء زمن غطرسة المهزوم

  مصر اليوم -

في كيفية إنهاء زمن غطرسة المهزوم

بقلم:حنا صالح

القلق والخوف سِمَتَا يوميات اللبنانيين، وقد تُرك البلد لمصيره ينتظر مرحلة جديدة من الحرب، تستكمل تدميره؛ كأنها قَدَرٌ لا رَادّ له. والخيبة التي تسود المناطق والطوائف والمذاهب والفئات الاجتماعية المختلفة، باتت أضعافاً مضاعفة، عكس الرهانات الكبرى التي عاشها الناس مع بداية العهد، عندما وضعوا الآمال الكبار بأن زمن العزلة والانكسار والإذلال العام إلى زوال.

على مدى أشهر، ازدهرت سرديات تبرر الحفاظ على سلاح «حزب اللّه» والامتناع عن تسليمه تنفيذاً لقرارات مجلس الوزراء. مواقف تصاعدت في مواجهة اتساع الاستباحة الإسرائيلية، فتكررت الترهات عن الحاجة إلى «قوة المقاومة»، وهي التي في ذروتها سقط سلاحها في كل الاستحقاقات. إطلالات مملة للأمين العام لـ«الحزب»، الشيخ نعيم قاسم، أعاد فيها تدوير الكلام عن أن جنوب الليطاني غير شماله، لينفي حق الدولة في حصرية السلاح والإمساك بقرار الحرب والسلم؛ لأنها عاجزة عن ردع العدو الإسرائيلي. وراح يفصّل ماهية «الردع» و«النجاحات المحققة»، في إنكارٍ مطلَق للواقع؛ بدءاً من استدراجه الاحتلال، إلى عجز السلاح عن حماية حامليه، ثم التعامي عن مسح عشرات البلدات عن الخريطة، وبقاء عشرات ألوف الأسر في تهجير قد يصبح مستداماً. ثم يتباهى بحزبيته المتضخمة ليعلن أن الحاصل هو «انتصار للمقاومة وللناس وللبنان؛ لأننا منعنا العدو من تحقيق أهدافه في القضاء على المقاومة»!

تنقل الوفود الزائرة المخاوف من حرب مدمرة؛ لأن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو اتخذ قرار «إكمال المهمة» ضد لبنان... وهي «الحق» في التدمير؛ والذريعة: منع «الحزب» من ترميم قدرات تهدد إسرائيل مستقبلاً (...)، وهذا «الحق» أكد عليه اتفاق وقف النار بعبارة: «لا يلغي هذا الاتفاق هذا الحق (...)». وتُذكِّر الوفود بأن واشنطن حددت نهاية العام للانتهاء من جمع السلاح، وهذا موعد كان قد حدده رئيس البلاد. فتدعو صادقة لخطوات مقنعة تقطع مع مسار التراخي بتنفيذ قرار جمع السلاح؛ مما قد يؤجل الأخطار الداهمة. توازياً، يعلن الشيخ قاسم في ذكرى مقتل هيثم الطبطبائي، القائد العسكري الإيراني لميليشيا «حزب الله»: «من حقنا الرد. سنحدد التوقيت لذلك»! وللطبطبائي تاريخ طويل في قيادة عمليات قتل اليمنيين وفي إلقاء البراميل المتفجرة على رؤوس السوريين.

من السهل على «حزب الله» القول إنه ليس مهزوماً لمجرد بقاء بعض الوجوه على قيد الحياة. لكن الفارق سنوات ضوئية بين سرديات «الحزب» الانتصارية، وما يعيشه الناس المتعذَّر عليهم تجاهل تداعيات نكبة حرب «الإسناد»، واستحالة القفز فوق الواقع، فيما الوقائع ناطقة. هنا لا يكون الأمر خارج المألوف أن يعلن مستشار المرشد الإيراني أن «حزب الله» ثروة، وأنه «أهم للبنانيين من الخبز والماء»؛ ذلك أن نزع السلاح يُفقد طهران أهم أوراق نفوذها، خصوصاً بعد خروجها من سوريا.

لا تجوز الاستهانة بهذا الموقف؛ لأنه، من جهة، بقدر ما يشتد الحصار على النظام الإيراني العاجز عن تأمين مياه الشفة لسكان طهران، فإنه سيمضي في ادعاء القدرة على دعم المتبقي من أذرعه في خطاب مهزوم يبحث عن الربح. ومن الجهة الأخرى، فإن الخطورة تكمن في الدفع لتثبيت «شيعية» سلاح هو خارج الفعل في وجه العدو، لكن الحفاظ عليه، أشبه بـ«بوليصة ضمان بقاء أرجحية الثنائي»؛ «أمل» و«حزب الله»، في السلطة؛ لمزيد من التغول على الدولة والإبقاء على «مكاسب» لا دستورية فرضها السلاح اللاشرعي والإمساك قسراً بقرار البلد.

في هذا التوقيت، قطعت مواقف رئيس الحكومة، نواف سلام، مع سياسة «شراء الوقت» فقال: «لبنان متأخر في موضوع حصر السلاح وبسط سلطة الدولة»، مضيفاً: «(الحزب) يقول إن سلاحه يردع الاعتداء، ولكن العدو اعتدى والسلاح لم يردعه.

كما أن هذا السلاح لم يحمِ قادة (الحزب)، ولا اللبنانيين وممتلكاتهم، والدليلُ عشرات القرى الممسوحة... هذا السلاح لا رَدَع، ولا حَمَى، ولا نَصَرَ غزة. ونحن لم نطبق القرار الدولي (1701) في عام 2006». وأتبع ذلك بإدراجه بنداً أول على جدول أعمال مجلس الوزراء الخميس المقبل: «عرض قيادة الجيش الشهري حول خطة حصر السلاح في المناطق اللبنانية كافة إنفاذاً لقرار مجلس الوزراء»، فحمل هذا البند أول إعلان رسمي بأن حصر السلاح يشمل كل لبنان ولا يقتصر على جنوب الليطاني.

من المبكر إطلاق التوقعات، لكن المطروح على مجلس الوزراء يقطع مع تماهي بعض السلطة مع طروحات «الحزب» بأن نزع السلاح باب للفتنة (...)، والتذرع بضعف في القدرات العسكرية، إلى طروحات تتحدث عن مبدأ «الخطوة - خطوة»، في تجاهل لواقع أن نزع السلاح اللاشرعي مسألة وطنية لبنانية قبل أي أمر آخر.

إن الأمر العملي الآن، إلى جانب مهام الجيش الكبرى في جنوب الليطاني، ضم المنطقة بين نهرَي الليطاني والأوّلي إلى عمليات الجيش لحصر السلاح، أي شمول الخطة كل الجنوب. إنها خطوةٌ ضرورية لسحب البساط من تحت أقدام المخطط الإسرائيلي، ومدخلٌ جدي للحصول على توافقات أميركية ودولية بشأن نزع السلاح. والموقفُ المسؤول، في زمن بحث موازنة عام 2026، يفترض تخصيصَ الأموال للجيش، والأموالُ موجودة، لزيادة القدرات وللتطويع في صفوفه، من أجل جيش شاب ينتظره كثيرٌ من المهام. تخصيص الأموال، من دون أي انتظار، هو اليوم استثمارٌ في السلام المستدام لا غنى عنه لقيام الدولة المرتجاة بديلاً عن الدولة التي فككها التحالف المافياوي لتسهيل نهبها واستتباعها لمحور الخراب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في كيفية إنهاء زمن غطرسة المهزوم في كيفية إنهاء زمن غطرسة المهزوم



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt