توقيت القاهرة المحلي 20:26:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شيوعى اسمه إسماعيل ياسين!

  مصر اليوم -

شيوعى اسمه إسماعيل ياسين

بقلم - طارق الشناوي

آفة حارتنا الآن هى (النت).. صرنا نستسلم له، رغم أن جزءًا كبيرًا من المعلومات المتداولة تنقصها الدقة، هذا إذا لم تكن تخاصم تماما الحقيقة، وليس هذا وليد هذا الزمن، فى الماضى، كنا نخضع أيضا للعديد من الحكايات توارثناها ممن سبقونا، وتعيد الصحافة نشرها بدون تمحيص ولا مراجعة، رغم أن المنطق يكذّب الكثير منها.

بعض الفنانين دفعوا ثمن تلفيق عدد من تلك الحكايات. فى الماضى، كان من الممكن أن تغنى تعاطفًا مع أهل الفن وتجد أيضا من يردد وراءك (عينى علينا يا أهل الفن /يا عينى علينا).

هذا المونولوج له قصة، زمنها نهاية الأربعينيات، عندما أراد إسماعيل ياسين السخرية من تعبير كان ولا يزال شائعا (أغنياء الحرب)، فى كل الدنيا هناك من يستثمر مصائب الناس، وتحديدا عندما يُصبح مصابا جماعيا مثل الحروب وتوابعها من دمار وتشريد.. وهكذا غنّى سُمعة للشعب على نفس الوزن والإيقاع والنغمة (عينى علينا يا فقرا الحرب / يا عينى علينا /عدى الحرب / ولسه الكرب/ بيلعب بينا).

ملحوظة: ليس لدىَّ يقين عمن هو الشاعر الذى كتب هذا (المونولوج)، غالبا أحد الموهوبين المظلومين فى تاريخنا الغنائى واسم الشهرة (ابن الليل).

كان من الممكن التعامل مع تلك الكلمات ببساطة، إلا أنه مع نهايات الحرب بزغ التوجه الشيوعى الذى كان يتزعمه (الاتحاد السوفيتى)- سابقا- قبل أن يسمى (روسيا) بعد تحلله إلى عدة دول عام 91، كان الخوف القائم لدى المعسكر الغربى، وعلى رأسه أمريكا، هو الفكر الشيوعى الذى سيطر على المشهد العالمى، مواكبا للحرب الباردة بين الكتلتين الشرقية والغربية، وأصبح هناك ما يعرف بـ (المكارثية)؛ نسبة إلى عضو مجلس نواب أمريكى جوزيف مكارثى، كان يحاسب الناس فى أمريكا على ما يعتقد أنها ميولهم الدفينة.. وهكذا مثلا لاحق الاتهام بالشيوعية أيقونة الكوميديا فى العالم ولا يزال «شارلى شابلن». والغريب أن الوشاة كانوا أيضا فنانين، وبعضهم لا يمكن إنكار موهبتهم، مثل المخرج إيليا كازان، الذى اعترف بعد إسقاط المكارثية بأنه كان مضطرا تحت ضغوط الأجهزة لأداء هذا الدور.

مثل هذه الاتهامات لاحقت الكثيرين فى مصر.. آخر من يمكن أن توجه له هو إسماعيل ياسين، من الواضح أن إدارة الرقابة التى كانت تابعة وقتها لوزارة الداخلية اعتبرته يدعو للشيوعية؛ لأنه يناصر الفقراء ضد الأغنياء.. ملحوظة الرقابة تحكمها أحيانًا تلك النظرة المتحفظة والمتحفزة، التى بدأت تعلن عن نفسها منذ فيلم (العزيمة) لكمال سليم فى نهاية الثلاثينيات، حيث أصرت على تغيير اسمه الأول (الحارة)؛ لأنها رأت فى العنوان انحيازًا للطبقة الفقيرة.

دعونا نضع نقطة ومن أول السطر، ونفكر معا كيف يُتهم (سُمعة) بالشيوعية، رغم أنه لا يمكن أن يعرف الفارق أساسا بين الشيعى والشيوعى، هذه هى شريعة الأجهزة عندما تأخذ بظاهر الأمور، يغنى من أجل الفقراء، فهو إذن يكره الأثرياء ويدعو للثورة.. ماذا فعل سُمعة؟، أعاد بعد سنوات قليلة تقديم المونولوج بكلمات أخرى (عينى علينا يا أهل الفن / يا عينى علينا).. نعم، عينى عليهم وعلينا، وقتها كان من الممكن أن تلحظ تعاطفًا ما مع الفنانين، على عكس هذا الزمن، تلاشى تماما أى إمكانية لخلق أى قدر من التعاطف. الصورة الذهنية للفنان فى الضمير الجمعى حاليا ليست أبدا فى صالحه.. وتلك حكاية أخرى!.

ويبقى الدرس الأهم؛ إن علينا ألا نستسلم للأحكام المطلقة ونتناقل الحكاية المختلقة ونردد مثلهم «إن إسماعيل ياسين كان شيوعيا»، بينما هو فى الأمور السياسية (أبيض يا ورد)!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيوعى اسمه إسماعيل ياسين شيوعى اسمه إسماعيل ياسين



GMT 18:20 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

ذبح محمد صلاح!!

GMT 18:19 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

«دافوس» فى الرياض (١)

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 09:23 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 08:41 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الخميس 22 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 19:37 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

سفيتولينا تودع بطولة فرنسا المفتوحة للتنس أمام بودوروسكا

GMT 12:53 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

علماء يكتشفون79 مضادا حيويا جديدا في براز الإنسان يطيل العمر

GMT 01:31 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

رانيا يوسف ترقص أمام مدرسة ابنتها احتفالا بتخرجها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon