توقيت القاهرة المحلي 10:04:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ترمومتر» الجمال

  مصر اليوم -

«ترمومتر» الجمال

بقلم : طارق الشناوي

لمَن ينحاز عضو لجنة التحكيم؟ سؤال كثيراً ما تعرضت له. إجابتي الدائمة هي للعمل الفني الأكثر جمالاً. الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب له مقولة رائعة: (لا شيء يقف أمام الأجمل).
هذا ما حرصت عليه، أثناء مشاركتي في لجنة تحكيم مهرجان (قرطاج) الدورة (32)، التي أعلنت نتائجه مساء السبت الماضي.
من المهم أن تنحّي جانباً انتماءك الشخصي السياسي أو الفكري، سواء لنوع الفن الذي تفضله، أو الفنان الذي تحبه، حتى حبك لوطنك عليه ألا يقيد اختياراتك، لأنك تمارس في لجنة التحكيم دور القاضي، الذي ينحاز فقط للعدالة. إنها قطعاً مهمة شاقة أن تتحرر من كل القيود.
أتذكر نجمة مصرية قبل نحو عام، بعد نهاية عملها في لجنة التحكيم، جمعتنا سهرة أقامها المهرجان، كانت تتباهى وبصوت مسموع، أنها استطاعت أن تضغط على رئيس اللجنة حتى يمنح صديقتها النجمة الشهيرة جائزة الأفضل، وقالت لي إن المخرج الأوروبي، أنصت إليها وهي تلقي محاضرة، تؤكد فيها جدارة زميلتها بالجائزة، بحكم تاريخها الفني الذي يربو على ثلاثة عقود من الزمان، والغريب أنه استجاب لطلبها، واشترط فقط أن تقتسم معها الجائزة بنت بلده التي نافستها في المسابقة.
البعض يأتي من أوروبا مشاركاً في لجان تحكيم المهرجانات العربية، وهو يحمل أفكاراً مسبقة بأن المقايضة ممكنة، وهي ظاهرة سلبية، سببها الحقيقي أن بعض المهرجانات بالفعل قد تضع معايير أخرى خارج النص.
بينما ما كنت شاهداً عليه في مهرجان (قرطاج) أن المخرج الكبير رضا الباهي، مدير المهرجان، لم يضع معياراً واحداً تتوجه من خلاله جوائز اللجنة، ولم يعرف حتى لمَن توجه الجائزة، إلا مثل الجميع عند إعلان النتائج، على خشبة المسرح.
في بعض المهرجانات، هناك مَن يحسبها سياسياً، هكذا مثلاً مهرجان دمشق السينمائي الذي انطلق في عهد حافظ الأسد، سبعينات القرن الماضي، واستمر حتى قيام الثورة في دمشق ضد بشار عام 2011، بعد أن تعذر أمنياً إقامته. ظل المهرجان طوال تاريخه يضع المعيار السياسي سابقاً على الفعاليات الفنية، عندما تصبح مثلاً العلاقة إيجابية مع مصر، تتم دعوة المصريين بأعداد ضخمة، وكثيراً ما تحركت رحلة بطائرة خاصة من (القاهرة) إلى (دمشق)، وعندما تتوتر العلاقة سياسياً، لا تُستبعد فقط مصر من الجوائز، ولكن يتم التعتيم على السينما المصرية وعلى كل النجوم المصريين.
مصداقية المهرجان تستطيع أن تراها ماثلة أمامك عندما يحطم تلك القيود، ويخضع فقط للمعيار الفني الصارم في كل فعالياته.
أغلب الدول العربية تقيم المهرجانات من خلال وزارة الثقافة أو في الحد الأدنى تدعمها مالياً، وهو ما يتيح لها أن ترسم معالم الطريق والرسائل التي يجب أن تقدمها مباشرة أو مضمرة، على الجانب الآخر، حتى يمتلك المهرجان مصداقيته الدولية، عليه أن يكتسب أرضاً جديدة من خلال انفتاحه على العالم، وتقديم فعاليات لا تراهن إلا على الإبداع وتفتح الباب لكل الأفكار.
كثيراً ما كنت أشاهد مظاهرات تحيط قاعة (لوميير) في مهرجان (كان)، لأن هناك توجهاً سياسياً مرفوضاً تبناه أحد الأفلام، أو لأنه يؤيد توجهاً ما. لا تستطيع أن تعزل السياسة قطعاً عن الشريط السينمائي، ولكن على ألا يصبح مهرجاناً سياسياً، والفارق ضخم.
على أعضاء لجان التحكيم قبل أن يشرعوا في ممارسة مهمتهم، أن يرددوا مثلي وراء الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب مثلما فعلت في قرطاج (لا شيء يقف أمام الأجمل).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ترمومتر» الجمال «ترمومتر» الجمال



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt