توقيت القاهرة المحلي 09:05:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشباب يحبون فلسطين

  مصر اليوم -

الشباب يحبون فلسطين

بقلم - سوسن الأبطح

الوقت لا يعمل لصالح إسرائيل. هذا ما تقوله الأرقام والدراسات. المزاج العام يتغير. الجيل الجديد مرجعياته مختلفة، لا تنال منه وسائل الإعلام التقليدية، ويعتمد على ما يتدفق من تطبيقات وسائل التواصل، ويعرف كيف يبحث عن المعلومة الصحيحة، في أكوام القش التي تنهال عليه. وهذا لم يبدأ في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، مع المآسي المتصاعدة من غزة.

استطلاعات الرأي في أميركا منذ سنوات، تظهر تعاطفاً متزايداً بين الشباب مع فلسطين مقارنة بالأكبر سناً، خاصة بين الإنجيليين المؤيدين تاريخياً لإسرائيل، وكذلك بين الديمقراطيين.

ما تزال غالبية الأميركيين قلوبهم على إسرائيل ويريدون حمايتها برموش العين، لكن الخلافات بدأت تظهر في وزارة الخارجية، وداخل الكونغرس، بسبب الموقف المتشدد لأميركا في تأييد إسرائيل، والذي يثير حساسيات عالية.

أكثر من استطلاع، أجرته وسائل إعلام وشركات إحصاء على مدى السنوات الماضية، بينت جميعها، أن الشباب لم يعودوا يتعاطفون مع إسرائيل بالشكل الجارف الذي كان عليه آباؤهم. أشهر الاستطلاعات صدر عن «مركز بيو للأبحاث» وتبين أن 61 في المائة ممن هم دون الثلاثين، يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني، بينما لا تصل النسبة إلى أكثر من 47 في المائة لدى من تجاوزوا 65 عاماً. وينظر الجمهوريون بإيجابية أكبر للإسرائيليين، ويؤيدونهم بنسبة 78 في المائة، بينما يكاد يتساوى المؤيدون للطرفين لدى الديمقراطيين من كل الأعمار.

ومع تصاعد حدة النيران ومشاهد موت الأطفال ووصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل وإعلانه الدعم المطلق لها، في الوقت الذي تدق فيه جماعات حقوق الإنسان ناقوس الخطر وتعلن منظمة الصحة العالمية عن مأساوية الوضع، ويجاهر أفراد وضباط من الجيش الإسرائيلي برغبتهم في إخلاء غزة من سكانها، وعجز المنظمات الإنسانية عن تقديم أي مساعدة، إضافة إلى قصف المستشفى الأهلي، كل هذا جعل نسبة تأييد الشباب الأميركي لبايدن بحسب استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك، مؤخراً، تتدهور، بمقدار 25 في المائة. ويرينا الاستطلاع نفسه أن نصف الناخبين تحت سن 35 عاماً لا يوافقون على إرسال الأسلحة والدعم العسكري لإسرائيل، بينما 42 في المائة من الناخبين من جميع الفئات العمرية يوافقون على ذلك.

هذا يمكن أن يفسر المظاهرات العالية النبرة في الجامعات الأميركية الكبرى، مثل كولومبيا، وهارفرد. وباسم ائتلاف من 34 منظمة طالبية صدر بيان يدين «نظام الفصل العنصري، الذي هو الجاني الوحيد والمسبب للحرب». في المقابل هدد الممولون لهذه الجامعات، وبينها بنسلفانيا، بوقف تبرعاتهم بسبب المواقف العدائية ضد إسرائيل، وهددوا بمنع توظيف المحتجين ونشر أسمائهم والتشهير بهم.

وكلما صغرت الفئة العمرية المستطلعة ازداد تنوعها، هذا ليس في أميركا وحدها، بل في أوروبا أيضاً. جمعيات، حقوقيون، نقابات، أكاديميون، لا يرون تأييد إسرائيل سهلاً حين تقتل كل ربع ساعة طفلاً في غزة. وتساءلت «الغارديان» البريطانية «كيف سينظر أطفال غزة الناجون من هذا الهجوم العنيف إلى من سمحوا بارتكابه؟».

لذلك ليس مصادفة أن يتظاهر مائة ألف شخص، على أقل تقدير، في لندن من أجل فلسطين. أمر غير مسبوق في عاصمة وعد بلفور، البلد الذي تبرع بفلسطين لليهود، ومظاهرات أخرى في برمنغهام، بوسط إنجلترا، وفي كارديف في ويلز، وفي مدن أوروبية أخرى. وسائق مترو الأنفاق يصرخ ويردد الركاب المتظاهرون خلفه «فلسطين حرة» ويتعرض للمساءلة. تلك مشاهد جديدة، في الوقت الذي تخوض فيه وسائل إعلام غربية معركة مستميتة للدفاع عن «حق إسرائيل في الدفاع عن النفس» والتذكير الدائم بما تعرضت له يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من «مجازر» على أيدي «إرهابيين» يتوجب القضاء عليهم.

المعركة حامية الوطيس في أوروبا، وفي أميركا. ومع ازدياد حمى قصف المدنيين في غزة، وتدفق الصور المريعة، تعلو الأصوات أكثر، حتى قال السياسي والكاتب الفرنسي جان بيار مينار «قبل أن نسعى لوقف إطلاق النار في غزة، علينا أن ننجح في فرض ذلك في فرنسا». وللمرة الأولى رغم الانحياز لإسرائيل يتساءل الفرنسيون في برامجهم التلفزيونية: «هل حقاً نحن نكيل بمكيالين؟»، و«لماذا يكرهوننا؟» و«ماذا فعلنا ليتظاهر المحتجون أمام سفاراتنا؟». وفي البلد الذي تعيش فيه أكبر جالية مسلمة في أوروبا، إلى جانب أكبر جالية في القارة، يبدو الوضع متشنجاً والانقسام مدوياً، ومنع التظاهر من أجل فلسطين يتواصل، وشد الحبال بين السلطات والمؤيدين للفلسطينيين متواصل، ولا أحد يخفي خشيته من فوران المشاعر الجياشة، وما يمكن أن تفضي إليه ثورات الغضب.

ولا داعي للحديث عن الشباب العربي، الذي ظننا أنه نسي فلسطين، وانشغل بيومياته الخاصة، فإذا بالمظاهرات في كل عاصمة، تشي بأن الجيل الجديد، قد يكون أكثر تشدداً في حرصه على فلسطين، من الآباء الذين عاشوا النكسة ولا يزالون يعيشون تحت وطأة انكساراتها. لكن المفاجأة الكبرى تأتي من إسرائيل نفسها، التي يريد أكثر من نصف شبابها وخاصة العلمانيين منهم، هجرة البلاد، وهي في حالة تهديد وجودي، بدل الانخراط في القتال والدفاع عن «أرض الميعاد» لأسباب لها علاقة بالتمييز وفقدان الإحساس بالعدالة والأمن وضيق الأمل. وقد بدأت الهجرة بالفعل، منذ أزمة التعديلات القضائية، التي أثارت احتجاجات وغضبا عارمين، ووصول متطرفين دينيين إلى السلطة.

لكلٍّ حساباته، مع القضية الفلسطينية، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) وما تلاه من دماء وغضب وانقسامات شطرت العالم، وقسّمت الشعوب، وهيجت الوجدان، أن المارد الذي استفاق لا يمكن أن يعود إلى قمقمه من دون تحولات كبرى، لا أحد يعرف اليوم اتجاهها. أما على المدى المتوسط، فإن على إسرائيل أن تتعامل مع الرأي العام بطريقة مختلفة جذرياً، هذا إن أمكنها ذلك، لأن للشباب حساسية أخرى، لا يبدو أنها التقطتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشباب يحبون فلسطين الشباب يحبون فلسطين



GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 01:01 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 00:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة
  مصر اليوم - أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon