توقيت القاهرة المحلي 05:22:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المشاركة الاقتصادية شرط المساواة بين الجنسين

  مصر اليوم -

المشاركة الاقتصادية شرط المساواة بين الجنسين

بقلم: د. آمال موسى

نتحدث كثيراً عن مسألة المشاركة السياسيَّة للمرأة العربية في مواقع القرار، ونصيبها من الحقائب الوزاريّة والبعثات الدبلوماسية ونحرص في الوقت نفسه على تحقيق تراكم في التشريعات التقدمية الضامنة لمواطنة المرأة في بلداننا... ولكن قلَّما نُخصّص جزءاً من هذه الأحاديث والنّقاشات وحتى البحوث العلمية للتطرق إلى قضية المشاركة الاقتصادية للمرأة العربية اليوم في مجتمعاتنا العربية والإسلاميّة بشكل عام.

قد لا نبالغ إذا قلنا إنَّ كلَّ الحل يكمن في المشاركة الاقتصادية، إذ إنَّ هذه المشاركة بالتحديد هي القادرة على فتح ملفات المشاركة السياسية والاجتماعية من المدخل الواقعي والفعال.

طبعاً لا تفوتنا الإشارة إلى أنَّه رغم بعض الخيبات والإحباطات فإنَّ مسألة المرأة عرفت نقلة نوعية في مختلف البلدان العربية من دون استثناء، إذ تأكد للنخب الحاكمة أنَّه لا تقدم بلا تحسين وضعية المرأة، ولن يتعامل معنا العالم إلا إذا التزمنا السير في طريق عدم التمييز بين المواطنين على أساس الجنس. بل إنَّ بلداننا أصبحت تتنافس فيما بينهما حول مَن الأكثر إرادة سياسية في ملف المرأة، ومن الأكثر تشريعات واعترافاً بحقوق المرأة في الفضاء العربي الإسلامي.

وإذا ما وضعنا في الاعتبار أنَّ مسألة المرأة تصبُّ في جوهر عملية التغيير الثقافي في النسق الاجتماعي العربي، وأنَّ الأمر يتَّصل بالعقليات وبتوزيع تقليدي محافظ للأدوار والمراكز في الأنموذج الثقافي العربي، فإنَّ المنجز يعد من الأهمية بمكان.

هناك من ينظر إلى المنجز التشريعي بعين غير راضية، ويرى أنَّه لا يضاهي عقوداً من التحاق الفتاة العربية بالتعليم الإلزامي، وبما أظهرته أجيالٌ نسائيةٌ متتاليةٌ من قدرة على التفوق الدراسي، حتى أصبح عدد الطبيبات والمهندسات والمحاميات والجامعيات والمبدعات يتجاوز الآلاف في بلداننا، ناهيك عن استئثار الفتيات بأفضل المعدلات الدراسية. بمعنى آخر هناك موقف يرى أنَّ المرأة العربية بصدد جني فتات والحال أن زرعها وافر. بل إنَّ أصحاب هذا الموقف يمعنون في تقويم المنجز وإظهاره شكلانياً ضعيف القيمة عندما يقارن بمظاهر الهيمنة الذكورية في مجتمعاتنا وبظاهرة العنف ضد المرأة وبتوظيف الأحزاب السياسية للمرأة كخزان انتخابي وخدعة لتسويق صورة تقدمية لا غير.

وفي الحقيقة إنَّنا لا نستطيع موضوعياً إنكار المنجز التشريعي المهم وما طرأ على حضور المرأة في مختلف الحقول الاجتماعية من تغير نوعي لافت، وفي الوقت نفسه يكشف لنا واقع الممارسات الاجتماعية في جل بلداننا عن مظاهر نظرة دونية للمرأة، وهيمنة وتوظيف متعدد الأبعاد سواء توظيف صوتها سياسياً أو توظيف جسدها كسلعة في وسائل الإعلام وعالم الاقتصاد والمال.

وأمام هذا الواقع المعقد الذي ينطوي على مظاهر متناقضة ومركبة يبدو لنا أنَّ الأمر الغائب عنا، والجدير بالتفكير فيه، هو مسألة المشاركة الاقتصادية الفاعلة للمرأة العربية اليوم في الاقتصادات العربية؛ ذلك أنَّ تاريخ الهيمنة الذكورية ارتبط بهيمنة الرجل على الأرض وامتلاكها. فمع بداية امتلاك الأرض انطلق تاريخ الهيمنة الذكورية وامتد ليشمل كافة حقول الفعل الاجتماعي. طبعاً نحن هنا في صميم التفكير المادي الذي يتراءى لنا ناجعاً أكثر من أي تفكير آخر في مسألة المرأة، خاصة بعد ما قطعته من أشواط في مجال الوعي والتعليم وكيفية بناء المرأة العربية اليوم لهويتها الذاتية.

لا شك في أنَّ المرأة حاضرة بقوة في الاقتصاد وفي مختلف القطاعات سواء الفلاحة أو المعامل والمصانع أو القطاع الصحي والتعليم والسياحة... ولكن حضورها كمي أكثر منه نوعياً. وكي نبرز فكرتنا أكثر فإنَّ المطلوب هو سيدات أعمال وصاحبات مؤسسات اقتصادية تماماً كما هو حال رجال الأعمال، وذلك لأنَّ ظهور سيدات أعمال يعني أنَّ الثروة في طريقها للتقاسم بين الرجل والمرأة في الاقتصاد ومنه في السياسة وغير ذلك.

عندما تصبح المرأة شريكة في الثروة ومالكة لوسائل الإنتاج فساعتها ستسهم بشكل قوي في تغيير العقلية والنسق الثقافي الاجتماعي بشكل عام وستصعد إلى الحكم عن جدارة وليس من خلال المحاصصة. عندما تصبح المرأة العربية مالكة للثروة وصاحبة جزء مهم من المؤسسات الاقتصادية، وتقوم بتسيير الأعمال وتفرض نفسها في قيادة الاقتصاد وتحقيق الطفرة فيه، ساعتها يمكن الحديث عن المساواة الحقيقية بفعل الواقع وبقانون امتلاك الثروة.

لقد قامت نقاشاتنا في مسألة المرأة وطرق تحقيق المساواة بينها وبين الرجل على بنود شملت الإرادة السياسية ونضال المجتمع المدني، من أجل التشريعات والحقوق المنصفة للمرأة، وهي أسس نقاش عمومي مهمة واستفدنا منها وحققنا منها حسب تقديرنا أقصى ما يمكن. وقد آن الأوان للتركيز على المشاركة الاقتصادية للمرأة من زاوية ليس فقط المرأة كيدٍ عاملة وموظفة، بل من زاوية القيادة وامتلاك المؤسسات وبعث المشاريع ومنتجة للثروة ومالكة لها.

أغلب الظن لن نتجاوز ثقافة الهيمنة الذكورية والممارسات الاجتماعية الرجعية، إلا بحصول طفرة كمية ونوعية في عدد سيدات الأعمال العربيات، وفي قوة وأهمية المؤسسات التي تمتلكها النّساء.

إنَّنا نقترح ملكية مشتركة للأرض بين الرجل والمرأة، وإنتاجاً مشتركاً للثروة ليتم آلياً تقاسم الثروة، ومنه القرار والدور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشاركة الاقتصادية شرط المساواة بين الجنسين المشاركة الاقتصادية شرط المساواة بين الجنسين



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon