توقيت القاهرة المحلي 10:32:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا عن اليوم التّالي؟

  مصر اليوم -

ماذا عن اليوم التّالي

محمد الرميحى
بقلم : د.محمد الرميحى

التفكير في مستقبل المعركة القائمة هو من السيناريوات الصعبة، إذ تصعب الإجابة عن سؤال ما سوف يحدث في فلسطين في اليوم التالي. وقد يكون مفيداً للتطلع إلى مستقبل هذه المنطقة في هذه المرحلة الحرجة.

في بداية أي معركة عسكرية، بصرف النظر عن ظروف نشأتها وملابسات أحداثها، لا بد لها من سيناريو سياسي يعقبها، سواء على طاولة الانتصار أم الهزيمة، ولذلك فإن الافتراض هو أن يكون هناك عدد من السيناريوات التي سوف تعقب عاصفة غزة إن صح التعبير، ترى ما هي؟ أراها تتخلص في ستة محاور:

أولاً: قد يتم اجتياح غزة بقوة إسرائيلية كبيرة، وثمة احتمال وقوع خسائر بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، ويمكن تصور نتيجتين، الأولى هي سقوط غزة في يد الاحتلال، والثانية هي خسارة فادحة وهزيمة للجيش الإسرائيلي. هنا لا يجب التمني، بل التعامل مع الوقائع، فالاحتمال الأول هو الأقرب، ولكنه أيضاً ينشئ إشكاليته الخاصة، من يحكم غزة؟ ومع من يجري التفاوض؟

ذلك أن حدثاً كهذا، يعني، لفترة طويلة، اجتثاث أي فكرة للكفاح المسلح، وربما للتفكير في طرق أخرى، ولكن الأكيد أن الإسرائيلي سوف ينتهي منتشياً، وقد يكرر اجتثاث كل قوة ميليشوية مسلحة في الجوار، ومنها "حزب الله" اللبناني، حتى لا يقع من جديد في معضلة الهزيمة الموقتة التي لا يحتملها المجتمع الإسرائيلي، أما بقاء "حماس" بأي شكل من الأشكال في غزة فسوف يصبح انتصاراً للداعمين لها وتكريسهم كلاعب أساسي في اللعبة السياسية في الشرق الأوسط، وربما توسع نفوذهم، وأولهم هو النظام الإيراني.

ثانياً: القوة الميليشيوية المسلحة الأخرى في الجوار هي "حزب الله" في لبنان، ومن حقه المطلق أن يتخذ القرار الذي يناسبه في الدخول في المعركة الحالية أو الامتناع عن ذلك. ما يحدث على الجبهة الشمالية لإسرائيل الآن هو ما يُعرف بـ"الاشتباك المحدود" Tet for tat، وفي الغالب متفق عليه بين الطرفين، وذلك لإعطاء المتكلمين باسم الحزب في الإعلام ذخيرة كلامية بأن الحزب يحارب! السقوط في المزايدة مذموم، ولا شك في أن الحزب ومموّليه من حقهم اتخاذ القرار الذي يناسبهم، وهو إن تم قرار بالغ التكلفة على كل لبنان، ولكن ليس من حق الحزب بعد الآن، إن سارت الأمور في حدود "شروط الاشتباك"، أن يقول للعامة من اللبنانيين إنه يريد تحرير فلسطين وإنه يحتفظ بكل تلك الترسانة من السلاح من أجل ذلك الهدف (تحرير فلسطين)، ذلك شعار يجب أن يستبدل بتخريب الدولة اللبنانية لا أكثر، ومخلب قط للاستفادة منه في الجوار غير الإسرائيلي والبقاء متحكماً في دولة لا حول لها ولا قوة.

ثالثاً: في حال سقوط "حماس" في غزة، فإن الإسرائيلي لن يتأخر في جر "حزب الله" إلى منازلة ينفرد بها وبلبنان من أجل، مرة أخرى، تأمين شمال إسرائيل إلى فترة طويلة، فقد علمته أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أن النوم قرب ميليشيا مسلحة تأتمر من الخارج مغامرة لا يحتمل تكرارها، فالخيار المتاح والأفضل لـ"حزب الله" الآن هو من الإشغال كما يقول المدافعون عنه إلى الإشعال حفاظاً على صدقيته من جهة، وتوقياً للانفراد به من جهة أخرى، أولاً من أجل تخفيف الضغط عن أهل غزة التي تنزف بشراً وقدرات في سحق الطيران الإسرائيلي الحجر والبشر، وثانياً لتحقيق شروط أفضل في التفاوض السياسي المقبل إن حدث.

أما موقفه الحالي فقد لمّح إليه بعض قادة "حماس"، منتقدين إياه، إلا أن هذا السيناريو السابق غير مفكر فيه حتى الساعة، ربما بسبب الثمن الذي يمكن أن يدفعه راعي الحزب إيران، وقد كان مندوب إيران في الأمم المتحدة صريحاً وواضحاً في هذا الملف، حيث قال إنه إن لم تمس طهران ومصالحها، يعني "حزب الله"، فلن ندخل في المعركة، أي أنهم ضمناً لا يعنيهم عدد الضحايا التي تسقط، لأن من يدفع الثمن هي الأرواح الفلسطينية.

رابعاً: يعرف متخذ القرار في معظم العواصم العربية والغربية أن ما يحدث هو بإيعاز من إيران، ربما لقطع الطريق على احتمال تصور سلام عربي - إسرائيلي يحتمل أن يأخذ منه الفلسطينيون ضماناً لدولة مستقلة، فإن حدث ذلك في نهاية المطاف، تفقد إيران قدرتها على التجنيد والحشد الجماهيري، فالموضوع الفلسطيني كان ولا يزال مكان استقطاب إيراني لجماهير عديدة في البلدان العربية، من يوم القدس إلى فيلق القدس! ومن يعتقد أن السياسة مبادئ فعليه أن يراجع نفسه!

خامساً: قد يبرر لنا القول السابق ما ذهب إليه السيد محمود عباس، والمعركة مشتعلة، إذ قال علناً إن "حماس" لا تمثل كل فلسطين، وهي مخاطرة سياسية من جانبه تجلب له الكثير من النقد لدى الكثير من العاطفيين والمتحمسين، إلا أن ذلك التصريح في هذا الظرف يشير إلى أن عباس يعرف ربما قواعد اللعبة ومن هو اللاعب الرئيسي في المسرح، وأيضاً خططه في التحريك وليس التحرير! واعتبار القضية بأرواح أهلها حطب شطرنج لتحقيق مصالح أخرى.

سادساً: حتى الآن فإن المعركة الدائرة والاستنزاف الفلسطيني الرهيب في الأرواح فيهما رابح واحد ممسك بكثير من خيوط اللعبة هو إيران، ونشاط وزير الخارجية الإيراني في المنطقة يدل على ذلك، ومظاهره هي الاشتباك المشروط بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي المضبوط على الإيقاع، إلى طائرات مسيرة من الحوثي في اليمن باتجاه إسرائيل، في استعراض للقوة وفي رسالة تحمل من يتحكم في نهاية الأمر بكل تلك الأدوات وهي إيران. أما الخاسر الأكبر فهو الشعب الفلسطيني، وبخاصة في غزة، وثانياً العرب الذين وجدوا شارعهم يكاد يُختطف بسبب العاطفة من جهة والتجهيل من جهة أخرى، وأما الرابح الثاني فهو إسرائيل، التي كانت على شفا تمزق داخلي شديد الانقسام، تجد نفسها من جديد متلاحمة خوفاً من الآتي المجهول.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا عن اليوم التّالي ماذا عن اليوم التّالي



GMT 08:18 2024 السبت ,18 أيار / مايو

يا حسرة الآباء المؤسسين!!

GMT 00:12 2024 السبت ,18 أيار / مايو

دعوة للإصلاح أم للفوضى؟

GMT 00:12 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

قمّة المنامة!

GMT 00:12 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

عادل إمام ونصف قرن على عرش النجومية

GMT 16:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

الفساتين الطويلة اختيار مي عمر منذ بداية فصل الربيع وصولًا إلى الصيف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:57 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

فنانة لبنانية أنهكها العمر ولم تعد تستطيع الحراك

GMT 05:22 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

سان جيرمان يُغري أنطونيو كونتي براتب ضخم

GMT 05:34 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

كايا جيربر تخطف الأنظار بإطلالة من "شانيل"

GMT 11:10 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

لورا ويتمور تجذب الأنظار إلى إطلالاتها السوداء

GMT 09:40 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تعرفي على كيفيّة العناية بالشعر القصير لينمو بكثافة

GMT 22:12 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الإنتاج الحربي يتخطى دجلة بهدفين دون رد فريق

GMT 17:30 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

لوكاكو يتطلع لتوقيع عقد رعاية مع إحدى الشركات الرياضية

GMT 22:34 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمة مسرح مصر ويزو تحتفل بزفافها في التجمع الخامس الإثنين

GMT 08:47 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

ماركو رويس يكشف عن طموح ألمانيا في يورو 2016
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon