توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زيارة من رئيس مأزوم

  مصر اليوم -

زيارة من رئيس مأزوم

بقلم - محمد المنشاوي

لطالما مثلت زيارات رؤساء أمريكا للشرق الأوسط لحظة تاريخية فارقة يختلف ما قبلها عن ما جاء بعدها. عام 1945، التقى الرئيس فرانكلين روزفلت بالملك عبدالعزيز بن سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، فى طريق عودته من مؤتمر يالطا والذى أعاد تشكيل خريطة العالم مع انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وفى عام 1974، قام ريتشارد نيكسون، بأول زيارة لرئيس أمريكى للمنطقة حيث زار مصر وإسرائيل قبل أن يتنحى عن منصبه بعدها بشهرين بسبب فضيحة ووترجيت.
ثم راهن الرئيس جيمى كارتر على الشرق الأوسط وزار مصر وإسرائيل وتوسط لمفاوضات السلام بين الطرفين ونجح فى تسهيل إبرام معاهدة سلام بينهما عام 1979، إلا أنه خسر الانتخابات بعدها بشهور.

تعكس زيارة الرئيس جو بايدن الحالية والقصيرة إلى الشرق الأوسط رغبة إدارة أمريكية مأزومة فى إظهار أن الإدارة المنهكة بقضايا الداخل الأمريكى وتحديات السياسة الخارجية التى تهيمن عليها روسيا والصين، لا تزال تهتم بالمنطقة. كما يعانى بايدن من تراجع كبير ومستمر فى نسب شعبيته وانخفاض التأييد لسياساته ومواقفه.

• • •

من غير المعتاد أن يستبق رئيس أمريكى رحلة خارجية له بحملة دفاعية مبكرة تقدم للداخل الأمريكى وللعالم الخارجى مبررات قيامه بهذه الرحلة.

وقد نشر الرئيس جو بايدن مقالا فى صحيفة واشنطن بوست قبل أيام بعنوان «لماذا أذهب إلى السعودية؟»، وبدلا من تقديم تبرير قوى مقنع للرأى العام الأمريكى عن فوائد قيامه بهذه الرحلة التى تشمل إسرائيل والأراضى الفلسطينية والمملكة السعودية، قال بايدن عن غير قصد الكثير مما يُدين سياسة إدارته ومواقفها فى الشرق الأوسط.

أرجع بايدن الفضل لنفسه ولإدارته منذ وصوله للحكم قبل عام ونصف فى الكثير مما يراه إيجابيات فى سياسات واشنطن فى الشرق الأوسط. واعتبر أنه نجح فى إيقاف حرب غزة العام الماضى، والتى استمرت «11 يوما فقط» كما ذكر. وأرجع بايدن الفضل لنفسه كذلك فى إجراء أول اتصال هاتفى من رئيس الوزراء الإسرائيلى يائير لابيد ليهنئ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بمناسبة عيد الأضحى، واعتبر ذلك نوعا من الاختراق الدبلوماسى الكبير الذى جاء أثناء وجوده فى البيت الأبيض. كما أرجع بايدن الفضل فى الهدوء النسبى الذى تعرفه اليمن، بعد توقيع هدنة بين الأطراف المتصارعة، إلى جهود إدارته. وتجاهل بايدن ديناميكيات القتال، ووصول صواريخ الحوثيين أبو ظبى والرياض، وإدراك السعودية غياب أى طريق للانتصار. تجاهل بايدن أيضا جهود الأمم المتحدة التى دفعت للهدنة التى لم تكن نتاج «للدبلوماسية الأمريكية المستمرة» كما ادعى.

ظهرت كلمة «النفط» مرة واحدة فقط فى مقال بايدن، وربما الهدف من ذلك عدم الرغبة فى رفع سقف التوقعات حول ما تعنيه زيارته لأسعار النفط والغاز خاصة مع تزايد القوة التفاوضية التى تملكها السعودية ودول “أوبك بلس” فى هذا المجال، والتى تضاعفت بسبب أزمة حرب روسيا على أوكرانيا واتجاه الغرب لفرض الكثير من العقوبات على قطاع الطاقة الروسى.

تدرك واشنطن أنها لا ترغب فى رفع سقف الخلافات مع السعودية خاصة بعدما تبنى بايدن خطابا مناوئا للسعودية إبان حملته الانتخابية والتى ظهرت تبعاتها واضحة فى عدم التقائه بولى العهد السعودى، ورفضه التواصل هاتفيا معه.

وأدرك بايدن وفريقه أن تبنيهم موقف العداء من شخص ــ قد يصبح ملكا للسعودية وربما يستمر لأكثر من نصف قرن فى هذا المنصب ــ لا يعكس أى حنكة سياسية واقعية.

من هنا يهدف بايدن من زيارته السعودية أولا لإنهاء عداء لا طائل منه مع محمد بن سلمان بعدما فشلت واشنطن لأسباب عديدة فى ضبط جوهرى للعلاقات الأمريكية السعودية على أسس جديدة كما كانت تأمل.

من الواضح تركيز بايدن على ملفات ثلاثة هى خطوات التطبيع المستقبلية بين دول خليجية وإسرائيل، والمخاوف الأمنية من تبعات أى اتفاق مستقبلى مع إيران، وأخيرا الحديث عن التعاون الدفاعى الإقليمى العربى الأمريكى الإسرائيلى، والذى يستهدف إيران بصورة أو أخرى.

ما لا يدركه بايدن هو أن عملية تغير شكل خريطة الشرق الأوسط الجارية حاليا تحدث سواء رحبت بها واشنطن، أو لم ترحب، خاصة مع وجود رغبة قوية من الأطراف العربية والإسرائيلية فى التأسيس لنمط علاقات مختلف داخل وخارج دول الإقليم.

• • •

مع حقيقة أنه بدون سوق النفط العالمية المضطربة الناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا، والتى ساهمت بصورة غير مباشرة فى وصول أسعار البنزين داخل أمريكا لمستويات قياسية، لم يكن ليفكر بايدن فى زيارة المنطقة على الإطلاق، خاصة أنها تأخذه للسعودية التى وصفها بدولة منبوذة قبل شهور.

كما لا يملك بايدن رغبة أو قدرة لإحداث أى تحول فى قضية الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، فهو لا يستطيع حلحلة جمودها، ولا يرغب فى الضغط على إسرائيل لأسباب مختلفة. وتقيد حسابات السياسة الداخلية فى أمريكا وإسرائيل قدرة بايدن لفعل أى شيء مثل إعادة فتح القنصلية فى القدس، أو مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، بالإضافة إلى وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية. سيقول بايدن العبارات التقليدية التى لا قيمة فعلية لها على غرار حاجة الجانبين إلى تجنب الخطوات التى قد تضر بالوضع النهائى المتمثل فى حل الدولتين، وضرورة دعم تدابير بناء الثقة.
ختاما، تأتى زيارة بايدن قبل 4 أشهر من انتخابات الكونجرس التى يتوقع أن يخسر معها الحزب الديمقراطى أغلبية مجلسى النواب والشيوخ أو كليهما، وهو ما يترك بايدن كبطة عرجاء فى العامين المتبقيين من فترة رئاسية أتوقع أن تكون الأولى والأخيرة له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة من رئيس مأزوم زيارة من رئيس مأزوم



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt