توقيت القاهرة المحلي 23:30:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أي نظام دولي قيد التشكيل؟

  مصر اليوم -

أي نظام دولي قيد التشكيل

بقلم - محمد المنشاوي

بعد خمسة أشهر من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، لا تزال المعارك مشتعلة فى شرق أوكرانيا مع عدم حسم روسيا لأهدافها المعلنة بعد، وعدم قدرة أوكرانيا المدعومة بما يفوق 70 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية والغربية، على منع التقدم الروسى.
ومع استخدام روسيا ببراعة سلاحى النفط والغاز، تلاشى التفاؤل الغربى المبكر بأن هزيمة روسيا فى أوكرانيا حتمية، وتلاشى اليقين فى تشكيل جبهة عالمية تعارض الخطوة الروسية تضم قوى غير غربية مثل الصين والهند والبرازيل.
ورغم ما يجمع روسيا والصين من إرث عدائى وتنافسى، إلا أن بيكين اختارت الحياد الإيجابى تجاه روسيا مفضلة علاقاتها التجارية الواسعة معها على ضغوط الغرب، وهى نفس النتيجة التى حسمتها الهند والبرازيل والكثير من القوى الإقليمية حول العالم مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا وإندونيسيا.
لم يدعم الموقف الأمريكى المتشدد تجاه روسيا سوى دول حلف الناتو ــ باستثناء تركيا والمجر ــ ومجموعة «G7» التى تضم معها كندا واليابان وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا.
تمثل أزمة أوكرانيا فى أحد جوانبها تحديا وجوديا للنظام الدولى الذى دشنت له ودعمته وهيمنت عليه واشنطن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فى أربعينيات القرن الماضى.
تتفق روسيا والصين بالأساس، ومعهما إيران، على ضرورة مواجهة ما يعرفه العالم من هيمنة غربية تقودها الولايات المتحدة. وتؤمن هذه الدول أنه على الرغم من قوة مجموعة الدول السبع التى تمثل 45٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، و52٪ من حجم الإنفاق العسكرى العالمى، إلا أن هذا التكتل يمتلك فى الوقت ذاته نقاط ضعف هيكلية.
• • •
اعتبر المفكر الأمريكى والتر راسيل ميد أن هناك ثلاث نقاط ضعف فى النظام الغربى المُسيطر عليه أمريكيا تمنح الدول الرافضة له بعض الأمل فى سعيهم لتحدى بنية النظام العالمى، وإنهاء هيمنة واشنطن عليه.
أول هذه النقاط يتعلق بالجانب الاقتصادى الحمائى الذى تتجه إليه أمريكا وغرب أوروبا، وقد دشن لهذا الاتجاه بصورة واضحة الرئيس السابق دونالد ترامب.
تقلل السياسات التجارية الحمائية من الجاذبية الاقتصادية للنظام الغربى بالنسبة للكثير من دول العالم الثالث والاقتصاديات الصاعدة. ودعمت سياسات ترامب المعروفة باسم «أمريكا أولا» فى جانبها الاقتصادى والتجارى من جاذبية النموذج الصينى على النموذج الأمريكى فى العديد من أقاليم العالم.
ثانى هذه النقاط يتعلق بالقيم والمبادئ التى ينادى بها الغرب ويدعى التمسك بها وعلى رأسها عالمية قضايا حقوق الإنسان والتغيرات البيئية. إلا أن نظرة سريعة على سجل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وإدارة بايدن على رأسها، يرى العالم تناقضا واضحا فى ادعاءات الغرب والولايات المتحدة. ومثل لقاء بايدن الأخير بقادة المملكة العربية السعودية وولى عهدها دليلا كافيا لإبراز الخواء الأخلاقى الذى تنادى به واشنطن وتطلب من العالم الالتزام بمعايير حقوق الإنسان لا تلتزم هى بداية بها كما يظهر فى سياساتها الخارجية.
وفيما يتعلق بالقيم تنادى الولايات المتحدة والدول الغربية بالمساواة فى عالم اليوم، إلا أن نظرة سريعة على تشكيل عضوية الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن نجد عدم وجود ممثل للملايين من الأفارقة أو الشعوب الآسيوية واللاتينية، فى حين يمثل أوروبا وحدها ثلاث دول هم فرنسا وبريطانيا إضافة لروسيا.
وثالث العقبات التى تمثل تهديدا كبيرا للنظام العالمى الغربى ما نراه بوضوح فى استعار «الحرب الثقافية» داخل المجتمعات الغربية وعلى رأسها المجتمع الأمريكى. وعليه ففاقد الشىء لا يعطيه، ومع استعار الصراع حول قضايا مثل الإجهاض وحق حمل السلاح والعنصرية وحقوق المثليين والمثليات والمختلفين والمختلفات جنسيا، ودور الدين فى المجتمع، يصبح من العسير على الولايات المتحدة أو الغرب التبشير بنموذج اجتماعى أو نسق أخلاقى عالمى حيث ترفض أغلبية دول العالم التوجه الغربى فيما يتعلق بالحقوق والحريات الجنسية لمواطنيها ومواطناتها. ويتساوى هنا المجتمعات الصينية والروسية مع نظرائها فى السعودية وإيران ونيجيريا وإندونيسيا، وأغلب دول الجنوب.
• • •
لا يدعم الانقسام السياسى الأمريكى الداخلى والمتزايد بين الجانبين الجمهورى والديمقراطى النظام العالم المهيمن عليه أمريكا، بل يسهل من مهمة روسيا والصين فى تحديه.
وعلى الرغم من الاتفاق العام فى ملفات السياسة الخارجية بين الحزبين على ضرورة مواجهة الصعود الصينى والتهديدات الروسية، يقف الحزبان عاجزين أمام نفوذ الشركات الأمريكية ورأس المال الساعى لمزيد من الاعتماد المتبادل اقتصاديا وتجاريا وماليا، وتجاهل الجوانب السياسية والأخلاقية فى علاقاتهم بالصين وحتى روسيا. وسمحت طبيعة العاصمة واشنطن وانفتاحها من خلال آلية اللوبيات القانونية وغير القانونية على وجود جيش من أصحاب المصالح، الكثير منهم أعضاء سابقون بالكونجرس، الذين يخدمون أجندات صينية دون اكتراث بالمصالح الأمريكية أو بالنظام الدولى الذى ترغب الصين فى تغييره لصالحها.
كما تقود شركات أمريكية كبرى مثل وول مارت وآبل ومايكروسوفت لوبيات واشنطن من أجل التشبث بعلاقات تجارية مع الصين تتجاهل أى قيم تدعيها الولايات المتحدة أو الغرب. وتسهم هذه الشركات بصورة غير مباشرة فى تغيير بنية النظام الدولى لنظام جديد ستكون هى ذاتها على رأس ضحاياه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أي نظام دولي قيد التشكيل أي نظام دولي قيد التشكيل



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 09:39 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامية ناردين فرج تقدم برنامج "ذا فويس كيدز" 2017

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

حافظ على صحة قلبك والجهاز الهضمى بالعدس

GMT 10:43 2017 الإثنين ,22 أيار / مايو

أفكار وأكسسوارات مميزة لمطبخ رمضان الكريم

GMT 06:16 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة إيطالية حديثة تؤكّد أنّ "سرعة القذف" حالة نفسية

GMT 16:22 2017 الإثنين ,20 آذار/ مارس

10 نصائح لاختيار صندوق طعام طفلك المدرسي

GMT 08:31 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

محلات "vitrine" تطرح أحدث تشكيلة من ملابس الخريف

GMT 05:16 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

مسلسلات وأفلام حكت عن حرب أكتوبر ورأي النقاد بها

GMT 06:59 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير التموين يعلن 80 مليار جنيه تكلفة دعم التموين والخبز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt