توقيت القاهرة المحلي 07:13:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين أوكرانيا وغزة.. ظلم كبير

  مصر اليوم -

بين أوكرانيا وغزة ظلم كبير

بقلم - جيهان فوزى

فى الوقت الذى تستمر فيه الحرب الروسية على أوكرانيا تواصل إسرائيل الحرب العدوانية على غزة، فنحن هنا أمام حربين فى الوقت نفسه، ما يدفع حتماً إلى عقد المقارنة ما بين أهمية وأسباب وآثار ونتائج كل منهما.

فالحرب الروسية على أوكرانيا لا تقل أهمية فى نظر الكرملين عما تزعمه إسرائيل من حرب وجودية مع حماس، ذلك لأن موسكو تعتقد أنه لا بد من كسر شوكة أوكرانيا بالنظر إلى ما تراقبه من تقارب حثيث مع الناتو ومع الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وما تشهده من تحريض على قومى شيفونى ضد روسيا وضد الأقلية الناطقة بالروسية شرق البلاد.

وما دفع موسكو إلى شن الحرب هو اعتقادها الوثيق بأن أوكرانيا تتحول سريعاً إلى رأس حربة للناتو فى مواجهة روسيا، وهو ما دفع بوتين المعروف بجرأته إلى استباق هذا التحول، بشن حرب توسعية تهدف إلى تحقيق هدفين: أولهما السيطرة على كل الأقاليم الشرقية الناطقة بالروسية، وثانيهما كسر الاتجاه القومى الأوكرانى وإزاحته من السلطة، وتعزيز حضور الأحزاب المعتدلة التى كانت تميل إلى تجنب الصدام مع روسيا قبل وصول زيلينسكى إلى السلطة.

لكن هناك عوامل جوهرية أجبرت روسيا أن تكون حربها نظيفة ودقيقة إلى أبعد الحدود، ولعل أهم هذه العوامل أن كلا الشعبين الروسى والأوكرانى ينتميان إلى العرق «السولافى» نفسه، والثانى أن حرباً قذرة تفضى إلى تدمير واسع وقتل بلا حدود سيؤسس عداوة أبدية مع بلد جار لروسيا، ما يمثل خطراً استراتيجياً مستقبلياً لا يمكن الاستهانة به.

فى مقابل هذه السياسات الروسية الدقيقة والمدروسة، نجد أن السياسات الإسرائيلية على النقيض من ذلك تماماً رغم تشابه الظروف العامة، والشروط الموضوعية للنزاع، كحرب وجودية لكلتا الجبهتين.

إلا أن واحدة من الحقائق التى لن تتبدل هى أن إسرائيل باقية والشعب الفلسطينى باق إلى أمد غير معلوم، وأن ما تكبده إسرائيل من خسائر بشرية هائلة للشعب الفلسطينى سيبقى محفوراً فى ذاكرة أجياله المتعاقبة لعقود مقبلة، وسينقش فى ذاكرة أطفال غزة، وأبنائهم وأحفادهم فى المستقبل، باعتبار أن الثأر واجب مقدس لا فكاك منه.

هنا يبدو الفارق الأهم بين الحربين، فعلى الجبهة الروسية - الأوكرانية هناك حرب نظفية مع عدد أقل من الضحايا المدنيين والبنية التحتية والعمرانية، مقابل قتل متعمد وتدمير منهجى على الجبهة الإسرائيلية مع غزة.

أما الفرق الثانى فهو أن الهدف الأول للحرب الروسية مع أوكرانيا هو إرغام أوكرانيا على استبدال سياساتها الشيفونية بسياسات معتدلة محلياً ومحايدة دولياً، بينما الحرب الإسرائيلية على غزة، فإنها حرب بلا أفق سياسى ولا تهدف إلا إلى قتل أكبر عدد من الفلسطينيين، وضرب كل إمكانية لمتابعة الحياة الطبيعية فى قطاع غزة، لتحفيز الفلسطينيين على الهجرة.

من هنا تبدو أهمية ملاحظة انفراد حكومة نتنياهو من بين دول العالم كافة بشن حرب هى الأكثر دموية وقذارة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا.

إن تصريحات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تعليقاً على الحرب الإسرائيلية على غزة التى قال فيها: «انظروا إلى الوضع الكارثى فى غزة وإلى العملية العسكرية الخاصة (الحرب على أوكرانيا) والمسوا الفرق، لا شىء مثل هذا يحدث فى أوكرانيا».

تعنى أن الحرب على أوكرانيا لم تكبد المدنيين الأوكرانيين هذه الخسائر الهائلة فى الأرواح والعتاد، والإمعان فى حرب التجويع والإبادة التى يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين الفلسطينين فى غزة، منذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر من العام الماضى.

ومع ذلك فإن اللاعب الرئيسى فى إثارة القلاقل وتصاعدها حول العالم يتمحور حول السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الدول، ومحاولتها فرض السيطرة والهيمنة عليها اقتصادياً وسياسياً.

وفى الوقت الحالى تواجه السياسة الخارجية الأمريكية ثلاث معضلات حقيقية شديدة الخطورة، وهى من ساهمت فى تأجيجها بدلا من إخمادها: «الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين فى غزة، والحرب الروسية - الأوكرانية، مروراً بالصراع بين الصين وتايوان».

إن الحرب الإسرائيلية على غزة فضحت بشكل صارخ ازدواجية المعايير الأمريكية فى سياستها وتعاملها مع الأزمات السياسية مع دول العالم، ففى حين لا يتردد مسئولو الحكومة الأمريكية فى توجيه الاتهامات لروسيا وإدانتها، ومحاصرتها بفرض عقوبات قاسية عليها بسبب الحرب فى أوكرانيا، يتخذون موقفاً مناقضاً تماماً فيما يتعلق بحرب الإبادة الممنهجة التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة!

ويدلى المسئولون الأمريكيون بتصريحات تؤكد وقوفهم إلى جانب إسرائيل، ويصفون حركة حماس «بالإرهابية» رغم أنها حركة تحررية تقاوم الاحتلال، وفقاً للمواثيق والشرائع الدولية.

وهنا لا بد من التذكير بأن عدد الضحايا المدنيين للقصف الإسرائيلى على مستشفى «المعمدانى» فى غزة مع بداية الحرب، كان أكبر بكثير من خسائر استهداف روسيا لمستشفى «ماريوبول» الأوكرانى فى 9 مايو 2022، ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية لم تظهر نفس رد الفعل القاسى تجاه تل أبيب، بعكس ما قامت به ضد روسيا، بل وتهربت من تحميل إسرائيل مسئولية القصف.

ففى تعليقه على استهداف المستشفى فى ماريوبول، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن: «إن هذا ظلم، وعار على العالم بأسره، فالعالم كله متحد من أجل دعم أوكرانيا، وجعل (الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يدفع ثمناً باهظاً).

بينما فى المقابل، قال بايدن بشأن الهجوم الإسرائيلى على مستشفى المعمدانى بغزة «حزنت كثيراً على الانفجار فى المستشفى، وغضبت كثيراً، وبحسب ما رأيت فإن المسئول عن ذلك لستم أنتم (إسرائيل) وإنما الطرف الآخر»!

محاولاً تبرئة إسرائيل رغم عدم امتلاكه أى دليل يثبت ذلك، كما وصف بايدن ما حدث فى أوكرانيا بأنه «إبادة جماعية»، بينما غادر مؤتمراً صحفياً عند سؤاله بشأن إسرائيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين أوكرانيا وغزة ظلم كبير بين أوكرانيا وغزة ظلم كبير



GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 01:01 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 00:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة
  مصر اليوم - أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon