بقلم : حمدي رزق
بمناسبة ما جاء فى رسالة الدكتور مينا بديع عبدالملك لك بشأن البابا شنودة الثالث فى ذكرى رحيله السادسة، تلقيت رسالة معتبرة من د. يحيى نور الدين طراف يسلط ضوءاً على جانب غير مطروق من جوانب شخصية البابا الراحل، التى تعد من أغنى الشخصيات التى عرفتها مصر فى تاريخها الحديث وأكثرها تأثيراً، ألا وهو إلمام قداسته باللغة العربية وتمكنه منها، ومقدرته الشعرية الفذة.
فقد حفظ البابا شنودة عشرة آلاف بيت من الشعر العربى، وهو لم يزل بعد فى السنة الثانوية الرابعة، وكان شاعراً يطاول فى شعره كثيراً من شعرائنا المعاصرين، لا يخفى عمن يقرؤه عذوبته وطلاوته وموسيقاه وبلاغته.
كتب أولى قصائده عام ١٩٣٩ عن طفولته بعنوان «أكان لى حقاً أم فماتت»، وأسرد هنا بعضاً من أبيات رائعة كتبها عام ١٩٤٦، حين كان لم يزل بعد «نظير جيد روفائيل» قبل أن يصبح البابا شنودة الثالث فى 14 نوفمبر 1971
غريباً عشت فى الدنيا
نزيلاً مثل آبائى
غريباً فى أساليبى
وأفكارى وأهوائى
غريباً لم أجد سمعاً
أفرغ فيه آرائى
يحار الناس فى ألفى
ولا يدرون ما بائى
يموج القوم فى مرح
وفى صخب وضوضاء
وأقبع ههنا وحدى
بقلبى الوادع النائى
غريباً لم أجد بيتاً
ولا ركناً لإيوائى
تركت مفاتن الدنيا
ولم أحفل بناديها
ورحت أجر ترحالى
بعيداً عن ملاهيها
خلى القلب لا أهفو
لشىء من أمانيها
نزيه السمع لا أصغى
لضوضاء أهاليها
أهيم ههنا وحدى
سعيد فى بواديها
بقيثارى ومزمارى
وألحان أغانيها
وساعات مقدسة
خلوت بخالقى فيها
أسير كأننى شبح
يموج لمقلة الرائى
غريباً عشت فى الدنيا
نزيلاً مثل آبائى
كسبت العمر لا جاه
يشاغلنى ولا مال
ولا بيت يعطلنى
ولا صحب ولا آل
أقول لكل شيطان
يريد الآن إغرائى
حذار إننى أحيا
غريباً مثل آبائى
هذا جانب غير معروف من جوانب شخصية البابا الراحل، الذى فقدته مصر، بمسلميها ومسيحييها، على السواء.
نقلاً عن المصري اليوم