توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر والسودان (حتة واحدة)..

  مصر اليوم -

مصر والسودان حتة واحدة

بقلم: حمدي رزق

يلخص الشاعر السودانى الدكتور تاج السر الحسن الحكاية، حكاية شعب وادى النيل فى قصيدته الذائعة «أنشودة آسيا وإفريقيا»:

«مصر يا أخت بلادى يا شقيقة/ يا رياضًا عذبة النبع وريقة.. يا حقيقة..

مصر يا أم جمالٍ أم صابرْ/ ملء روحى أنتِ يا أخت بلادى/ سوف نجتث من الوادى الأعادى».

الثابت فى أعماق الأمن القومى المصرى أن السودان أَوْلَى بالرعاية، أولوية أولى، والثابت أيضًا فى أعماق الوعى القومى المصرى أن السودان جزء لا يتجزأ من الحلم الوحدوى الكبير، والثابت فى أعماق القلب المصرى الكبير أن السودان جوة القلب المصرى النابض، مصر لا ترتاح على جنبها ليلًا إلا بعد أن تطمئن على سلامة الشعب السودانى، والدعاء موصول اللهم جنِّب السودان ما يُحاط به من مؤامرات تبدو حلقة نار جهنمية تمسك بخناقه.. لم يُمتحن السودان هكذا قبلًا.. وطننا الثانى يعانى، والقاعدة فى وادينا الخصيب، مصر والسودان مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

العلاقات المصرية السودانية فى تجليها (بعد زيارة الرئيس السيسى الخرطوم أمس) هى السياق الطبيعى، وما دون ذلك استثناء ظرفى عابر تفرضه ضغوطات خارجية، وظروف سياسية وقتية، وتداخلات على خط العلاقات التاريخية.. ياما دقت على الرأس طبول.

نظرية الثابت والمتغير، المتغير سرعان ما يزول، النهر يغسل أدرانه، ومهما ألقى المرجفون من آثامهم فى مجرى النهر، جرفها نهر الحب أمامه، وتستمر مسيرة النهر دافقة إلى المصب يحمل على وش المَيّه أمانى عِذابًا.

بعيدًا عن التحليلات السياسية التى تنبنى على توقعات مرئية أكثر من المعلومات اليقينية، زيارة السيسى على وقتها تمامًا، بل فى وقتها الحرج، السودان الآن فى أمَسّ الحاجة إلى دعم مصرى بقدر حاجة مصر إلى دعم سودانى فى مواجهة غطرسة إثيوبية وتسلط على مياه النيل الأزرق، الحاجة ماسّة لموقف واحد، مُوحَّد، لم نعد نملك رفاهية الخلاف والاختلاف، لقد ضاع وقت ثمين أخشى أن ندفع ثمنه مستقبلًا، ولكن أن تأتى متأخرًا خير من ألّا تأتى أبدًا.

«لقد طفح الكيل»، «وبلغ السيل الزُّبَى»، حتى «لم يبْقَ فى قوس الصبر منزع»، ثلاثة أقوال درج العرب على التلفُّظ بها عند نفاد الصبر أو تفاقم الأمور إلى حد لا يمكن السكوت عنه، أو الصبر عليه، وهذا هو حال مصر والسودان أمام تعنت وتمترس إمبراطور الحبشة الجديد، الذى يحمل قلادة «نوبل» فى رقبته تبرق أمام النظارة، فيحسبونه داعية سلام، وهو يعتمر خوذة الحرب.

زيارة السيسى تجرف العوائق والجنادل من مجرى النهر، وتحمل بشارات الخير، وإشارات لا تخفى على لبيب، واللبيب بالإشارة يفهم، وأظن أن الرسالة التى حُررت فى القاهرة، وصلت من الخرطوم، رسالة بعلم الوصول، مصر والسودان واحد صحيح لا يقبل القسمة على اثنين، وكما يُقال مصر والسودان (حتة واحدة)، مصر شمال الجنوب، والسودان جنوب الشمال.

السيسى فى الخرطوم عنوان عريض، السيسى يضبط معادلات شاهت، ويضع نقاطًا فوق الحروف، ويصحح مفاهيم ارتبكت، ويرتب أوضاعًا جديدة قوامها الأمن القومى العربى جنوبًا، ويرص الموقف التفاوضى (المصرى/ السودانى) فى مفاوضات سد النهضة، التى تصر أديس أبابا على تفشيلها تباعًا وبشكل ممنهج، تتبضّع وقتًا حتى موعد الفيضان، كما جرى فى ملابسات الملء الأول فى الفيضان الماضى، الذى حدث واأسفااااه والخرطوم فى أبعد نقطة من المصب.

إثيوبيا لا تلوى على شىء، ولا تُبقى على شىء، «آبى أحمد» سادر فى غيّه ضاربًا عرض الحائط بكل المواثيق والمعاهدات الدولية الثابتة تاريخيًا، واتفاق المبادئ المُوقَّع فى الخرطوم 2015 والتعهدات الشخصية التى بذلها رئيس الوزراء الإثيوبى شخصيًا «آبى أحمد» فى القاهرة وأقسم عليها أمام البرلمان المصرى، وأحسن منها قال بها الرئيس السيسى أمام البرلمان الإثيوبى، فى زيارة تاريخية، عنوانها المحبة والسلام والخير والتعاون، والنهر للجميع دون استئثار أو انفراد لأنه هبة الله، ومصر هبة النيل.

ترميم العلاقات المصرية/ السودانية من قواعدها، والبناء عليها مستقبلًا هو المطلوب إثباته، وانفتاح الحكومة السودانية على القاهرة كان محل ترحيب، إن ما شالتكم الأرض تشيلكم عيوننا، واستجابة القاهرة الفورية للرسائل السودانية تؤشر على ما ينتظر العلاقات المصرية/ السودانية من نقلة ضرورية تقوم على روابط تاريخية وجغرافية وشعبية، وقلبية، القلب المصرى يهوى السودان، والقلب السودانى هواه فى الشمال، ومصر قبلة السودانيين، والخرطوم محط رحال المصريين، وكما أنشد طيب الذكر، الشيخ الأستاذ محمد سعيد العباسى:

«مصرٌ وما مصرٌ سوى الشمس التى.. بهرت بثاقب نورها كل الوَرَى/ ولقد سعيت لها فكنت كأنما.. أسعى لطيبة أو إلى أم القرى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والسودان حتة واحدة مصر والسودان حتة واحدة



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon