بقلم : حمدي رزق
لقد أسمعت لو ناديت حيـًا بعيدا عن كورونا، تلقيت رسالة مهمة من «د. يحيى نور الدين طراف»، يسأل فيها عن شفافية حسابات التبرعات الخيرية التى جمعت فى شهر رمضان، وعنده حق.
«كمن يؤذن فى مالطا» مثل قديم يطلق على من يتحدث أو ينصح أو يقترح ولا يجد آذانا صاغية، ومالطا باتت أقرب إلينا من جمعيات مصرية بعضها لها امتدادات خارجية، وتعمل بين الناس وتعلن عن نفسها جهرة طلبا للتبرعات، وتلح استعطافا، وتستعين بنجوم المجتمع فى تورط مباشر فى جمع التبرعات، وهذه الشخصيات مسؤولة أيضا أمام المجتمع.. وللأسف صمت مريب، وعجيب.. والأدهى صمت الحكومة.. لا أستثنى أحدًا، الكل يتشاطر الصمت، وهذا مغر، المال السايب..!
يقول د. طراف (عزيزى..) كتبت فى عمودك تهيب بكل من تلقى التبرعات، إثر حملات جمعها المركزة فى التليفزيون، أن يقدم للرأى العام بيانًا تفصيليًا بمصارف هذه الأموال، ليس تشكيكًا فيمن جمعوها، لكن ليطمئن قلب الرأى العام أن ما أخرجه من ماله لوجه الله تعالى ولوجه الخير قد أنفق كله فى ذلك.
ثم حذا حذوك الأستاذ «فاروق جويدة» فى عموده بالأهرام، ومن بعده الأستاذ «صلاح منتصر» فى عموده كذلك بالأهرام، وزاد الأخير بأن أحصى المستشفيات، التى دشنت إعلانات لجمع هذه التبرعات، فذكرها جميعًا بأسمائها، فكانت حوالى خمسة عشر أو ستة عشر مستشفى.
لكن يا سيدى لكأنكم لم تخاطبوا حيًا يُرجى، إذ لم يستجب أحد، فلكأنهم فى صمتهم هذا على اتفاق، أو لكأن الأمر لا يعنيهم.. لكن فاتهم أن الأمر يعنينا نحن المتبرعين والرأى العام.. ثلاثتكم يا صديقى العزيز فى هذا الشأن لا تمثلون أنفسكم خاصة، وإنما تكلمتم بصفتكم ضمير الأمة ولسانها، فالسكوت عن الرد عليكم هو امتناع عن الرد على الشعب والرأى العام.
هناك نقطة أخرى أحب أن أذكرها، وهى أن كثيرًا من هذه المؤسسات لجأ فى دعوته الناس للتبرع إلى شخصيات عامة لها احترامها وصيتها فى المجتمع.. والرأى عندى أن هذه الشخصيات المحترمة لم ينته دورها فقط عند دعوة الناس للتبرع من أجل مصارف الخير هذه، وإنما كان يجب عليها أن تشارككم دعوة هذه الجهات إلى تبيان ما جمعته من تبرعات كانوا هم فى الواجهة من حملاتها، وأين وضعته، والتأكد أنها كلها حيث المفروض أن تكون.
وفى هذا السياق أذكرهم بأن أمير المؤمنين، «عمر بن الخطاب»، سأل الناس يومًا عن ولاته وعماله إذا تحرى الدقة فى اختيار الأصلح، وأمرهم بالحق والعدل، أيكون قد قضى ما عليه؟ فقال الناس: نعم، فقال لهم «الفاروق»: لا، حتى أنظر أعملوا بما أمرتهم به أم لا.