توقيت القاهرة المحلي 15:59:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أردوغان «كلمة السر» فى العودة الأمريكية لسوريا

  مصر اليوم -

أردوغان «كلمة السر» فى العودة الأمريكية لسوريا

بقلم - محمد السعيد إدريس

 جديد الأزمة السورية هو عودة أمريكية قوية إلى سوريا فى وقت كانت كل التوقعات تتجه نحو ترجيح حسم هذه الأزمة على النحو الذى تريده روسيا بالتنسيق مع حلفائها (النظام السورى وإيران وتركيا) بعد نجاح الجيش السورى فى بسط سيطرته بدعم من الحلفاء على معظم أنحاء سوريا واستعداده الكامل لتصفية «بؤرة الإرهاب» المتبقية والمتمركزة فى أدلب شمال سوريا.

كانت البداية هى صراخ أمريكي- بريطاني- فرنسى يحذر الرئيس السورى من استخدام أسلحة كيماوية فى المعركة القادمة فى إدلب، والتلويح بتدخل عسكرى أو ضربة عسكرية قوية للجيش السورى لمعاقبته على مثل هذه الجريمة، لكن بعد ذلك بدأت تتكشف الخطط والأوراق، وإعلان جدية العزم الأمريكى على بقاء طويل «غير شرعي» فى سوريا بذريعة «الانتهاء من إلحاق هزيمة كاملة لتنظيم (داعش) وهى عملية تتطلب وقتاً طويلاً».

قد يكون هذا التوجه مفاجئاً، بعد فترة طويلة من التردد الأمريكى عن الدخول القوى إلى سوريا التزاماً بتفاهمات روسية- أمريكية، وربما أيضاً روسية- إسرائيلية، ظهرت فى قمة هلسنكى بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين (يوليو 2018) وتضمنتها لقاءات متعددة فى موسكو لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو مع الرئيس الروسى تركزت حول ما تراه إسرائيل «مطالب شرعية» فى سوريا رافضة لأى وجود عسكرى أو نفوذ سياسى لإيران فى سوريا.

العودة الأمريكية عن مضامين هذه الاتفاقات جاءت مفاجئة للحسابات الروسية فى سوريا، أما المفاجأة الصادمة، عن حق، فهى احتمال وجود تورط تركى فى هذه العودة الأمريكية الجديدة إلى سوريا، برغم الأزمة المتفاقمة فى العلاقات التركية- الأمريكية والتى محورها الانحياز الأمريكى للمعارضة الكردية السورية على أجزاء كبيرة شمال سوريا تراها أنقرة تهديداً خطيراً للأمن القومى التركي، باعتبار أن هذه المعارضة الكردية السورية أحد أجنحة حزب العمال الكردستانى التركى الذى تتهمه أنقرة بالإرهاب، وعلى الرغم مما يبدو تحالفاً تركياً مع روسيا طيلة الأشهر الماضية كان محورها التعاون حول الأزمة السورية.

هل حصل أردوغان على تعهدات أمريكية بدعم أطماعه فى سوريا تفوق ما يحصل عليه من روسيا؟ وهل لدى تركيا استعداد لخسارة الحليف الروسى وصفقة صواريخ «اس 400» الروسية؟ طرح هذين السؤالين يدفعنا إلى طرح سؤال ثالث ربما يكون أكثر أهمية وهو هل هناك خطة مشتركة أمريكية تركية بخصوص شمال سوريا: شرق الفرات وغربه على حساب النفوذ الروسي، كخطوة لإرباك روسيا وحلفائها وبالتحديد النظام السورى وإيران توطئة للتخلص من الاثنين معاً؟ من الصعب حسم الإجابة على هذا السؤال بـ «نعم» أو «لا»، حيث تقع الإجابة، حتى الآن، بين المنزلتين لحين تتكشف كل الأوراق الخفية ويتكشف الدور المريب الذى لعبه الرئيس التركى فى قمة طهران الثلاثية التى عقدت يوم الجمعة الماضى (7/9/2018) بين رؤساء: إيران وروسيا وتركيا لحسم موضوع التصفية العسكرية للبؤرة الإرهابية المتبقية فى إدلب، والتوافق على خريطة طريق لانتشار الجيش السورى فى هذه المحافظة.

موقف الرئيس التركى فى هذه القمة هو أحد أهم مؤشرات تورط أردوغان فى خطة أمريكية غير معلنة تسمح بوجود تركى قوى فى محافظات الشمال السورى خاصة إدلب وحلب على حساب الجيش السورى وحلفائه الروس والإيرانيين. فقد أفشل الرئيس التركى هذه القمة وحال دون صدور قرار واضح وصريح بخصوص خطة الحل العسكرى لأزمة إدلب كما تريدها روسيا وسوريا وإيران. فقد تمسك أردوغان بإبقاء الوضع على ما هو عليه بالمحافظة، وإعلان وقف لإطلاق النار، معتبراً أن التوصل إلى هذا الاتفاق سيكون «نصراً للقمة»، مع الدعوة لاستمرار جهود فصل الإرهابيين (جبهة النصرة) عن باقى فصائل المعارضة المسلحة فى إدلب.

كان واضحاً أن أردوغان يريد تفويضاً روسياً- إيرانياً بأن تتولى تركيا مسئولية حل «أزمة إدلب» طبعاً على النحو الذى يبقى تركيا قوة مسيطرة ومهيمنة، وهذا يتطلب الحفاظ على وجود المعارضة المسلحة الحليفة قوية ومؤثرة باعتبارها «أدوات تركية»، مع التعويل على أن يؤدى هذا الدور التركى مستقبلاً إلى فرض السيطرة التركية على الشمال السورى توطئة لتجديد المطالب التركية بضم أجزاء كبيرة من هذا الشمال إلى تركيا. موقف أردوغان ودوره فى إفشال قمة طهران لم يأت من فراغ. فقد زار أنقرة جيمس جيفرى المبعوث الأمريكى الجديد الخاص بالملف السورى الثلاثاء (4/8/2018) قادماً من الأردن بعد زيارة لإسرائيل للتباحث حول الخطة الأمريكية الجديدة الخاصة بسوريا، وهناك ما يؤكد أن جيفرى حمل معه عروضاً للأتراك تتضمن وقف مسار التعاون الروسى والإيرانى فى إدلب، ما يعنى تجنيد تركيا ضمن المشروع الأمريكى المناوئ لروسيا، والذى أعلنته واشنطن فى 18 أغسطس الفائت بتأكيد استمرار وجودها العسكرى فى سوريا، مؤكدة أنه «ليس هناك موعد زمنى محدد لإنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى سوريا»، وهو المشروع الذى يتضمن ثلاثة مرتكزات أولها إرباك الحل الروسى للأزمة السورية وثانيها إنهاء أى علاقة للرئيس الأسد بمستقبل سوريا، وثالثها إخراج إيران كاملاً من سوريا.

روسيا تدرك فحوى المشروع الأمريكى ولذلك بدأت تركز على ضرورة خروج أمريكا من سوريا وعلى عدم شرعية الوجود العسكرى الأمريكى فى سوريا، جاء ذلك على لسان ماريا زاخاروفا الناطقة بلسان الخارجية الروسية التى ردت على المطالب الأمريكية بضرورة خروج إيران من سوريا بأن «على واشنطن البدء بنفسها وحل قضية وجودها غير الشرعى فى سوريا» ومتسائلة: «أين وكيف ولأى غرض تنتشر القوات الأمريكية فى سوريا؟ وعلى أى أساس هى هناك؟» فى حين طالب فلاديمير جاباروف، رئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسى للشئون الخارجية، سوريا «بالتوجه فوراً إلى مجلس الأمن الدولى فى حال حاولت الولايات المتحدة نشر أنظمة دفاع صاروخية فى سوريا» ووصف ما تنوى واشنطن القيام به من نشر هذه الأنظمة بأنه «فوضى عارمة تستلزم تدخل مجلس الأمن الدولي».

روسيا تتابع تفاصيل العودة الأمريكية لسوريا وتعرف أهدافها كما كشفها المندوب الروسى فى مجلس الأمن بأن «واشنطن فى حال هيستيريا حول إدلب كى لا يسقط آخر معاقل الإرهابيين»، حيث تعى موسكو أن واشنطن تتستر بوجود الإرهابيين لتبرير البقاء فى سوريا، لكن هل تعى روسيا دور أردوغان فى هذا المشروع؟ هذه هى أكبر مشكلة تواجه روسيا الآن فى سوريا.

نقلا عن الأهرام القاهرية 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان «كلمة السر» فى العودة الأمريكية لسوريا أردوغان «كلمة السر» فى العودة الأمريكية لسوريا



GMT 03:29 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

كلمة بايدن متنزلش الأرض أبدًا!

GMT 03:27 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

الدنيا بخير

GMT 03:25 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

لا «نزوح» نحو ترامب ولكنهم قد يمتنعون

GMT 03:11 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

مهرجان كان الـ77 يرسم ملامحنا ونرسم ملامحه

GMT 03:07 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

كان إذا تكلم

نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق 

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:54 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

ديكور فخم في منزل شذى حسون في برج العرب

GMT 13:39 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب كيرمان في شرق إيران

GMT 13:44 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

«الزراعة» تواصل خطتها لخفض استهلاك المبيدات الكيماوية

GMT 01:58 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

شالكه يسقط أمام كولن بالوقت القاتل في الدوري الألماني

GMT 06:57 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

التمدد أكثر فعالية من المشي لخفض ضغط الدم المرتفع

GMT 20:35 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل معجنات الثوم

GMT 07:25 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

توقعات العام 2021 لبرج الجدي وفق بطاقات التارو

GMT 17:55 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ريال مدريد يتوعّد إلتشي بمواصلة سلسلة الانتصارات في "الليغا"

GMT 10:16 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الرئة وأبرز أسباب الإصابة بالمرض

GMT 02:14 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ضياء السيد يؤكد أن هناك رواسب قديمة بين فضل وكهربا

GMT 13:05 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

ليكرز يرد بقوة على هيت ويتقدم 3-1 بنهائي السلة الأميركي

GMT 12:20 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قرار بدفن موتى كورونا على الطريقة التقليدية في الأردن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon