توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفجيرات بنغازي والإرهاب اليائس

  مصر اليوم -

تفجيرات بنغازي والإرهاب اليائس

بقلم: د. جبريل العبيدي

«كسر عظم الميت ككسره حياً»، هذا ما قاله رسول الله عن حرمة كسر عظم الميت وجعله ككسره حياً، في فداحة للجرم، ولعل التفجير الإرهابي الغادر الأخير في مقبرة الهواري بمدينة بنغازي أثناء موكب جنازة رسمية لقيادي كبير في الجيش الليبي، قد كسر عظام الأحياء والأموات معاً، ولم يرعَ حرمة لا لميت ولا لحي، بل استغلت الجماعات الإرهابية الحدث، لإحداث ضربة في وسط قيادات الجيش التي جاءت لواجب العزاء، ولكنها فشلت. لكن ما هو مهم هو أن السلطات شرعت بالتحقيق فيه، لكونه يعتبر خرقاً، تتحمل المسؤولية عنه الجهات المكلفة حماية المكان.
مثل هذه التفجيرات لا يمكن التحصن منها بشكل كامل، خصوصاً إذا كانت انتحارية، ولكن يمكن حصرها ومنع الخسائر، خصوصاً في الأرواح، ولهذا يعتبر التفجير رسالة قوية للجهات الأمنية، لتكثيف الجهود ومنع التراخي في ضبط الحالة الأمنية.
من يفجر المساجد لا يتورع عن تفجير المقابر، بل ويخرج جثث وعظام الموتى ليكسرها أو حتى يسحقها، فهذه الجماعة الضالة دستورها فتاوى سيد قطب الضالة، التي ترجمها في كتابيه «معالم الطريق» و«الظلال»، وهو المنهج الضال نفسه الذي استهدف المقابر، فهؤلاء يبحثون عن أي عمل يظنون أنه سيخفف الضغط على جماعتهم في طرابلس، لذا أيقظوا خلاياهم النائمة التي يجب أن يبذل جهد أمني أفضل للقضاء عليها، فالتعامل مع هؤلاء بحسن النية، لا يجد صدى عندهم، فهم كالأفاعي كلما استشعرت دفء حاملها عضته.
من يقف خلف التفجيرات بالتأكيد من لديه مصلحة، ومن لديه مصلحة في استهداف قيادات الجيش غير الجماعات الإرهابية، وميليشيات الإسلام السياسي؟ هؤلاء من تطلب البعثة الدولية الحوار معهم، الذين يراهنون على القضاء على أرواح المدنيين الذين لا ينتمون لجماعتهم الشرسة، ما يؤكد انحياز هذه الجماعات لأفرادها وتوفير الحماية لهم دون غيرهم من المدنيين الوطنيين الذين يؤمنون بالجغرافيا الوطنية، التي تتعارض مع ثقافة من يؤمنون بدولة المرشد.
مجلس «حكومة الوفاق» كان آخر المعزيين في أرواح الضحايا، في حين كان يجب أن يكون السبّاق، إذا كان يؤمن بالشراكة الوطنية، ولكن هذا من المحال، فبعد تحالفه مع الميليشيات المسلحة في طرابلس، أصبح على هواها، وللأسف تحول إلى مجرد واجهة سياسية لها، تصرف وتهدر الأموال بالمليارات على هذه الجماعات المسلحة التي يمقتها الشعب الليبي، والتي لا تدين بالطاعة حتى لمجلس حكومة «الوفاق» نفسه.
التفجيرات والاغتيالات هي سلاح الجماعات الإرهابية التي تنهل من نبع الإخوان، لتحقيق أهداف سياسية، وهو الهدف الحقيقي لها، فالتنظيم الإخواني هو جماعة سياسية سلطوية في عباءة دينية، رغم ابتداعها وتخليها عن الثابت والصحيح من الدين، فهي لا تتردد في أن تتفق مع تيارات سياسية تختلف مع الدين لمجرد أن لها مصلحة، فجماعة الإخوان تغلب مصلحة الجماعة على مصلحة الدين إذا لزم الأمر، مع أنها جماعة دينية، وبالتالي لن يكون لمفهوم الولاء للوطن أي معنى.
الأعمال الإرهابية القذرة تتقاطع فيها الجماعات الإرهابية مع منظمات إرهابية كالمافيا وغيرها، وكذلك مصالح بعض الدول، التي كانت وما زالت لها مصلحة في استمرار حالة الفوضى في المنطقة وحوض المتوسط وبوابة أفريقيا، ولهذا وجدت ضالتها في ليبيا، التي تعاني من تشظٍ سياسي وفراغ حكومي.
تفجيرات بنغازي الأخيرة ترسل كثيراً من الرسائل، منها أن لا حصانة من ضربات الإرهاب والجماعات الإرهابية إلا بالقضاء عليها، وأن عمليات احتضانها والتعويل على المراجعات التي تقوم بها بعض الجماعات من حين لآخر، ما هي إلا تقية سياسية للهروب إلى الأمام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفجيرات بنغازي والإرهاب اليائس تفجيرات بنغازي والإرهاب اليائس



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon