توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الإخوان» والتقية السياسية

  مصر اليوم -

«الإخوان» والتقية السياسية

بقلم: د. جبريل العبيدي

التقية أصبحت سلاح تنظيم «الإخوان» أمام أي عاصفة تعصف به، فيهرع عناصره وأفراده إليها للخروج من أي مأزق. فالتقية في اللغة يراد بها الحذر، والتقية في مفهوم «الإخوان» معناها: أن يظهر الشخص خلاف ما يبطن، لينطبق عليهم قول الله تعالى «وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ».
ولعل ما ذكره القيادي المنشق عن جماعة «الإخوان» ثروت الخرباوي في كتابه «سر المعبد» من أن التنظيم، استخدام التقية في التزلّف والكذب والتزوير، يؤكد تلوث أفكار هذا التنظيم بأفكار ماكرة للمراوغة والمخادعة.
لكن يبقى اعتذار الشيخ عائض القرني، عن أخطاء جماعته طيلة العقود الماضية، مختلفاً وقد لا يكون له علاقة بالتقية الإخوانية، وإن كان أثار الكثير من الجدل حول صدق الاعتذار من عدمه، وكونه قد يكون مجرد مناورة كعادة جماعة «الإخوان» في مواجهة الظروف والمتغيرات المحيطة، لكن يبقى الاعتذار عن الخطأ حسنة، وشجاعة يجب أن ينظر إليها، وإن كانت وحدها غير كافية؛ لكون العقود الماضية وخطابها الذي دأبت عليه هذه الجماعة، قد تسبب في الكثير من الجراح والدماء والضحايا سواء الجسدية أو الفكرية، والتي لا يمكن معالجتها بالاعتذار وحده وإن كان صادقاً، فلا بد من جبر الضرر بطرق شتى.
ولكن تبقى حالة عائض القرني، التي نتمنى أن تكون حالة صادقة؛ لأنها قد تعود بالنفع في حالة صدقها لكون الرجل له شعبية لا يمكن إنكارها، وهناك شباب تأثر به، وعودته عن الخطأ وفضحه للتآمر وللمتآمرين، سيعود بالنفع لإظهار الحقيقة وحجم الضلالة والتغييب الذي كان يمارسه التنظيم مع الشباب. وبالتالي لا بد من خطوات جادة، لتصحيح المفاهيم والبدء في مراجعات فكرية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة والملتبسة عن الولاء والبراء والحسبة ومفهوم الطاغوت و«الحاكمية» التي لا ذكر لها في القرآن، ومحاولة خلطها بمفهوم الحكم.
فالاعتذار خطوة حسنة على ألا تكون مجرد تقية سياسية، كما حدث في الحالة الليبية، حيث أقدمت جماعة «الإخوان»، والجماعة الليبية المقاتلة على مراجعات في عام 2007، تزعمها كبيرهم القرضاوي وشارك فيها عرّاب التنظيم في ليبيا علي الصلابي والمطلوب على قائمة الرباعية العربية في قضايا إرهاب، وكان القرني والعودة والعريفي من بين المشاركين في حوارات السلطات الليبية مع سجناء الجماعتين، حيث كالوا للقذافي من الثناء والتكبير وهم جلوس في خيمته ما لم يكله الشعراء والغاوون منهم من المديح والثناء والتعظيم ضمن زيارة القرني إلى ليبيا التي كانت في أغسطس (آب) 2010، بدعوة من جمعية «واعتصموا» للأعمال الخيرية التي ترأسها عائشة معمر القذافي، ضمن الحوار بين السلطة والجماعة الإسلامية المقاتلة.
وكان الثناء والمديح الذي أغدقه القرني على زعيم بلد المليون حافظ لكتاب الله، سرعان ما انقلب إلى تشفي في مقتل القذافي، حيث قال في حديث متلفز على جزيرة قطر: «ضحى الليبيون بالطاغية القذافي قبل عيد الأضحى فنقول لهم (ضحوا تقبل الله أضحيتكم)»، واستطرد قائلاً: «لما رأيت القذافي مبطوحاً مذبوحاً تذكرت قول الله تعالى (كَأَنَهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنقَعِرٍ)»، الأمر الذي جعل البعض يصف القرني بأستاذ التقلبات والتلونات.
لكن حتى نكون منصفين، فنحن لم نشقق عن قلب القرني لنعرف الصدق أو غيره، في اعتذاره، ويبقى الله وحده هو العالم بسرائر النفوس، وما لنا نحن سوى الظاهر من القول؛ ولهذا نرحب وبحذر بالاعتذار، ونعتبره خطوة إيجابية يمكن الاستفادة منها في جبر الضرر.
فالخطوات القادمة للشيخ القرني هي من ستحكم على الاعتذار، والتي تبدأ بإصلاح ما أفسده وجماعته من أفكار في عقول الشباب، عبر سلسلة من المراجعات والمحاضرات والدروس لتصحيح المفاهيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الإخوان» والتقية السياسية «الإخوان» والتقية السياسية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك

GMT 09:42 2020 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك 4 مخاطر للنوم بعد تناول الطعام مباشرة عليك معرفتها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon