توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوهام الإسلام السياسي في ليبيا

  مصر اليوم -

أوهام الإسلام السياسي في ليبيا

بقلم - د. جبريل العبيدي

شيء غريب ومرعب ما نشاهده في المشهد السياسي الليبي الذي تتحكم فيه الميليشيات الإرهابية المسلحة، وعلى رأسها عصابات الإسلام السياسي ممثلة في جماعة إخوان البنا.
الكل يعلم أنه لا دولة في ليبيا، وأن الأمور آلت إلى فوضى عارمة اختلط فيها كل شيء. لكن أن يظن بعض «السياسيين» أن في ليبيا دولة، ويخدعون أنفسهم بذلك فهذا أمر عجيب. هؤلاء استطاعوا التنفذ في السلطة عبر ميليشيات دموية إرهابية، وكيانات كرتونية تفتقر إلى قاعدة شعبية، واهمين بأن الأمر قد استقر لهم، وأن الشعب قد رضي بهم.
حالة الصراع الدائرة بين الأحزاب الكرتونية، حديثة الولادة والعهد بالسياسة وحتى الوطن وأهله، والمفتقرة إلى قاعدة شعبية حقيقية وصحيحة، داعمة لها في ليبيا، تشكل خطراً على حياة المواطنين لكونها تسببت في نزاعات مسلحة، بسبب أن بعض هذه الأحزاب تحتمي بميليشيات مسلحة تستخدمها في تحقيق نفوذها السياسي، وهذا قد يترجم ضمن مفهوم الصراع، فحيث يوجد فرد يسود السلام، وعند وجود اثنين ينشأ الصراع، وعند وجود أكثر تبدأ التحالفات، والأحزاب.
الحضور الحزبي في ليبيا أغلبه لا يزال يفتقر إلى المشروع الوطني الناضج الحقيقي والرؤية الواضحة والاستقلالية التامة عن مصادر التمويل، خصوصاً الخارجي، ما جعل أغلب هذه الأحزاب مجرد كيانات تمثل صراعات إقليمية بالوكالة في ليبيا، وليست وطنية خالصة، خصوصاً تلك التي تروج لنفسها بأنها واجهة لمشروع «الخلافة».. نعم الخلافة التي لا تؤمن بجغرافيا وطنية وتتجاهل الأوطان، ولهذا السبب قد يثق المواطن بشيخ القبيلة، أو حتى مختار المحلة، ولا يثق بزعيم حزبي يمارس الدجل.
ظهور الأحزاب على الساحة السياسية الليبية، قبل كتابة الدستور وإقراره، ظاهرة خطيرة تضر بالوطن، بل ترهن الوطن لحسابات خارجية، لعدم وجود قانون منظم لها، وجهاز رقابي نافذ تابع للسلطة وقادر على التتبع والمراقبة، خصوصاً لمصادر التمويل، والدليل تجربة «المؤتمر الوطني» السابقة، التي استطاع تنظيم القاعدة الإرهابي أن يكون له ممثلون في السلطة من خلاله في سابقة تاريخية نادرة، حيث كانت التجربة المريرة عبارة عن خليط من أحزاب وما يسمى «مستقلين»، سرعان ما ارتمى بعضهم في حضن حزبه بمجرد فوزه بعباءة «مستقل» التي اختفى تحتها، وأحزاب سياسية تريد كل منها عزل الآخر من خلال استغلال قميص عثمان «العزل السياسي»، فالكيانات الحزبية في أغلبها استبدادية الفكر، ناتجة عن فرض سطوتها على الدولة من خلال الاستحواذ على السلطة، بمفاصلها المختلفة.
للخروج من هذا النفق المظلم، هناك اشتراطات وطنية، لتحقيق مصلحة الوطن أولاً، على رأسها التخلص من العباءة الحزبية أو الفئوية، في التعاطي مع الاستحقاقات الوطنية العامة، وإنهاء حالة الصراع، وكتابة الدستور أولاً، وتضمينه حق المواطنة، وحصر التنافس في إطار الشأن السياسي المتعارف عليه، بعيداً عن أي خصومة في الاستحقاقات الوطنية، فالمواطنون يعيشون في الوطن مواطنين بكامل حقوق المواطنة، لا خصوماً سياسيين.
التهميش لم يكن مقتصراً وحكراً على أقلية محددة، أو أكثرية بعينها، فمعظم شعب ليبيا عانى منه، فنحن شركاء وطن ونضال، ولهذا في اعتقادي أن أسلم نهج للتعايش في ظل الوطن، هو التحرر من أي تعصب، والابتعاد عن منهج التصادم والتضاد. وعلى جماعات الإسلام السياسي أن تعي أن شعب ليبيا لا يريدها مهما وظفت من أموال وإغراءات، ومهما استقوت بالخارج، فالشعب الليبي يرفض رفضاً قاطعاً إقحام الدين في السياسة، وتوظيف الدين لغايات ومآرب شيطانية أخرى. فقد عاش هذا الشعب في وئام وسلام بنهجه الوسطي الذي لا يعرف التشدد أبداً.
لذا، ينبغي أن يعلم الجميع أن أي استقواء بالخارج مهما كان هذا الخارج، ستكون نتائجه عكسية تماماً، حتى في ظل ضعف الدولة هذا.


نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام الإسلام السياسي في ليبيا أوهام الإسلام السياسي في ليبيا



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon