توقيت القاهرة المحلي 17:13:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لحظة الخليج؟

  مصر اليوم -

لحظة الخليج

بقلم - مأمون فندي

هل نحن فعلاً في «لحظة الخليج» اليوم كما أثار الدكتور عبد الخالق عبد الله في كتابه الموسوم بالعنوان ذاته؟ وإذا كنّا بالفعل في لحظة الخليج، فهل ستدوم، وعن أي خليج نتحدث؟ الدكتور عبد الخالق عبد الله يرصد في كتابه شواهد لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر، موضحاً أن نفوذ دول الخليج وتأثيرها وحضورها في تزايد مستمر في المشهد الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، والثقافي، والإعلامي العربي. حيث أصبح «القرار السياسي العربي يصنع في العواصم الخليجية، بعد أن كان حكراً على القاهرة ودمشق وبغداد، وتحولت مدن خليجية إلى مراكز مالية ودبلوماسية وإعلامية عالمية صاعدة، وأخذ قادة الخليج الجدد يتصرفون بثقة ويتحدثون برغبة واضحة في قيادة الأمة العربية نحو مستقبل مختلف». فإلى أي حد هذا صحيح؟

بداية، استمتعت بقراءة كتاب الصديق عبد الخالق عبد الله المثير للجدل، وأظن أنه مثل كل الكتب الجدلية، له ما له وعليه ما عليه، لكنني أميل إلى أن ما له أكثر مما عليه.

ليس فيما يطرحه الدكتور عبد الله غرابة تاريخية؛ فالناظر إلى التاريخ البشري يرى دوماً أن مراكز السلطة والقرار تتغير بشكل مستمر. فمثلاً كان ثقل الإمبراطورية الرومانية في روما، ثم انتقل إلى القسطنطينية (إسطنبول الآن)، ثم انتقل مركز الثقل الحضاري والثقافي من أوروبا إلى أميركا، فما الغرابة في أن ينتقل مركز الثقل العربي من المشرق العربي إلى الخليج؟... لا أظن أن فيما طرحه الدكتور عبد الله غرابة تاريخية، لكن الذي يحتاج إلى نقاش، هو عن أي خليج نتحدث؟

أظن أن اللحظة التاريخية ليست كل الخليج على الأقل على مستوى الثقل السياسي والدبلوماسي. إذا أخذنا السلوك الأميركي في تعامله مع دول المنطقة على مستوى الاهتمام الدبلوماسي مثلاً، نجد أن سفارة أميركا في القاهرة إلى عهد مبارك كانت هي محور التركيز الأميركي، اليوم نرى أن الولايات المتحدة تركز أكثر على سفارتيها في الرياض وأبوظبي، وأصبح محور أبوظبي - الرياض هو محط الاهتمام الأميركي والأوروبي، وتراجع دور دول إقليمية من حيث كونها مركز الدبلوماسية الإقليمية. فالرياض اليوم تقوم بمبادرات مختلفة تحظى بالاهتمام الأوروبي والأميركي من حيث محاربة التطرّف والانفتاح الداخلي والإصلاحات السياسية والاقتصادية، وكل هذا يجعلها مصب اهتمام دولي كبير. الأمر ذاته يحدث في الإمارات العربية المتحدة. إذن، ليس غريباً أن ينتقل اهتمام الدول الكبرى في العالم بمحور أبوظبي – الرياض، وبهذا يكون الصديق عبد الخالق عبد الله محقاً في طرحه، لكن كما قلت ليست لحظة كل الخليج وإنما بعضه.

ومع ذلك، يبقى تحدي لحظات انتقال الثقل الثقافي والسياسي دائماً رهن مدى نجاح عملية الانتقال؛ فهناك ما يسمى النتائج غير المحسوبة في إدارة انتقال مراكز الثقل، سواء في الإقليم أو داخل الدولة الواحدة، وفِي الفصل الأخير كن الكتاب لم يغفل الدكتور عبد الله التحديات التي تواجه لحظة الخليج.

كتاب الدكتور عبد الخالق عبد الله عن «لحظة الخليج» جدير بالاهتمام والقراءة؛ لأنه يطرح أمراً مثيراً للجدل والتفكير. ولا أظن أن الأطروحة جاءت من منطلق شيفوني خليجي أو وطنية خليجية متحمسة بقدر ما هو طرح قصد به المؤلف التحفيز على مناقشة انتقال مراكز السلطة والنفوذ في الإقليم. ولا يجب أن تكون ردة فعل المفكرين من أجزاء أخرى من العالم العربي من نوعية «ما هي قوة الخليج وتعداد سكانه ليصبح مركز نفوذ؟». أعتقد أن التعامل مع سؤال لحظة الخليج بما يليق بالكتاب من تروٍ في الإجابة هو الطريق المثلى للتعامل مع قضايا فكرية مثيرة. عبد الخالق عبد الله ألقى بحجر كبير في حوار انتقال مراكز الثقل في العالم العربي يستحق كل اهتمام خاص وردود فكرية تليق بجدية الطرح.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة الخليج لحظة الخليج



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 03:09 2021 الجمعة ,26 آذار/ مارس

طريقة عمل السلمون بالزبدة

GMT 23:17 2020 الأحد ,20 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 01:33 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تعلن عن 100 ألف منحة دراسية تعادل الشهادات الجامعية

GMT 10:57 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

3 طرق سريعة لتسليك مواسير مطبخك

GMT 10:22 2020 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

قرار عاجل من محافظة القاهرة بسبب كورونا

GMT 02:06 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

أب يغتصب طفلته لمدة 4 أعوام في البرازيل

GMT 00:28 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

تخلص من اسمرار البشرة بمكونات طبيعية

GMT 22:30 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

مؤشر الأسهم البريطانية يغلق على ارتفاع الاثنين

GMT 14:23 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

مصر تتسلح لـ"أمم أفريقيا" بـ23 لاعبًا بينهم 7 محترفين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon