توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز

  مصر اليوم -

تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز

بقلم - بشير عبدالفتاح

في تصعيد لم يكن الأول من نوعه، عاود مسؤولون إيرانيون التهديد بإغلاق مضيق هرمز حال اندلاع حرب ضد بلادهم، أو فرض عقوبات أشد صرامة على صادراتها النفطية، أو استجابة شركاء واشنطن لتحريضها إياهم على التوقف الكلي عن شراء النفط الإيراني. وعلى رغم أن التهديدات الإيرانية، التي تحظى هذه المرة بتأييد الحرس الثوري ومباركة أكثر من نصف أعضاء البرلمان الإيراني، تتزامن مع حرب كلامية تدور رحاها هذه الأيام بين نظام الملالي وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كما تتخللها تهديدات الرئيس الإيراني حسن روحاني لنظيره الأميركي، إلا أنه لا يخفى الجانب الاستعراضي في هذا الصدد، خصوصاً لجهة محاولة ابتزاز المجتمع الدولي بغية تخفيف الضغوط المتنامية على نظام الولي الفقيه.

تؤكد سوابق التاريخ أن إيران لا يمكن أن تنفذ تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، إن بسبب ضعف قدراتها الاستراتيجية على القيام بذلك لمدى زمني معقول، أو بجريرة التحسب لردود الفعل الإقليمية والعالمية. فإيران تعي أن مجرد التلويح بإغلاق المضيق، الذي يعبره يومياً 17 مليون برميل من النفط تمثل نحو 20 في المئة من الإنتاج العالمي، ونحو 40 في المئة من تجارة النفط العالمية، ونحو نصف حجم تجارة المنطقة مع العالم، كفيل بأن يشعل نيران الحرب، كما سيرفع أسعار الطاقة، ما قد يؤدي إلى انهيار في اقتصادات بعض الدول التي تعتمد في جزء مهم من إيراداتها على المضاربات المالية. ولن تقتصر التداعيات السلبية لإغلاق مضيق هرمز على الدول المستهلكة للطاقة حول العالم، والتي تتصدرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول آسيوية، أهمها الصين والهند وباكستان واليابان وكوريا الجنوبية، وإنما سيمتد الضرر ليصيب الدول المنتجة لها، بما فيها إيران نفسها بسبب أوضاعهما الصعبة اقتصادياً؛ واعتمادها في توفير معظم احتياجاتها، ما عدا النفط، على المضيق ذاته. كما أن المضيق يعد المدخل الوحيد لـ13 مرفأ تجارياً وعسكرياً يمرّ من خلالها أكثر من 55 في المئة من واردات دول الخليج.

ويتزامن تهديد طهران هذه المرة مع تنامي وتيرة التصعيد الأميركي حيالها، ليس فقط بغرض تحجيم نفوذها الإقليمي في سورية واليمن والعراق ولبنان، وإنما بقصد استهداف النظام الإيراني نفسه ضمن سياق التحول في استراتيجية واشنطن حيال ذلك النظام من الضغط عليه لحمله على تغيير سياساته إلى العمل على إسقاطه. وبناء عليه، ستستأنف إدارة ترامب عقوبات تم تعليقها عقب توقيع الاتفاق النووي عام 2015، بعد انسحابها منه في أيار (مايو) الماضي مع فرض حزمة جديدة تكفل تقليص الإيرادات النفطية الإيرانية إلى الصفر، من خلال عدم السماح لطهران بتصدير النفط، ودعوة الحلفاء إلى التوقف عن استيراده بحلول الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وعسكرياً، عززت واشنطن قدرة أسطولها الخامس عبر إرسال أربع كاسحات ألغام إلى الخليج العربي استعداداً لإعادة فتح مضيق هرمز حال نجاح إيران في إغلاقه. وفي السياق ذاته، أعلن موقع «ديبكا» الاستخباراتي الإسرائيلي، الشهر الماضي، أن ترامب، وعلى خلاف سلفه أوباما، قرر تعزيز القدرات العسكرية لإسرائيل استعداداً لمواجهة حاسمة محتملة مع إيران، عبر تزويد تل أبيب بطائرات «بوينغ كي سي46» لتزويد مقاتلاتها بالوقود في الجو أثناء القيام بمهمات قتالية بعيدة. وفي مسعى منها لاحتواء أي مقامرة إيرانية بإغلاق مضيق هرمز، شرعت دول العالم في اتخاذ الإجراءات الاحترازية الكفيلة بتحييد أي آثار محتملة لتلك الخطوة. فعلاوة على ما بحوزتها من فوائض مالية بمقدورها تعويضها عن تراجع الصادرات النفطية لبعض الوقت، عمدت بعض دول مجلس التعاون إلى تنويع خياراتها في هذا الصدد، إذ بدأت سلطنة عمان دراسة مشروع بناء أكبر منشأة على مستوى العالم لتخزين 200 مليون برميل من النفط الخام خارج مضيق هرمز، ما يمكنها من تجنب تداعيات إغلاق المضيق. بدورها، أعلنت الإمارات عن البدء بتصدير أول شحنة نفط إلى باكستان بواقع 500 ألف برميل عبر ميناء الفجيرة.

أما الصين، فلجأت إلى تنويع مصادر وارداتها النفطية والعمل على إنشاء برنامج تخزين استراتيجي للنفط، يكفيها شهراً من استهلاكها العام، وثلاثة أشهر للاستهلاك العسكري. وبينما تعارض الصين أي عمل عسكري ضد إيران، إلا أنها حال حدوث ذلك ستقف في شكل حازم ضد أي محاولة إيرانية لإغلاق المضيق.

وبينما يعكف الإيرانيون على تأكيد قدرة جيشهم على إغلاق المضيق الذي يسيطر عليه كلية، بعدما طوّر ترسانته البحرية لا سيما في المجال الصاروخي بالاعتماد على روسيا والصين، تؤكد مؤشرات موضوعية تواضع قدرات إيران على اتخاذ قرار بهذه الخطورة، أو تحمل تبعاته الاستراتيجية. فعلى رغم امتلاك الإيرانيين صواريخ بالستية بعيدة المدى، لن يكون بإمكانهم توجيهها نحو إسرائيل، أو القواعد الأميركية في البحرين وقطر والإمارات، نظراً إلى عدم امتلاكهم نظاماً دفاعياً متطوراً للتعاطي مع الهجمات الصاروخية المضادة، في وقت لم يشهد سلاح الجو تطويراً منذ حقبة الشاه، إذ لا تملك إيران نظاماً متقدماً للإنذار المبكر وليس بوسع مقاتلاتها إعادة التزود بالوقود، أو الاعتماد على نظام توجيه صاروخي ليزري للوصول إلى أهدافها. وفيما يظن الإيرانيون أنهم قادرون على إغلاق المضيق من خلال تلغيمه أو استهداف القطع البحرية الأميركية وبواخر الدول الحليفة وناقلات النفط والموانئ المطلة على الخليج عبر تفجيرات وهجمات إرهابية، أو تعطيل الملاحة في المضيق عبر توجيه ناقلة نفط لتصطدم بالصخور في المضيق لوقف حركة الشحن موقتاً، يبقى تلغيم مسار الدخول والخروج في المضيق لمسافة 8 كيلومترات ولمدى زمني طويل أمراً مستعصياً مع وجود الأسطول الأميركي الخامس المسؤول عن حماية القوات البحرية الأميركية في الخليج العربي، علاوة على الانتشار الدائم لقوات بحرية من دول شتى.

ولسنا في حاجة إلى التذكير بمرارات إيران خلال الحروب التي خاضتها ولم تحقق انتصاراً حاسماً في أي منها، كما لم تجرؤ خلالها أو في أعقابها على إغلاق مضيق هرمز. ولذلك عمدت طهران إلى المضي في مسارين متوازيين: أولهما، استهداف الملاحة في مضيق باب المندب من خلال الوكيل الحوثي والذي شرع في عمليات إرهابية محدودة القيمة عسكرياً، لكنها يمكن أن تخلف آثاراً جيواستراتيجية معتبرة وفق ما حصل مع المحاولة الفاشلة لاستهداف ناقلة نفط سعودية. وثانيهما، هرولة الرئيس الإيراني حسن روحاني لاستجداء التهدئة مع واشنطن عبر الاستعانة بالشريك التجاري الأوروبي، الذي تزوده إيران بأكثر من 2.28 مليون برميل من النفط يومياً، بغية تأمين شروط أقل صرامة للعقوبات القاسية التي تسعى الولايات المتحدة إلى استئنافها واستحداثها في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لتقويض صادرات النفط الإيرانية تماماً.

نقلا عن الحياه اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon