توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحن في الطباطب

  مصر اليوم -

نحن في الطباطب

بقلم - داليا شمس

منذ التاسع من يناير ونحن في شهر طوبة "أبو البرد والعنوبة أي الآلام"، "اللي يخلي الصبية كركوبة"، كما يقول المثل الشعبي للدلالة على شدة برودة هذا الشهر حسب التقويم القبطي، الذي يعد امتدادا للتقويم المصري القديم المرتبط بالزراعة. ويقسم الفلاح الشهر إلى ثلاثة أجزاء: طوبة وهي العشرة أيام الأولى التي يشتد فيها البرد، ثم طبطب أي الفترة التي يجعل فيها البرد الإنسان "يطبطب" أو يرتعش، والعشرة أيام الأخيرة حتى السابع من فبراير التي تشهد تقلب الجو من صحو إلى ممطر ويقال لها "طباطب"... أي نحن حاليا في فترة الطباطب، وسندخل بعدها على "زعابيب أمشير" حتى 10 مارس، ليشتد التقلب وخداع الجو وهبوب الرياح، فكل يوم بحال، ودوام الحال من المحال.

***

برد وسياسة وعزلة... في مكان ما ذكرتني ظروف الطقس وما نمر به من أيام بالمدرسة الرومانسية في الأدب وكتاب القرن التاسع عشر حين استخدموا الطبيعة وتغيراتها للتعبير عن مشاعر الإنسان وحكاياته، فكان الشتاء يرمز إلى الموت، والصيف إلى منتصف الحياة، إلى ما غير ذلك. وعلى هذا النحو تتسرب البرودة إلى القلب، وتنعكس على الحالة النفسية، فيخيم الغيام على الرؤوس، وتهطل التهديدات بغزارة كالمطر، ويشعر القمر بالوحدة إلى حد فظيع. القمر الذي شهدنا خسوفه قبل أيام، في 31 يناير الماضي، وتحدث المهتمون عن تأثيراته الفلكية التي لم يتم رصدها إلا قبل أكثر من 150 سنة مضت، ولن يتكرر خسوف البدر مجددا قبل 2028، فالظرف الكوني عموما فريد من نوعه.

وبذكر الخسوفات والكسوفات تذكرت أيضا أجلاونيكيه، أول امرأة فلكية، عاشت في اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد، والتي اتهمت بالسحر والشعوذة لأنها قادرة على تحديد موعد الكسوفات، إذ كانت الشكوك تحوم حولها بإنها هي من تقوم بإخفاء القمر، فدائما يوجد المشبوهون المتهمون بالتفكير الذين يختفون في غياهب ضباب الرعب. يحدث مثل هذا عادة، وتهطل التهديدات بغزارة كالمطر، فنحن في شهر طوبة كما قلنا، ومعناها باللغة القديمة التطهير، نسبة إلى إله المطر الأعلى "طوبيا" الذي يغسل كل شيء بمياهه ونواته الثلاث التي تغرق الأرض بما عليها.

***

وخلال هذه الفترات التي تسوء فيها حالة الطقس، يكون الفقراء هم أول المتضررين، كما الأضعف عادة. يكشف البرد هشاشة كل شيء، الأسقف والبنية التحتية والنفوس والتركيبة كلها. يكشف البرد عوار المجتمعات، ويعاني أكثر ما يعاني أصحاب القلوب الضعيفة الذين لا يتحملون قسوة البرد، فقلوبهم تدق أسرع لمجابهة الصقيع، ما يجهدها ويصيبها بالوجع... تزداد الحاجة للأكسيجين وتتقلص الأوردة وتتقلص معها أشياء أخرى كثيرة على الصعيد المعنوي أيضا. ثم يأتي "أمشير أبو الزعابير الكتير اللي يأخذ العجوزة ويطير"، ويترحم الناس على أيام البرودة لأنه يضيف إلى المعاناة من البرودة اشتداد الرياح والأتربة، فتغلق الموانئ وتسوء المزروعات وتشتل الحركة وتزداد الحساسيات. ينعكس الجو على المناخ السياسي والحالة النفسية، وفجأة يأتي أمر بنشر الهدوء مهما كلف الأمر.


نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن في الطباطب نحن في الطباطب



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt