توقيت القاهرة المحلي 16:00:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عملة أفريقية موحدة؟!

  مصر اليوم -

عملة أفريقية موحدة

بقلم-أحمد جلال

جاء الخبر التالى فى المصرى اليوم بتاريخ 11 أغسطس الجارى: «قال طارق عامر، محافظ البنك المركزى، إن إنشاء بنك مركزى أفريقى موحد وعملة أفريقية موحدة سيكون بحلول عام 2043، نظرا لأنه يتطلب توافقا وإرادة سياسية من قادة الدول الأفريقية، فضلا عن ضرورة تحقيق العديد من المؤشرات على الصعيد الاقتصادى والمالى.. والبنية التشريعية والقانونية وغيرها». انتهى الخبر، لكن ظل صداه يطن فى أذنى بلا انقطاع، ويلح على ذهنى بإباء وشمم، رغم محاولات جادة من جانبى لإقصائه.

فى البداية، قلت إن هذا خبر فيه من الإيجابية ما يتناسب مع احتفالية حضور محافظى البنوك الأفريقية لشرم الشيخ، لكن سرعان ما تبخر هذا الخاطر فى ضوء ما قاله السيد المحافظ خلال المؤتمر الصحفى الختامى، وهو أن «الجمعية بدأت بالفعل فى الخطوات نحو تحقيق هذا الهدف الكبير، وبدأنا نضع القواعد والإجراءات حتى نصل إلى الغاية الأكبر بإنشاء بنك مركزى أفريقى وعملة أفريقية موحدة».

نحن إذن أمام خبر جاد يستحق التمحيص والمناقشة، على الأقل فى ضوء ما نعرفه من تجربة الاتحاد الأوروبى التى نجحت فى تحقيق هذا الهدف، وتجربة دول الخليج العربى التى سعت إليه ولم تحققه بعد. والحقيقة أن التساؤلات الملحة كثيرة، أذكر منها ثلاثة:

أولا، ما هو الدافع القوى لاستهداف توحيد العملة أفريقياً؟، هل دخلنا حروبا عالمية، كما حدث فى أوروبا، وحان الوقت لاستهداف أقصى درجات ارتباط المصالح الاقتصادية لتجنب ويلاتها؟، أم هل نشعر بالفراغ الأمنى الذى تركه خروج إنجلترا من الخليج العربى إلى الحد الذى دعا أمير الكويت، جابر الصباح، إلى اقتراح فكرة الاتحاد الخليجى، على اعتبار أن التكتل فيه قوة؟، لم يحدث هذا ولا ذاك أفريقياً، وإذا كان هناك دافع آخر بنفس القوة لرفع سقف الطموحات إلى حد استهداف عملة موحدة، فما هو؟.

ثانياً، لو افترضنا توفر هذا الدافع، هل من المتوقع، حتى بعد 25 عاما، أن يكون بين جموع الدول الأفريقية قواسم مشتركة تجعل الحديث عن كتلة اقتصادية ذات عملة موحدة مسألة منطقية؟ فى أوروبا، تتطلب عضوية الاتحاد الأوروبى كثيراً من الشروط، جزء منها خاص بالجوانب الاقتصادية والمؤسسية، وآخر مرتبط بالالتزام بنظام سياسى ديمقراطى منفتح. فى دول الخليج، تتسم أنظمة الحكم فى الدول الست المؤسسة له بأنها ملكية، ويعتمد اقتصادها بدرجة كبيرة على وفرة الموارد الطبيعية. هل من المتوقع أن يحدث مثل هذا الاتساق بين الدول الأفريقية فى نظمها السياسية وأوضاعها الاقتصادية، حتى بعد 25 عاما؟.

ثالثا، هل دول القارة الأفريقية مستعدة للتفاوض مؤسسياً لإبرام سلسلة متدرجة من الاتفاقات التى تؤدى فى النهاية إلى تبنى عملة واحدة، بدءا بحرية حركة السلع والخدمات، مرورا بحرية حركة عوامل الإنتاج من عمالة ورأسمال، وصولا إلى تسليم السياسة النقدية لبنك مركزى واحد فى أحد العواصم الأفريقية؟ تجربة الاتحاد الأوروبى نجحت على أكتاف عدد من المؤسسات التى وصل عددها الآن 7، أهمها المفوضية الأوروبية، كما أن التقدم الذى تم إحرازه خليجيا كان بسبب مجلس الوحدة، الذى يضم ملوك الدول الست، ومجلس وزارى، وأمانة عامة. فى الإعلان عن المبادرة الأفريقية، لم يتم الإعلان عن إنشاء مثل هذه المؤسسات.

سوف أكتفى بهذا القدر من سيل التساؤلات. ما أود الختام به هو أن مشروعا عملاقا بهذا الحجم كان من الواجب طرحه للنقاش العام قبل الإعلان عنه. وإذا كان الأمر ليس إلا احتفاء بالضيوف الأفارقة، فهذا يشكك فى مصداقية ما يتم الإعلان عنه فيما بعد. نعم للتعاون مع القارة الأفريقية، لكن السؤال الأهم هو: كيف؟.

نقلا عن المصري اليوم 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عملة أفريقية موحدة عملة أفريقية موحدة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال

GMT 15:00 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

محمد الحنفى يؤكد انتظاره إدارة القمة منذ 3 سنوات

GMT 05:38 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

انطلاق أول رحلة لطائرة في الصيف "Stratolaunch"

GMT 10:06 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

هادجنز تتألق في تقديم مجموعة "سينفول كلورز"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon