توقيت القاهرة المحلي 16:00:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس المومياوات الملكية

  مصر اليوم -

دروس المومياوات الملكية

بقلم: خالد منتصر

موكب المومياوات الملكية لم يكن مجرد رحلة عجلات حربية من ميدان التحرير إلى الفسطاط، لكنه كان رحلة عقول وقلوب مصرية من فكر إلى فكر آخر، فكر التعامل مع الحضارة المصرية القديمة على أنها حضارة أصنام إلى فكر التعامل معها على أنها حضارة فجر الضمير وبداية الإنسانية واحترام العلم والدقة والرغبة فى الكمال، نقلة لها دلالات، نستخلص منها دروساً عديدة، فالمجتمع الذى تقبل حبس مومياواته بفتوى من شيخ الأزهر عبدالحليم محمود ووافق عليها الرئيس حينذاك، هو نفس المجتمع الذى خرج الآن ليحتفى ويصفق ويفرح بتلك المومياوات وهى تخرج إلى النور لتعرض فى مكان أفضل ومتحف أحدث، مجتمع زيف وعيه بفتوى تتحدث بعقلية الحانوتى لا بعقلية خبير الآثار، فتوى تحذر من عرض المومياوات وتتعامل معها بقاموس فقهى يفتقد إلى المرونة، هو نفس القاموس الذى يتحدث عن حمل الأربع سنوات ورجم القردة الزانية ورضاع الكبير، فتوى لا تعرف ما هو علم التحنيط ولا ما هى السياحة، فتوى كل غرضها الاحتفاظ بالسطوة والسلطة من خلال آخر أسلحة الجماعات الدينية، سلاح فزاعة الموت وزرع الإحساس بالذنب والخطيئة لقاء بيزنس بازارات صكوك الغفران.

درس الموكب والاحتفال الأول هو احترام الدقة والرغبة فى الكمال الـperfection، الموكب سار بدقة الفيمتوثانية، تزامن نغمات الأوركسترا مع مسيرة الموكب بمنتهى الانضباط، تنسيق معروضات متحف الحضارة والعرض المختصر الموجز الشامل الذى قدمه وزير الآثار بدون مط أو ثرثرة، كل تلك العناصر تشير إلى الدقة المتناهية واحترام الوقت وهما من أهم ما ميز عصر الفراعنة.

الدرس الثانى احترام العلم ومنهجه الذى أدى بتلك الحضارة إلى تقديم معجزات علمية ما زلنا نحاول فك شفرتها حتى الآن، مثل ذلك التحنيط الذى استطاع الاحتفاظ بأجساد هؤلاء الملوك آلاف السنين، فمتحف الحضارة ليس مجرد قاعة عرض، ولكنه مدرج تعليم وقاعة درس وكأنك فى أكاديمية.

الدرس الثالث هو أننا أثبتنا أننا أحفاد هؤلاء المبدعين حقاً، أوركسترا على أعلى مستوى عالمى، مايسترو فنان استطاع أن يضبط الإيقاع بميزان الذهب وعصا السحر، عازفون وعازفات بمستويات احتراف يقف لها العالم إجلالاً واحتراماً، ومتذوقون كانوا متعطشين لمثل هذا الفن الرفيع.

درس آخر هو احترام وتقدير المرأة، فقد كان الموكب وكانت الاحتفالية عيد تاء التأنيث بحق، مذيعات لهن حضور وثقافة، مطربات شرقى وغربى على أعلى مستوى، راقصات باليه فى منتهى الرشاقة والجمال، بنات مصريات يتقدمن الموكب فراشات ملونة هن رمز للبهجة والفرح والأمل فى مستقبل مشرق لمصر يخلصها من خفافيش الظلام وغربان النكد، السوبرانو التى غردت أنشودة العظمة الفرعونية مصحوبة بالربابة والناى التى اقشعرت معها الأجساد بموسيقى الجميل هشام نزيه، ريهام عبدالحكيم، عازفة التمبانى، عازفة الرق، عازفة الكمان، كلهن نجمات، كلهن مصريات.

الدرس الأخير والأهم هو أن أهم ثروة هى منتجنا الثقافى، أهم كنز هو فننا ومخزوننا الثقافى، أهم بئر نفط هم هؤلاء الفنانون الذين كنا نجلدهم استجابة لتيار فاشى يكره الفن ويحتقره، لأنه يعرف أن من يتذوق الفن لا يمكن أن يذبح أو يقتل، لأنهم يعرفون أن الفن هو رصاصة الرحمة للإرهاب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس المومياوات الملكية دروس المومياوات الملكية



GMT 09:13 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مبروك للأبيض.. عقبال الأحمر

GMT 09:11 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

ماذا بعد رئيسى؟

GMT 02:27 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تحشيش سياسي ..!

GMT 02:21 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

السلطة والدولة في إيران

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon