توقيت القاهرة المحلي 11:51:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سقوط الأسد السريع جدّد الشراكة الروسية ــ الإيرانية

  مصر اليوم -

سقوط الأسد السريع جدّد الشراكة الروسية ــ الإيرانية

بقلم:هدى الحسيني

استقبل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نظيرَه الإيراني، مسعود بزشكيان، في موسكو يوم الجمعة 17 يناير (كانون الثاني) 2025 لتوقيع «معاهدة شراكة استراتيجية شاملة». ويقول المسؤولون الروس والإيرانيون إن «معاهدة العشرين عاماً» تهدف إلى تقريب موسكو وطهران في جميع المجالات؛ من التعاون التجاري والعسكري وحتى التعليم والثقافة. ووصف بوتين المعاهدة بأنها «انفراجة حقيقية، وخلق للظروف للتنمية المستقرة والمستدامة لروسيا وإيران والمنطقة بأكملها».

كما عزز الاثنان العلاقات بالصين وكوريا الشمالية؛ وهم الرفاق الأعضاء في ما يسميه البعض «محور الاستبداديين»؛ و«الرفقاء الجيوسياسيون» الذين يجمعهم معاً عداؤهم للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، والرغبة في التهرب من العقوبات التي يفرضها الغرب ضد أنظمتهم.

لا شك في أن سقوط بشار الأسد يشكل نكسة دبلوماسية وسياسية وعسكرية كبيرة لروسيا. وكانت سوريا الشريك الرئيسي لروسيا في الشرق الأوسط. خسارة تلك الحرب الأهلية التي استمرت لعقد من الزمان ضربة قاسية لكل من روسيا وإيران، وبشكل أكبر بالنسبة إلى إيران بسبب مصالحها مع «حزب الله» واستخدامهما الأسلحة ضد إسرائيل.

لكن ماذا تعني المعاهدة الروسية - الإيرانية الجديدة بالنسبة إلى العلاقة بين البلدين؟

كانت هذه «الصفقة» إلى حد كبير حالة محددة؛ إذ جاء توقيت الإعلان عقب تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب وبعد مدة قصيرة من سقوط وهرب حليف إيران وروسيا بشار الأسد. وتوقيت الاتفاق، المتزامن مع تنصيب ترمب، عنصر أساسي في هذه المحاولة «المحسوبة» من قبل روسيا وإيران لإظهار القوة والسلطة. ومن الواضح أن التحالف الروسي - الإيراني نفسه ليس شيئاً جديداً؛ إذ تعود هذه العلاقة القائمة على المصالح المتبادلة إلى عقود. تساعد روسيا إيران عسكرياً، وفي برنامجها النووي، وتوفير الوقود، وتقديم الخبرة. وهذا التحالف «المزعوم» المدفوع بالمصلحة المتبادلة، يحركه في الأساس العداء وكراهية الولايات المتحدة، والرغبة في بذل كل ما في وسعهما لإضعاف الولايات المتحدة استراتيجياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

إذا دققنا في نَصّ ما جرى الاتفاق عليه بالفعل، فإنه مخيب في تفاصيله. مثلاً؛ صُوّرت المعاهدة على أنها دفاع متبادل، وبينما تعالَج القضايا الأمنية، فإن الالتزامات الدفاعية المتبادلة تقتصر على الموافقة على عدم مساعدة خصم الطرف الآخر في أي صراع. لذلك؛ إذا دخلت روسيا في صراع مع «حلف شمال الأطلسي» أو الولايات المتحدة أو مع كازاخستان، أو مع أي طرف آخر، فإن على إيران عدم مساعدة الطرف الآخر الذي يقاتل روسيا. وهذا في نظر العسكريين ليس تحالفاً دفاعياً قوياً. ويشير عسكريون أيضاً إلى أن المعاهدة لا تذهب، تقريباً، إلى ما اتفق عليه الروس والكوريون الشماليون مؤخراً، فبينما كانت إيران ترسل، لبعض الوقت، طائرات «شهيد» من دون طيار إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا (المئات منها) والصواريخ الباليستية، فإنها لم ترسل قوات وجنود «الحرس الثوري» للقتال على الخطوط الأمامية في كورسك ودونيتسك، كما فعلت كوريا الشمالية.

من المؤكد أن الروس لم يطلبوا ذلك. وربما لم يرغبوا في طرح سؤال يعرفون أن الإجابة عنه ستكون «لا». ثم إن إيران تواجه ما يكفي من المشكلات في شؤونها الداخلية وفي منطقتها، خصوصاً بعد سوريا، لدرجة أنها ربما ستُضعف موقفها إذا أرسلت مجموعات من «الحرس» لمحاربة الأوكرانيين. وهناك افتراض بأن جزءاً من هذا هو أيضاً نتيجة لحقيقة أن هذين البلدين يتعرضان لعقوبات قاسية ويريد كل منهما مساعدة الآخر في الالتفاف على المشكلات المختلفة التي يواجهانها بهذا الصدد.

تمكنت روسيا من قراءة كتاب «قواعد اللعبة» الإيراني للتحايل على العقوبات الأميركية وتجنبها وتقويضها على مدى السنوات الماضية. كما تجدر الإشارة هنا إلى أن الصين تتعلم من «الكتاب» نفسه وتأخذ الدروس المستفادة من كل التجارب الإيرانية والروسية. والدول الثلاث تشارك بنشاط في تدابير عملية للغاية للتحايل على العقوبات؛ إذ تستخدم روسيا والصين وإيران ما تسمى «أساطيل الظل» من الناقلات التي تتجول في جميع أنحاء العالم، ومئات ناقلات النفط المتهالكة، و«الكوارث البيئية العائمة» التي تنتظر الغرق، لنقل الهيدروكربونات.

لا أعتقد أن للاتفاق تأثيراً عملياً كبيراً من حيث تعزيز استقرار النظام الإيراني، لكنه يساعد في تصوير روسيا على أنها لا تزال لاعباً في الشرق الأوسط، وأنها لا تزال نشطة، وأن لديها مجموعة من العلاقات التي تعارض الولايات المتحدة.

على كلٍ؛ الطرفان حسبا التوقيت بعناية فائقة. ولو كانا يعتقدان أن توقيت الاتفاق لن يرسل الرسالة المناسبة، لكانا إما فعلا ذلك في وقت أبكر وإما أجّلا المعاهدة إلى وقت لاحق.

يساعد الضعف النسبي لروسيا وإيران الولايات المتحدة في هذه اللحظة، حيث ستسعى الولايات المتحدة إلى استخدام كل أداة تحت تصرفها لتعديل سلوكهما وتقييده. إيران، ومن خلال أنشطتها عبر وكلائها؛ «حزب الله» و«حماس» و«الحوثيين»، تزرع العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط لسنوات وعقود، وهذا يحتاج إلى معالجة بقوة أكبر بكثير، وبالتأكيد في المجال الاقتصادي.

والشيء نفسه بالنسبة إلى روسيا... في حين كان هناك بالفعل كثير من العقوبات المفروضة في وقت مبكر من الحرب وحتى الآن، فإن من المهم تعزيزها، خصوصاً استهداف الهيدروكربونات لكل من إيران وروسيا على حد سواء. هذه هي نقطة الألم الحقيقية بالنسبة إليهما.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقوط الأسد السريع جدّد الشراكة الروسية ــ الإيرانية سقوط الأسد السريع جدّد الشراكة الروسية ــ الإيرانية



GMT 23:59 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

الدَّرس

GMT 23:54 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

الهجوم على خالد بن الوليد

GMT 23:42 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل يكفي التجريم فقط؟

GMT 23:40 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل يجرؤ الاتحاد الأوروبي على مصادرة الأموال الروسية؟

GMT 12:20 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

«ساحر الكرملين».. كيف يدمر الزعماء من صنعوهم؟!

GMT 12:11 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

المجتمع والحرب

GMT 12:09 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل يرحل؟

GMT 12:07 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

حلم الشيخة بدور القاسمي

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:09 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب
  مصر اليوم - دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب

GMT 16:33 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 21:30 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

"الهاموش" قصص إسلام عبدالغني عن دار روافد

GMT 12:38 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

8 إنجازات بارزة حققتها السياحة المصرية في 2019

GMT 00:54 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

6 أمراض قد تكون السبب في الشعور بالتعب المستمر

GMT 11:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مبيعات بلايستيشن 5 برو تتخطى التوقعات في اليابان

GMT 02:22 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

نوكيا تطلق رسميا هاتف Nokia G300 بتقنية 5G وأرخص سعر

GMT 11:42 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تراجع في الأسهم الأوروبية اليوم الأربعاء 6 أكتوبر 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt