توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين.. وشرطة ميامي!

  مصر اليوم -

فلسطين وشرطة ميامي

بقلم:منار الشوربجي

لم أندهش حين علمت أن زيارة مجرم الحرب الإسرائيلى إيتمار بن غفير للولايات المتحدة تضمنت ليس فقط لقاءات مع صناع القرار الجمهوريين الداعمين لإبادة غزة، وإنما شملت أيضًا زيارة لرئيس شرطة مدينة ميامى بولاية فلوريدا!

فالتغطية الإعلامية لزيارة «بن غفير»، المدان بالإرهاب حتى من المحاكم الإسرائيلية، تركزت إما على زياراته لأولئك السياسيين أو على احتجاجات أصحاب الضمائر الأمريكيين على وجوده. لكن زيارته لرئيس شرطة ميامى لا تقل أهمية، إذ تروى قصة تحويل إسرائيل إلى المُعلم والمُلهم لأمريكا! والأهم أنها تكشف عن أن العلاقة بين الاحتلال فى فلسطين والقمع فى أمريكا علاقة وثيقة تذهب لما هو أبعد بكثير من قمع المعارضين للإبادة الجماعية.

فمنذ عقدين على الأقل، يتم إيفاد الآلاف من ضباط وجنود الشرطة الأمريكيين بشكل دورى لإسرائيل بغرض «التدريب». فإسرائيل هى التى تدرب الشرطة الأمريكية على التعامل مع المدنيين بالولايات المتحدة! أما من يدربهم فى إسرائيل فهو ليس فقط أجهزة الأمن وإنما معها الجيش والاستخبارات الإسرائيلية. وإسرائيل هى النموذج الذى، بناء عليه، باتت الشرطة الأمريكية تتبنى المنطق العسكرى للتعامل مع المدنيين فى قلب المدن الأمريكية، وتعتمد على أسلحة لا تُستخدم إلا فى الحروب. ويقدم برنامج التدريب نفسه للأمريكيين باعتباره «فرصة» للشرطة الأمريكية «لتتعلم الاستراتيجيات الشرطية من ديمقراطية حليفة لها خبرة فى مواجهة الإرهاب»، فى حين أنه أدى لنقل تكنولوجيا ومعها «خبرات» الاحتلال، فأصبحت تستخدم لقمع الحركات الاجتماعية عمومًا فى الولايات المتحدة. والقائم على ترتيب تلك الدورات منظمات أمريكية، بما فيها المنظمة الصهيونية الشهيرة التى تسمى نفسها «الجمعية الأمريكية لمكافحة التشهير»! أما وقد صار عمر تلك البرامج التدريبية يزيد على العقدين، فقد صارت تقدم نفسها باعتبارها «تبادلًا» وليس تدريبًا، أى أن الجانبين يتبادلان الخبرات.

وليس سرًا أن الكثير من التكنولوجيا التى صارت تستخدمها الشرطة بالمدن الأمريكية تكنولوجيا إسرائيلية أصلًا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، استوردت الشرطة الأمريكية نظامًا إسرائيليًا للطائرات المسيرة يسمى «أوريون» قادرًا على أن يطلق تلك الطائرات أوتوماتيكيًا لموقع «الحدث» فيقوم بعدة مهام تساعد الشرطة عن بعد، مثل نقل المعدات، وتصوير الموقع بالفيديو وتحديد أشخاص للقبض عليهم. وهو ما ذكرنى بالمسيرات التى تطلقها إسرائيل فوق غزة لتراقبها ٢٤ ساعة. وعندما زار «بن غفير» رئيس شرطة ميامى، أعدت قراءة التقرير الصحفى الذى اطلعت عليه العام الماضى حول استيراد نظام «أوريون» فوجدته ذكر مدينة ميامى بالاسم بين المدن الأمريكية المرشحة لاستخدامه! كما تستورد الشرطة الأمريكية من إسرائيل السائل الذى يُرش فى الأحياء الفلسطينية كعقاب جماعى. وهو سائل يطلق رائحة كريهة تسبب الغثيان وتعلق بالهواء والجلد البشرى والملابس لأيام.

أكثر من ذلك، فالواقعة الشهيرة، مثلًا، عام ٢٠١٦، التى قُتل فيها الشاب الأسود، ألتون سترلنج، بمدينة باتون روج بولاية لويزيانا قال أحد شرطييها اللذين عُزلا، بعد إدانة منظمات حقوقية أمريكية بل والأمم المتحدة، إنه تلقى تدريبًا فى إسرائيل قبل الواقعة بشهور! ولا تنكر شرطة نيويورك أن النظام الذى تستخدمه لمراقبة العرب والمسلمين، بما فى ذلك المنظمات الطلابية الداعمة لفلسطين، مستلهم من الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بالأرض المحتلة! وليس خافيًا أن نقل النموذج الإسرائيلى الذى يجرم الفلسطينيين كلهم كجماعة ويعتبرهم أدنى درجة، معناه اعتبار جماعات عرقية أو إثنية بأكملها فى أمريكا «مشتبهًا بها» كلما وقع حادث.

لكل ما تقدم، يمكنك، عزيزى القارئ، أن تنظر لزيارة وزير «الأمن القومى» الإسرائيلى، «بن غفير»، لشرطة ميامى باعتبارها زيارة مسؤول يتفقد تلاميذه!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين وشرطة ميامي فلسطين وشرطة ميامي



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt