توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صفعـة القـرن

  مصر اليوم -

صفعـة القـرن

بقلم - عبدالناصر سلامة

أعجبنى التعبير الذى أطلقه الرئيس الفلسطينى محمود عباس (صفعة القرن) حول ما تسمى (صفقة القرن) المتداولة حالياً للتسوية مع إسرائيل، من خلال إملاءات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ومن إخراج صهره جاريد كوشنر، وإعداد إسرائيلى واضح، ومباركة وترويج عدد من العواصم العربية، التى بدأ بعضها فى التمهيد لذلك، بالتشكيك فى المقدسات الإسلامية بالقدس، وفى مقدمتها المسجد الأقصى، بينما بدأ البعض الآخر فى الضغط على السلطة الفلسطينية، وذلك بالتلويح بورقة المساعدات، بينما التزم آخرون الصمت، على اعتبار أن الأمر لا يعنيهم!!.

وسواء كانت الصفقة تتحدث، كما كشف أبومازن، عن دولة فلسطينية عاصمتها «أبوديس» القريبة من القدس، أو كما روجت مصادر أخرى عن مدينة «رام الله» بالضفة الغربية، فإن أهم ما يجب أن نفطن إليه هو أن قرار الرئيس الأمريكى حول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان سبباً رئيسياً فى كشف أبعاد هذه الصفقة من جهة، ودفع القيادة الفلسطينية إلى الاعتراض عليها من جهة أخرى، بل تلك الصحوة الشعبية الفلسطينية من جديد، ممثلةً فى العودة إلى مقاومة الاحتلال، بعد أن اكتشفوا للمرة المليون أنه لا أمل فى العرب، فما بالنا فى مثل هذه المرحلة المهترئة عربياً على كل الأصعدة؟!.

تعبير الرئيس الفلسطينى جاء خلال اجتماع المجلس المركزى لمنظمة التحرير الفلسطينية لبحث الرد على قرار ترامب، وقال عباس: «قلنا لا لترامب، ولن نقبل مشروعه»، فيما يشير إلى أن الموقف الفلسطينى العام حول قضية الأرض لا يقبل المساومة، حتى وإن بدت النزاعات الداخلية متفاقمة، ذلك أن حركتى حماس والجهاد رفضتا منذ اللحظة الأولى أى تفريط فى القدس، بل أى مبادلة للأراضى مع أى من دول الجوار، وهو ما تتضمنه الصفقة أيضاً، بالتالى أصبحت العواصم العربية محل الاتهام، مطالَبة بإعلان موقفها علناً من ذلك الذى جرى ويجرى على الساحة، أو بمعنى أدق غسل يدها من مثل هذه المؤامرة الأمريكية- الإسرائيلية.

يجب أن نعترف بأن النضال الفلسطينى فى مواجهة الاحتلال هو الأطول من نوعه فى التاريخ، يجب أن نعترف بأن هذه القضية ظلت حيّة على مدى ٧٠ عاماً بفضل تضحيات الشعب الفلسطينى، لا أكثر من ذلك ولا أقل، ذلك أنه من الصعب الإشارة إلى بيت أو أُسرة أو عائلة هناك بلا شهيد أو معتقل، أو بمعنى أصح بلا مجموعة من الشهداء ومجموعة من المعتقلين، يجب أن نعترف بأن الضغوط الدولية وأيضاً العربية للأسف، على الشعب الفلسطينى للقبول بتنازلات مخزية، استمرت طوال تلك السنوات، من خلال سياسة العصا والجزرة، إلا أن إيمان هذا الشعب بقضيته العادلة، هو الذى جعله يصمد فى وجه كل هذه الضغوط، كل هذه السنوات.

فى الوقت نفسه، يجب أن نقر بأن تغيراً سلبياً طرأ على الساحة العربية تجاه القضية الفلسطينية، على المستوى الشعبى أيضاً، وليس الرسمى فقط، بفعل وسائل الإعلام الموجهة سياسياً، والتى دأبت طوال الوقت على التشكيك بالنضال الفلسطينى تارة، والموقف السياسى هناك تارة أخرى، وهو ما أفرز أجيالاً لا تأبه لقضايا الأمن القومى ولا للمعتقدات الدينية، وهو ما سعت إسرائيل إليه دوماً من خلال بعض النخب السياسية والثقافية فى عدد من البلدان، هيمنت إلى حد كبير على مساحات واسعة فى الصحف والقنوات التليفزيونية، ومنتديات مشبوهة، استقطبت من خلالها مجموعات من المشوهين أخلاقياً واجتماعياً، فى مقابل فتات التمويل الأجنبى، الذى أصبح عنواناً صريحاً للعديد من المنظمات الأهلية، التى لم تعد بمرور الوقت تخجل من الاعتراف به.

أعتقد أن الموقف الرسمى الفلسطينى، الذى أعلنه الرئيس محمود عباس، فى مواجهة الهيمنة الأمريكية والضغوط العربية، يجب البناء عليه بمزيد من المواقف التى تصب باتجاه المقاومة وفقط، ذلك أن دولة الاحتلال قد أغلقت كل الطرق المؤدية إلى التسوية السلمية، فلا حل الدولة الواحدة يصبح مقبولاً لديهم، نتيجة ارتفاع أعداد الفلسطينيين مقارنة بالإسرائيليين، خاصةً إذا وضعنا فى الاعتبار عودة اللاجئين كحق مشروع نصت عليه قرارات الأمم المتحدة، ولا حل الدولتين أصبح متاحاً بفعل الأمر الواقع، نتيجة قرارات الضم الإسرائيلية للقدس ولأراضى المستعمرات فى الضفة الغربية، وهو ما يجعل من أى مباحثات فى المستقبل تحصيل حاصل، على غرار كل المباحثات السابقة.

على أى حال، يمكن القول إن الموقف الفلسطينى فيما يتعلق بما تسمى صفقة القرن، هو بمثابة تعبير عن الشعوب العربية الحُرّة، ذلك أنه أعفاها من احتجاجات كانت متوقعة، وصدامات كانت مؤكدة، فى ضوء ذلك التعتيم الذى تزامن مع إطلاق ذلك العنوان، الذى كان أشبه بالنكسة أو النكبة، مع كل سر كان يتكشف من أسراره بمحض الصدفة، أو حتى عن عمد، ذلك أن أصحاب القضية أدرى بشعابها، وليس ممكنا التفويض أو التنازل فيما يتعلق بالأرض، فما بالنا إذا كنا أمام الأرض المقدسة؟

نقلا عن المصري اليوم القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفعـة القـرن صفعـة القـرن



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon