توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القرارات فوق الصعبة

  مصر اليوم -

القرارات فوق الصعبة

بقلم - عبد المنعم سعيد

اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى الكثير من القرارات الصعبة التى وجلت منها قيادات سابقة، فلم يكن هناك خلاف فيما سبق على أنه لا يجوز فى الدولة أن يكون هناك تعدد فى أسعار عملتها، ولا أن يذهب الدعم إلى الأغنياء ولا يأتى إلى الفقراء، وأن الموازنة العامة لا يمكنها تحمل استمرار الانتفاخ فى دعم الطاقة، وأن القطاع العام هو سلة مثقوبة لنفقات متزايدة وعوائد فقيرة، وأن التنمية فى البلاد غير متكافئة بين المناطق المختلفة. القائمة كانت طويلة، ولكن القرارات بشأنها كانت «متأنية» خوفاً من غضب الرأى العام، الذى غضب فى النهاية على أى حال دون شجاعة تباشر ما الذى سوف يفعله الغاضبون فى كل هذه القضايا.

ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية أن القرارات جرى اتخاذها، ولم يكن أقل من ذلك أهمية أنه جرى تنفيذها فى عهد وزارات المهندس إبراهيم محلب والمهندس شريف إسماعيل والدكتور مصطفى مدبولى، تغيرت الوزارات ولكن المسيرة كانت واحدة، ونتائجها ظلت إيجابية، ومؤشراتها ترى المؤسسات المالية الدولية أنها مبشرة بعد أن أصبح معدل النمو فى العام المالى الأخير 5.3%، والمرجح أنه سوف يصل إلى 6% فى العام المالى 2020. ومع ذلك، وفى بلد حجم سكانه تجاوز 100 مليون، وفيه 27% من الفقراء، و25% من الأميين، ويوجد فيه عشرات من الشركات الخاسرة، فإن إصدار القرارات الصعبة وحدها، وتنفيذها وبسرعة، لا يكفى لأن المجتمع لابد له من اتخاذ قرارات فوق الصعبة!.

مفتاح البحث عن «القرارات فوق الصعبة» كان فى فيديو شاهدته من مدينة بوسطن الأمريكية يوم افتتاح حزمة كبيرة من مشروعات النقل، من طرق وجسور ومحاور، عن طريق تكنولوجيا «الفيديو كونفرانس». كان الجمهور سعيداً، ووزير النقل مزهواً، والمشهد فى عمومه فيه الكثير من البهجة والسرور بحدوث إنجازات حقيقية، حتى كانت هناك فرصة لكى يسأل الرئيس واحداً من السادة المحافظين عن حال الطرق فى محافظته. فما كان من السيد المحافظ إلا أن بدأ مرة أخرى فى سرد ما كان يسرده من قبل، وفصّل فيه متحدثاً عن «المشروعات المستقبلية» الواردة فى الخطة. لم يكن هناك شك فيما كان يقوله المسؤول الكبير، ولكن السؤال ظل معلقاً فوق الرؤوس حول حال الطرق فى المحافظة المعنية، فما كان من الرئيس إلا أن طلب الحديث مع واحد من الشباب وسأله نفس السؤال، وبعد تردد قليل قال الشاب إن الطرق فى المحافظة «متهالكة»!.

شرح الرئيس المسألة بوضوح، فالدولة قامت بالفعل بمشروع عملاق للطرق شمل الجمهورية كلها، ولكن ذلك لم يشمل الطرق الداخلية فى المحافظات لأنه ببساطة لا توجد موارد كافية لذلك، ولابد أنه على طرف ما أن يبحث عن كيفية تمويل إصلاح هذه الطرق. كان ما فعلته الدولة منطقياً، فإصلاح منظومة الطرق فى أى دولة يبدأ بشبكة الطرق الواسعة التى تربط بين أجزاء الدولة وبعضها البعض لأن ذلك مهم للاقتصاد، وللأمن القومى أيضاً.

كانت هذه هى مهمة الدولة فى اتخاذ القرارات الصعبة أما القرارات فوق الصعبة فإنها مهمة المجتمع، وربما كانت هى الفارق ما بين الدولة النامية والدولة المتقدمة. فى هذه الأخيرة، فإن مجتمع كل منطقة أو محافظة أو محلية من المحليات هو الذى عليه حشد الموارد اللازمة المالية والبشرية لاستكمال ما لم يُستكمل، وتعويض ما لم يُعوض، ومضاعفة معدلات النمو فوق معدلاتها الحالية، وفى حالتنا لأن المعدل الحالى ليس كافياً للتعامل مع معدل النمو السكانى، والاحتياجات الخاصة بمجتمع متقدم. وفى الحقيقة فإن الحديث عن الطرق ليس هو كل ما يمكن الحديث عنه فى هذا المجال، وإنما هو حديث كل المجالات فى التعليم والصحة والصناعة والزراعة والخدمات، فما لم تعرف كل وحدة محلية كيف تتخذ القرارات فوق الصعبة التى تحشد مواردها فإن الصورة سوف تظل دوماً ناقصة.

ومنذ عام 2003 فإننى أذهب سنوياً إلى ولاية «ماساشوستس» الأمريكية، وفى أول الأمر كانت هناك «كارتة» تأخذ الأموال كل بضعة كيلومترات، كانت المحليات فى المدن والقرى تبحث عن موارد تصون بها الطرق وتفتح المدارس. هذا العام اختفت كل محطات تحصيل رسوم الطريق، أصبحت الولاية كلها من الغنى بحيث لم تعد هناك حاجة للرسوم!. القرار فوق الصعب الكبير هو كيف نجعل المحافظات المصرية تحشد مواردها؟

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرارات فوق الصعبة القرارات فوق الصعبة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt