توقيت القاهرة المحلي 15:11:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير

  مصر اليوم -

غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير

بقلم - أمينة خيري

 

في كل مرة نظن إننا رأينا الأفدح والأفظع، نجد أننا بصدد المزيد، من فلسطين إلى لبنان، ومنه إلى الجزائر والعراق وسوريا، واليمن والسودان ومجدداً إلى فلسطين ورحى الصراع تأبى أن تخفت على مدار عقود طويلة.

يبدو للوهلة الأولى أن الصراع تفجر فجأة، لكن الصراعات التي تظل مكتومة، أو لا تحل حلولاً جذرية عادلة، أو حتى شبه عادلة، تكون أشبه بالقنبلة الموقوتة التي يتم تأجيل انطلاقها مرات لكن مآلها الانفجار ذات يوم.

وبعيداً عن تقييم عمليات "حماس" يوم 7 الجاري، وهل ينبغي إخضاعها لحسابات المكسب والخسارة، وهل بالفعل علينا اعتبار شهداء غزة والدمار الذي لحق بها – ومازال- ثمناً معقولاً لعمليات "حماس" أم لا، فإن الصراعات لا تنتهي إلا بالحلول مهما طال الزمن.

تخفت أو تخمد، حتى يهيأ للرائي إنها تبخرت، لكنها تكون في مرحلة كمون لحين إشعار آخر، في بداية الأحداث الدامية، كتب صديق إعلامي مسؤول عن قطاع كبير في الإعلام المصري على صفحته على «فيسبوك» كلمتين بليغتين: «الهدف مصر».

كثيرون أثنوا على ما كتب، واعتبروهما خير الكلام ما قل ودل، لكن البعض الآخر، اعتبر الكلمتين تهويلاً لا محل له، ومرت الساعات لتثبت أن هناك ما يحاك فعلياً خلف أبواب المتاريس المغلقة والمفاوضات غير المعلنة.

وحين "ينصح" متحدث عسكري إسرائيلي "بالفم الملئان" أهل غزة الفارين بالتوجه إلى مصر، فهذه ليست زلة لسان أو خطأ غير مقصود، بل هو صميم ما يدور منذ سنوات في دوائر عديدة.

ويكفي أن دراسات وأوراق بحثية بريطانية عديدة منشورة وليست سرية تتحدث عن خيار "وطن بديل" لأهل غزة في سيناء.

الغريب والمريب أن نجد البعض بيننا يسخر من مثل هذا الطرح، مشككاً في مصداقيته ومتهماً من يحذر من شيوع ذلك الطرح بأنه ضحية نظرية المؤامرة أو أنه يحاول التملص من مسؤولية مصر تجاه القضية، وهي المسؤولية التي لم تمل مصر يوماً أو تكل أو تبخل بالأرواح والعتاد من أجل الدفاع عنها.وعلى سيرة الدفاع، فإنه حري بنا جميعاً اتباع قدر أوفر من التعقل والتفكر فيما هو مطلوب من الجميع في هذه المرحلة.

الحماسة والاتقاد والحمية والبطولة جميلة حقاً، والإسراع لنجدة المظلوم والمقهور واجب على كل من يحمل قلباً وعقلاً.

لكن فرقاً كبيراً بين كتابة تدوينة على "فايسبوك" أو تغريدة على "تويتر" أو تداول صور وفيديوهات على "إنستاغرام وغيرها من منصات ال"سوشيال ميديا"، وبين اعتبار هذه التغريدة أو التدوينة خطة عمل تعتنقها دولة وتصبح خطة عمل شعب.

أسهل ما يمكن عمله في الدنيا هو الجلوس أمام الشاشة، وتكييل الاتهامات يميناً ويساراً، وتوزيع المسؤوليات على القاصي والداني، وحل مشكلات الكوكب بمساعدة فنجان شاي باللبن وبقسماطة ساعة عصاري.

من حق كل منا أن يعبر عن رأيه وإيمانه، لكن ليس من حق أي منا أن يكيل اتهامات بشعة وفجة لآخرين بمجرد الاختلاف في الرأي أو التوجه، هذا إن كنا نؤمن حقاً بالتعددية وحرية التعبير لا سيما في مجالات نصرة المظلوم.

فالمظلوم المقهور المعرض للقتل والتهجير لن يتفرق معه كثيراً تلك الاتهامات المتبادلة التي ينوء بها أثير ال"سوشيال ميديا"، هي للاستهلاك المحلي فقط، وأغلبها من باب "طق الحنك" كما يقول أخوتنا اللبنانيون.

وأشير في هذا الصدد أيضاً إلى أهمية التفرقة بين التصريحات الرسمية لمسؤولين، والتصريحات "الحبية" لمسؤولين سابقين. بمعنى آخر، "إللي إيده في المياه مش زي إللي إيده في النار".

بمعنى ثالث، لا يمكن للمسؤول في أي بلد كان في مشارق الأرض ومغاربها أن يعمل ناشطاً حقوقياً في فترة المساء والسهرة، وذلك بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية في الوزارة أو المصلحة.

بمعنى رابع، المسؤول السياسي في أمريكا وبريطانيا وزامبيا وبيرو والهند وأندونيسيا ومصر وفنلندا وأوغندا وغيرها من بلدان الكوكب ملتزم بسياسات بلاده ومصالح شعوبها، ولا يسمح له بالتعبير عن وجهة نظر مغايرة، حتى لو كان يؤمن بها طالما هو في المنصب.

بعد أ يترك المنصب، وطالما لا يوجد قواعد مسبقة تلزمه بعدم الجهر بآرائه (بحسب قواعد كل دولة)، فإنه حر طليق يفعل ويقول ما يحلو له، طالما لا يخرق القوانين.

بمعنى خامس، جميل جداً أن يخرج علينا مسؤول "سابق" يحدثنا بكل ما أوتي من دفق حقوقي واتقاد نضالي، لكن الأجمل أن نعي أنه مسؤول سابق.

كلمة أخيرة، رئيس وزراء سكوتلاندا حمزة يوسف خرج قبل أيام متحدثاً عن والدي زوجته فلسطينية الأصل، وإنهما عالقان في غزة حيث كانا في زيارة وقت اندلاع الأحداث.

يوسف، وهو أول رئيس وزراء مسلم في أوروبا الغربية، مقيد بسياسة بلاده.

ويشار أنه أدان عملية حماس، وأعلن مشاطرة أفراد الجالية اليهودية في سكوتلاندا مخاوفهم على أفراد أسرهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 14:14 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant
  مصر اليوم - أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon