توقيت القاهرة المحلي 01:25:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس

  مصر اليوم -

سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس

بقلم - أمينة خيري

عادة تتوارى السياسة فى شهر رمضان. حتى نشرات الأخبار تتقلص، والبرامج السياسية والفقرات التحليلية تختفى أو تكاد من على الخريطة. السياسة وأحداثها وحوادثها لا تتوقف، ما يتوقف هو اهتمام الناس بها، أو فلنقل يبقى فى أضيق الحدود.

هذا العام، الوضع مختلف. فالسياسة فرضت نفسها فرضاً قبل رمضان بأشهر، وتحديداً منذ اندلاع الحرب فى غزة.

واستمرارها فى رمضان، وتعقد الأوضاع الإنسانية والمعيشية فى القطاع مع التلويح باجتياح إسرائيلى برى وصعوبة توقع ما ستؤول إليه المفاوضات والجولات المكوكية التى تضلع فيها دول عدة، ومصر فى القلب منها، جميعها عوامل فرضت السياسة فرضاً فى رمضان.

وحين يصر البعض، حتى لو لم يكن هذا البعض فى السلطة حالياً، مثل جاريد كوشنر، كبير مستشارى الرئيس الأمريكى السابق والمرشح المحتمل ترامب، على التلويح بالمقترح المرفوض شكلاً وموضوعاً بترحيل أهل غزة خارجها، سواء إلى صحراء النقب أو إلى مصر، «لحين تنظيف القطاع» كما ذكر قبل ساعات، فإن أعين المصريين وقلوبهم وعقولهم تبقى معلقة على السياسة رغم الصيام وبروتوكولاته التى تميل إلى تجميد السياسة فى الشهر الكريم.الرئيس السيسى لا يدع مناسبة تمر دون التأكيد على رفض فكرة التهجير من ألفها إلى يائها.

وعلى الرغم من تضافر قوى الخبث مع جهود أصحاب الصيد فى المياه العكرة، والصورة التى يحاولون تصديرها بأن ترحيل أهل غزة إلى سيناء هو الحل ولا حل سواه، إلا أن الإدارة المصرية أعلنتها وستظل تعلنها بكل وضوح: لا تفريط فى مصر وحدود مصر وأمن مصر القومى، كما أنه لا تفريط فى حق أهل فلسطين على أرض فلسطين.

بوابة أخرى فرضت عبرها السياسة نفسها علينا فى رمضان جاءت عبر الاتفاقية التى وقعها الاتحاد الأوروبى مع مصر، وتم بموجبها رفع مستوى العلاقات إلى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، وهذا دليل بالحجة والبرهان على موقف وموقع مصر من أكثر القضايا الأوروبية استراتيجية وأهمية ومحورية، ولو كره الكارهون.والمسألة ليست فى القيمة المادية للاتفاقية، رغم أهميتها، ولكن فيما تعنيه الاتفاقية نفسها، سواء من حيث أهمية مصر بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبى، لا لسواد عيوننا، ولكن لمكانة الدولة ومقام شعبها وموقعها الجغرافى والاستراتيجى.

وإذا كانت العوامل الجيوسياسية أثرت على مصر سلباً لأسباب لا يمكن تغييرها أو تعديل مسارها، فقد حان وقت جنى الآثار الجانبية الإيجابية لها!ومن الآثار الجانبية الإيجابية لبرنامج «نور الدين» للدكتور على جمعة أنه يفضح أعداء التطهير ويكشف النقاب عن فلزات التطرف ومحفزات الانغلاق التى تٌرِكت ترتع فى أرض مصر على مدار عقود.

أرى فى فكرة البرنامج ما يمكن وصفه بالترجمة الفعلية الأولى لتطهير الخطاب الدينى مما علق به من شوائب على مدار نصف قرن ويزيد.

وأرى فى ردود فعل البعض الرافضة -من داخل مصر وخارجها- لإجابات الدكتور جمعة التى تخاطب العقل وتتحدث لغة القلب، التى تنأى بنفسها عن رفض الآخر، والشعور الزائف بالأفضلية والفوقية الذى تم زرعه بإحكام فى عقول الكثيرين بعد ما تم سلبها فطرة التفكير، نقطة بداية لمعرفة ما يدور فى بواطن العقول.

وما يدور فيها هو نتيجة طبيعية لتشويه الخطاب الدينى الممنهج على مدار عقود حتى صار الانغلاق منهجاً والتطرف مدعاة للفخر والزهو.

فقط أتمنى أن يكون «نور الدين» بداية لدمج الثقافة والتعليم والتربية والفن والرياضة فى مسيرة التجديد والتحديث والتطهير، وليس مجرد برنامج رمضانى يسعد القلوب المشتاقة للتطهير.

وعلى سيرة السعادة، وفى مناسبة اليوم العالمى للسعادة الموافق 20 مارس، يصدر تقرير سنوى عن موقف السعادة فى العالم، وذلك بحسب مؤشرات يمكن الاطلاع عليها ببساطة. وفى كل عام تتفاخر دول بأنها الأسعد فى العالم، وتبكى شعوب دول أخرى على بؤسها وهمها ونكدها.

المثير هذا العام هو أن التقرير السنوى لفت إلى أن الشباب باتوا أكثر تعاسة من الأكبر سناً. وهذا أمر جدير بالقلق.

لكن القلق وحده لا يكفى، لا سيما أن تعاسة الشباب كانت متوقعة.لا أتصور أن جموع المؤثرين والمؤثرات ممن يخصصون أربع وخمس ساعات يومياً ليعرضوا خلالها خطوات الاستيقاظ من النوم، والذهاب إلى الحمام، وتجهيز الإفطار، وإيقاظ الأولاد، وتنظيم البيت، وقيادة السيارة أو ركوب الأوتوبيس للذهاب إلى العمل، وشراء مستلزمات البيت إلخ، أو جيوش الفتيات الـ«فاشونيستا» أو جموع الشباب الذين يلقوننا دروساً فى الفقه والفن والسياسة والاقتصاد والمطبخ والعلاقات والسفر والتاريخ والطلاق والعمل إلخ، أو الفتيات اللاتى يستيقظن من النوم صباحاً ليضعن المساحيق ثم يجلسن فى سياراتهن ويبدأن فى النحنحة والنحيب أمام كاميرا الموبايل لأسباب متنوعة من الإبرة للصاروخ، لا أتصور أن هذه الملايين سعيدة، بل هى حبيسة أثير الـ«سوشيال ميديا» وعبودية التريند ومتلازمة الأكثر مشاهدة وتعليقاً ورزع «لايكات». الأمر يحتاج قياس مؤشر بؤس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس



GMT 00:30 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

فن الكذب عند ترامب!

GMT 21:01 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أحزان عيد القيامة!

GMT 20:58 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

د. محمد غنيم رائد زراعة الكلى

GMT 20:51 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الأمور نسبية؟!

GMT 19:16 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

المفقود والمولود

GMT 19:10 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

نجوم الفضائح والتغييب

GMT 19:01 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

مجرد سؤال ليس إلا

GMT 19:00 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

سلام الأوهام مجددًا!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:23 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء
  مصر اليوم - طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر

GMT 07:37 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

أجنّة سمكة قرش منقرضة أكلت أشقائها في الرحم

GMT 04:22 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

موديلات جمبسوت خطوبة للعروس العصرية تعرفي عليها

GMT 06:59 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تتغير الظروف في الشهر الاول عما كانت عليه مؤخراً

GMT 09:34 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يسأل عن 8 ملايين دولار مستحقة لمصر لدى الكاف

GMT 01:44 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

"بسنت" يتصدر مؤشرات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon