توقيت القاهرة المحلي 13:46:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العقل قبل النقر

  مصر اليوم -

العقل قبل النقر

بقلم - أمينة خيري

كتبت، قبل أسابيع، عن لعنة «المنقووووول»! هكذا يكتبونها بعدد كبير من حرف الواو إمعانًا في إبراز أهمية المادة المنقولة، وتأكيدًا على ما فيها من درر الكلام ولآلئ الحقائق وجواهر التاريخ وقصص الأولين.

وأعاود التأكيد على أن «المنقووول» لعنة ونقمة ووبال على الأدمغة التي اتخذت قرار العيش على المنقول والمقال والقيل والقال، مع الحفاظ على المخ في وضعية التجميد. هذا الكم المريع من معلقات المنقول أخطر وأفدح كثيرًا مما نتخيل.

هذه القصة التي قالها فلان لعلان، نقلًا عن «عشرات الفلون» (جمع فلان)، وتناثرت من خلال الملايين، ليست مجرد قصة، فبيننا مَن يتعامل معها كأنها حقيقة دامغة وواقع لا مجال للبحث فيه. هذه القصة- دون مبالغة- تربَّى أجيال وتوارثها الملايين حتى تصبح صفحة حقيقية، رغم أنها مجهولة النسب والهوية.

ونسبة معتبرة من القصص التي يجرى تداولها على أثير صفحاتنا في الواقع الافتراضى، الذي يتعامل معه كثيرون كأنه الواقع المعاش، وبات يشكل توجهات وأيديولوجيات وانتماءات الملايين، هي خليط من الهراء والخيال المنسوجين بحبكة وحنكة.

وزاد طين الحبكة بلة تقنيات التزييف العميق والتزييف «النص نص». فهذا فيديو استخدم «صانعوه» تقنية ذكاء اصطناعى لتبديل الوجوه أو إنتاج نسخة رقمية، ويجرى تداوله باعتباره «شاهد ماذا حدث ليلة أمس». وهذه صورة رهيبة مخيفة يتم تداولها ملايين المرات. إنها مزيفة نصف نصف. لماذا؟، لأنها صورة حقيقية، لكن تاريخها يعود إلى عامين أو ثلاثة أو أربعة مضت.

وأطرح تساؤلات عدة: ألا يكفى الواقع البشع الذي يعيشه العالم من حروب وصراعات وكوارث، والذى لا يحتاج إلى أي إضافات لمقدار البشاعة؟ ولماذا لا يستثمر هواة الشير والنقل دقيقة أو دقيقتين من الساعات التي يمضونها أمام شاشاتهم في التدقيق في حقيقة الصورة، أو البحث في مصداقية أو منطقية القصة المنقولة عن فلان، عن علان، عن ترتان؟!.. قبل سنوات، كان الهم الكبير والشغل الشاغل للكثير من شركات وتطبيقات الإنترنت والتواصل الاجتماعى هو قلة المحتوى العربى.

اليوم، تحول جزء من نعمة وفرة المحتوى إلى نقمة، وهى النقمة التي تنتج عن ضعف الوعى وشح القدرة على التفكير المستقل وشيوع ثقافة «آمين» دون تفكير. ومازلت غير قادرة على التوقف عن التعجب والاندهاش حين أفاجأ بـ«متعلمين» تعليما يصل إلى درجة الدكتوراة وهم يتداولون- على سبيل المثال لا الحصر- ترجمات لنصوص غير عربية، قام من ترجمها بغمسها في الهوى والأيديولوجيا- بحسن نية أو سوئها- بغرض التهييج وخدمة القضية التي يؤمن بها «المترجم».

ثقافة السوشيال ميديا ليست كغيرها، والهبد على أزرار الشير دون هوادة خيبة قوية، في الدين، في السياسة، في الفن والاقتصاد والأحداث والكوارث والأفراح، لم يترك «هبيدة» السوشيال ميديا مجالا إلا واخترقوه بمحتوى مجهول النسب، وفى المقابل، لم يترك الكثير منا، كمستخدمين، قيد أنملة لتحكيم العقل قبل النقر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل قبل النقر العقل قبل النقر



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon