توقيت القاهرة المحلي 17:39:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إشغالات واشتغالات

  مصر اليوم -

إشغالات واشتغالات

بقلم : أمينة خيري

يرقص قلبى فرحًا كلما طالعت صور إزالة الإشغالات، لكن الفرحة لا تدوم والرقصة لا تكتمل، لأن ما أزيل اليوم يعود غدًا، وما يرفع ويصادر بعد غدٍ يعاود الكَرّة وهلمّ جرا. ويعيش المصريون هذه الجولات من الكر والفر، والإزالة والعودة، والإشغالات والاشتغالات منذ عشرات السنين.

صحيح أن السنوات القليلة الماضية شهدت تهاونًا فى إزالة الإشغالات ونشاطًا زائدًا فى ترسيخ الإشغالات وتوسيع رقعتها وتجذير ثقافتها، إلا أن هذا لا يمنع أن محاولات عديدة وجهودًا كثيرة تُبذل «بين الحين والآخر» للإزالة. مقهى مخالف استولى على الرصيف، ثم نزل بخطى حثيثة فاستعمر نهر الطريق، توك توك جرب حظه فى الخروج من الشوارع الجانبية التى يرتع فيها فظهر فى الشارع الجانبى، ومر ظهوره بسلام، فغزا الشارع الرئيسى ومنه إلى الميدان. سكان عمارة قرروا أن يخصصوا أماكن عدة لإيقاف سياراتهم، فحفروا لها المتاريس وأقاموا لها القراطيس. صاحب كشك رأى أن أصول العدالة الاجتماعية تحتم أن يتوسع، وتستوجب أن يتمركز فيتمدد بضعة أمتار يمين الكشك ومثلها يساره، ثم خلفه ومن ثم أمامه. تمر الأمور بسلام، فيقرر أن يأتى بكرسيين بلاستيكيين وشيشة. مجموعة من عفاريت الأسفلت تقرر أن الموقع الأمثل للراحة وبدء دورة تحميل الركاب هى الـ«يو تيرن» الموجود عند ميدان الساعة. يبدأ التمركز بسيارتين، ثم ثلاث، أربع، عشر، خمس عشرة، ويتحول شارع النزهة إلى عقدة مرورية.

ويبدو أن ثقافة الإشغال لم تعد تستوقف أحدًا أو تضايق أو تعكنن أو تمثل مشكلة لدى الغالبية. قبل يومين، قررت سيدة أنيقة تقود سيارة فارهة أن توقف السيارة بعرض الشارع أمام أحد النوادى الرياضية لحين خروج ابنتها من النادى. وبينما السيارات خلفها تصرخ، وحولها تسب وتشتم، جلست هى تتكتك على المحمول.

حِمل ضخم ينوء به المسؤولون فى مختلف الأماكن. فما أفسده التعليم الخرب، والتربية المتبخرة فى الهواء، ومنظومة الحلال والحرام التى حلت محل ما يصح وما لا يصح، والقانون الميت إكلينيكيًّا لن ينصلح بين ليلة وضحاها. لكن أخطر ما فى الموضوع هو اعتياد ثقافة الإشغالات التى تنتمى لعائلة القبح. والقبح لم يعد يزعجنا أو يهز فينا شعرة. بمعنى آخر عدم عودة الإشغالات بعد إزالتها لن يحدث إلا إذا كان الوعى العام والمزاج الشعبى والثقافة السائدة والتربية ترى فى الإشغالات والتعديات قبحًا لا تستقيم معه الحياة. وللعلم يشمل ذلك الشرط القائمين على أمر إزالة الإشغالات أنفسهم، أى أن الأفراد المنوط بهم الإزالة هم أنفسهم على الأرجح لا يرون فيها قبحًا أو عوارًا، لكنهم عبد المأمور. يصدر أمر بحملة لإزالة إشغالات المقاهى، فيتوجهون لإزالتها اليوم، وغدًا يمرون أمامها وربما يجلسون فيها. يصدر أمر بحملة لمصادرة التوك توك، فتتم المصادرة، لكن أمين الشرطة الذى صادره يستخدمه فى العودة إلى بيته.

الإشغالات والقبح ثقافة نمت وترعرعت فينا، ولأنها «ليست حرامًا شرعًا» فمفيش مشكلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشغالات واشتغالات إشغالات واشتغالات



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 11:11 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

قمة "كوكب واحد" تكرس ماكرون رئيسًا لـ"معركة المناخ"

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 16:21 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ليفربول يودع جورجينيو فينالدوم برسالة مؤثرة

GMT 10:19 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

3 قلوب ينبض بها عطر "أورا" الجديد من "موغلر"

GMT 09:59 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مجدي بدران ينصح مرضى حساسية الأنف بعدم الخروج من المنزل

GMT 03:10 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الجلود في المغرب أصالة تبقى مع مرور السنوات

GMT 16:04 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر صحفي للشركة صاحبة حقوق بيع تذاكر المونديال

GMT 00:34 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مهاجم ليرس البلجيكي يطلب فرصة مع منتخب مصر

GMT 18:49 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر يونايتد يعرض 50 مليون إسترليني لضم "بيل"

GMT 06:32 2015 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل السيفيتشي بالسلمون

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار البنا حكمًا لمباراة فريقي "الرجاء" و"دجلة"

GMT 23:41 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

فوائد فاكهة التنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon