توقيت القاهرة المحلي 03:18:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إشغالات واشتغالات

  مصر اليوم -

إشغالات واشتغالات

بقلم : أمينة خيري

يرقص قلبى فرحًا كلما طالعت صور إزالة الإشغالات، لكن الفرحة لا تدوم والرقصة لا تكتمل، لأن ما أزيل اليوم يعود غدًا، وما يرفع ويصادر بعد غدٍ يعاود الكَرّة وهلمّ جرا. ويعيش المصريون هذه الجولات من الكر والفر، والإزالة والعودة، والإشغالات والاشتغالات منذ عشرات السنين.

صحيح أن السنوات القليلة الماضية شهدت تهاونًا فى إزالة الإشغالات ونشاطًا زائدًا فى ترسيخ الإشغالات وتوسيع رقعتها وتجذير ثقافتها، إلا أن هذا لا يمنع أن محاولات عديدة وجهودًا كثيرة تُبذل «بين الحين والآخر» للإزالة. مقهى مخالف استولى على الرصيف، ثم نزل بخطى حثيثة فاستعمر نهر الطريق، توك توك جرب حظه فى الخروج من الشوارع الجانبية التى يرتع فيها فظهر فى الشارع الجانبى، ومر ظهوره بسلام، فغزا الشارع الرئيسى ومنه إلى الميدان. سكان عمارة قرروا أن يخصصوا أماكن عدة لإيقاف سياراتهم، فحفروا لها المتاريس وأقاموا لها القراطيس. صاحب كشك رأى أن أصول العدالة الاجتماعية تحتم أن يتوسع، وتستوجب أن يتمركز فيتمدد بضعة أمتار يمين الكشك ومثلها يساره، ثم خلفه ومن ثم أمامه. تمر الأمور بسلام، فيقرر أن يأتى بكرسيين بلاستيكيين وشيشة. مجموعة من عفاريت الأسفلت تقرر أن الموقع الأمثل للراحة وبدء دورة تحميل الركاب هى الـ«يو تيرن» الموجود عند ميدان الساعة. يبدأ التمركز بسيارتين، ثم ثلاث، أربع، عشر، خمس عشرة، ويتحول شارع النزهة إلى عقدة مرورية.

ويبدو أن ثقافة الإشغال لم تعد تستوقف أحدًا أو تضايق أو تعكنن أو تمثل مشكلة لدى الغالبية. قبل يومين، قررت سيدة أنيقة تقود سيارة فارهة أن توقف السيارة بعرض الشارع أمام أحد النوادى الرياضية لحين خروج ابنتها من النادى. وبينما السيارات خلفها تصرخ، وحولها تسب وتشتم، جلست هى تتكتك على المحمول.

حِمل ضخم ينوء به المسؤولون فى مختلف الأماكن. فما أفسده التعليم الخرب، والتربية المتبخرة فى الهواء، ومنظومة الحلال والحرام التى حلت محل ما يصح وما لا يصح، والقانون الميت إكلينيكيًّا لن ينصلح بين ليلة وضحاها. لكن أخطر ما فى الموضوع هو اعتياد ثقافة الإشغالات التى تنتمى لعائلة القبح. والقبح لم يعد يزعجنا أو يهز فينا شعرة. بمعنى آخر عدم عودة الإشغالات بعد إزالتها لن يحدث إلا إذا كان الوعى العام والمزاج الشعبى والثقافة السائدة والتربية ترى فى الإشغالات والتعديات قبحًا لا تستقيم معه الحياة. وللعلم يشمل ذلك الشرط القائمين على أمر إزالة الإشغالات أنفسهم، أى أن الأفراد المنوط بهم الإزالة هم أنفسهم على الأرجح لا يرون فيها قبحًا أو عوارًا، لكنهم عبد المأمور. يصدر أمر بحملة لإزالة إشغالات المقاهى، فيتوجهون لإزالتها اليوم، وغدًا يمرون أمامها وربما يجلسون فيها. يصدر أمر بحملة لمصادرة التوك توك، فتتم المصادرة، لكن أمين الشرطة الذى صادره يستخدمه فى العودة إلى بيته.

الإشغالات والقبح ثقافة نمت وترعرعت فينا، ولأنها «ليست حرامًا شرعًا» فمفيش مشكلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشغالات واشتغالات إشغالات واشتغالات



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 02:17 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

التعبير عن الاحتياجات بذكاء تواصلي مع شريكك دون انتقاد

GMT 03:54 2018 الإثنين ,25 حزيران / يونيو

إرادة ألا تكون على الهامش

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

مقتل المرء بين فكّيه

GMT 18:50 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

سرقة نجمة لبنانية مشهورة من قبل مساعدها وتلجأ إلى القضاء

GMT 08:40 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل عملي لغسل الستائر في المنزل بسهولة وفعالية

GMT 17:32 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يحدد خريطة توزيع 52 ألف تذكرة لمواجهة العين الإماراتي

GMT 17:40 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

الطلاق التعسفي

GMT 09:24 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

تأجيل موعد مباراة إنبي والإسماعيلي ساعتين

GMT 13:17 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خبير مصري يكشف عن مقترح إثيوبي بشان سد النهضة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt